لبنان والخيارات العاصفة.. حكومة الفرصة الأخيرة أو الفوضى
حذرت الدوائر السياسية في بيروت، من «حالة الإنكار والعناد» التي تضرب ساحة النخبة السياسية في لبنان، «إنكار دون اهتمام» للواقع المتردي لدولة على حافة الانهيار الشامل، و«العناد» بين الأطراف الثلاثة (الرئيس ميشال عون وصهره رئيس التيارالوطني الحر جبران باسيل، ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري).
وأشارت مصادر سياسية إلى أن ملف تشكيل الحكومة متوقف عند الشروط والمطالب التي طرحها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في مواجهة مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، ولم يتم تحقيق اي تقدم ايجابي باتجاه عملية التشكيل.
وتؤكد الدوائر السياسية في لبنان، أن الوطن أصبح أمام «الخيارات العاصفة» : إما تشكيل «حكومة الفرصة الأخيرة» لإنقاذ لبنان..وإما السقوط في دوامة الفوضى السياسية والأمنية وصولا إلى إنهيار الدولة.
عداء الحريري – باسيل يُسقط الدولة ويفكك الوطن
وبالرغم من أنه بات واضحاً للجميع، حتى للمواطن العادي، مستوى الاهتراء السياسي الداخلي، ما زال بعض اللبنانيين من النخب المثقفة والاعلامية يجنح إلى ربط استعصاء التوافق على تشكيل الحكومة بالأزمات والضغوط الخارجية ، بحسب تعبير الخبير الاستراتيجي اللبناني العميد الركن نزار عبد القادر.. ويرى أن الحواجز والموانع والمعوقات التي تمنع تشكيل الحكومة، أبرزها سياسة الانكار بين سعد الحريري وجبران باسيل، وبين سمير جعجع وجبران باسيل، والتي تترجم بمعارك اعلامية ومناورات سياسية تستنفر فيها كل طاقات التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، وحزب القوات اللبنانية.
ويبدو ان افق المعركة الشخصية المحتدمة على حلبة التأليف مرشحة للاستمرار والتصعيد، وهذا ما تؤشر اليه الطروحات الاخيرة حول تشكيل حكومة انتخابات، كبديل عن حكومة مهمة اصلاحية، وفق ما طرحته المبادرة الفرنسية.
لعبة الإنكار السياسي
ويؤكد «العميد نزار»، أن استمرار لعبة الإنكار السياسي بين الرئيسين عون ومن خلفه جبران باسيل والتيار الوطني الحر والحريري ومعه تيار المستقبل، يؤدي إلى تفكيك مؤسسات الدولة، «إسقاط الدولة وتفكيك الوطن».. واللافت هو الاصرار المتواصل على رفض كل المبادرات والنصائح والتحذيرات التي اطلقها اصدقاء لبنان العرب والدول الكبرى حول ضرورة نبذ الاحقاد والتوافق على تشكيل حكومة اصلاحية تفتح الباب امام فرص التمويل من صندوق النقد الدولي والدول الداعمة للبنان.
عقدة «الكراهية المتبادلة»
وفي هذا السياق، تؤكد مصادر سياسية عليمة، أن المعضلة في عدم تأليف الحكومة تكمن عند الكراهية المتبادلة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري والوزير جبران باسيل بينهما، بحسي صحيفة اللواء اللبنانية، وطالما ان الرئيس عون والحريري لم يبدلا ما في نفسيهما فإنه لن يتغير اي شيء, وبذلك سنكون امام مرحلة طويلة من المراوحة، مع ما يرافقها من انهيارات متتالية على كل المستويات النقدية والاقتصادية والمعيشية.
الحكومة صارت حبة رمل ضائعة في صحراء
لا شيء في الأفق يوحي بقرب الانفراج السياسي والذهاب في اتجاه تأليف حكومة تضع حداً للانزلاق المتسارع للاوضاع الاقتصادية والمعيشية نحو الهاوية، لا بل العكس فان ما هو متوافر من معطيات يشي بأن الأزمة الراهنة لا أفق لها وهي مفتوحة على كل الاحتمالات التي أحلاها مرّ، بحسب تقدير المحلل السياسي اللبناني حسين زلغوط، مؤكدا أن «النكد السياسي والعناد» يكبلان مساعي تشكيل الحكومة، وعجلة الاتصالات والمشاورات شبه متوقفة، ونافذة الخارج تجاه لبنان مغلقة، والناس في حالة ضياع كبير، حيث يقضون معظم اوقاتهم بحثاً عن مواد غذائية مخبأة في مخازن التجار، أو في الطوابير على الطرقات بانتظار الحصول على بضعة ليترات من المحروقات.
وقال «زلغوط»: الحكومة صارت حبة رمل ضائعة في صحراء..وبالرغم من هذا المشهد «المقيت» فإن المسؤولين صم بكم عمي، يتقاتلون على تقاسم «الجبنة العفنة» غير آبهين بحياة الناس ومستقبل أولادهم وانتشال البلد من الغرق المحتم بعدما وصل إلى آخر الدرك.
المراوحة الحكومية سيدة الموقف
وبالرغم من أن رئيس مجلس النواب نبيه بري حدد سقفاً زمنياً لمبادرته بأسبوعين، فان المراوحة الحكومية بقيت سيدة الموقف، وسط استمرار تقاذف التهم بالتعطيل بين اولياء الامر بهذا الشأن وتقاذف الكرة بين هذا الملعب السياسي وذاك، فالرئيس المكلف سعد الحريري ينقل عنه زواره انه ما زال على موقفه والتزاماته التي ابلغها لرئيس المجلس، وانه ليس في وارد الخضوع للضغط والابتزاز.
الفرصة الأخيرة وحبل النجاة
وفي المقابل فإن المصادر تؤكد ان رئيس الجمهورية وفريقه السياسي ما زالا على موقفهما لجهة حقه في تسمية الوزيرين المسيحيين، وهو ما يجعل الوضع الحكومي يدور في حلقة مفرغة وقاتلة، علماً بأن كل الاطراف تبدي قناعة بأن مبادرة الرئيس بري التي تحظى بمباركة دولية وعلى وجه الخصوص فرنسية، هي الفرصة الأخيرة، وحبل النجاة لانقاذ البلد مما يتخبط فيه، حيث إنه وبمجرد الاتفاق السياسي وتشكيل حكومة تخطو الخطوة الأولى باتجاه الاصلاحات فان المجتمع الدولي سيفتح خزائنه لتقديم الدعم للبنان، وهذا ما اعلنه بالأمس البنك الدولي، غير ان هذه الصرخة للبنك الدولي لم يستجب احد اليها اقله حتى هذه اللحظة.
العقد ما زالت قائمة
وقالت مصادر سياسيية مطلعة لصحيفة اللواء، إن أكثر من لقاء عقده ممثلا الثنائي الشيعي «رئيس مجلس النواب نبيه برين وحزب الله» مع باسيل، ولم يتم خلالها تحقيق اي تقدم، وكان الاخير كلما تم تذليل عقدة يطرح شرطا جديدا.وهكذا استمرت الاتصالات والمشاورات تدور في حلقة مفرغة ومن دون تحقيق اي تقدم ايجابي .
وحسب المصادر المتابعة، فالاجتماع لم يفض إلى نتئجة ايجابية، وقالت «لا أجواء تفاؤلية»، مشيرة إلى أن العقد ما زالت قائمة أمام الملف الحكومي، ولا صيغ مقبولة لتاريخه.
ويبدو ـ بحسب تلك المصادر ـ أن رئيس التيار الوطني الحر، النائب جبران باسيل، يقطع الطريق أمام أي طرح مقبول لحلحلة الأزمة، تحاشيا لتسهيل مهمة الرئيس المكلف، سعد الحريري، مايؤشر بوضوح الى عدم وجود رغبة لدى رئاسة الجمهورية لتشكيل الحكومة الجديدة برئاسة سعدالحريري مهما تردت الأوضاع !!
إضراب وطني عام..الثلاثاء
ومع فشل مساعي حلحلة معوقات تشكيل الحكومة، تفاقمت الأزمات المعيشية مع تخطي سعر الدولار 14 الف ليرة، وأعلن رئيس الاتحاد العمالي العام، بشارة الأسمر، في مؤتمر صحافي بعد اجتماع هيئة مكتب المجلس التنفيذي للاتحاد، عن توصية بتنفيذ إضراب وطني شامل يوم الثلاثاء 15 الجاري.
