توفي اللبناني، محسن حليم سليمان، اليوم الخميس، في غرفة العناية المركزة بمستشفى رياق العام متأثراً بحروق خطيرة أصيب بها، بعدما أشعل النار منذ يومين بنفسه في ساحة بلدة بدنايل احتجاجاً على الأوضاع المعيشية الصعبة.
وهي الحادثة التي تدق ناقوس الخطر وتعيد إلى الأذهان ما قام به التونسي محمد البوعزيزي قبل أكثر من عقد من الزمان، ما تبعه من موجة كبيرة من الاحتجاجات التي شهدتها البلاد أدت إلى تغيير النظام السياسي.
ورغم أنها ليست الأولى التي تشهدها لبنان، إذ حاول شخص في منتصف العقد الخامس من العمر إضرام النار في نفسه وسط مظاهرة داخل بيروت بساحة رياض الصلح في ديسمبر 2019، وحادثة أخرى في بداية العام الحالي وغيرهما، إلا أنها تأتي في وقت عصيب تزداد فيه الأزمات التي تعصف بلبنان واقتصاده.
وكثرت حوادث الانتحار مؤخراً في لبنان، نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية وتراكم الديون، حيث يواجه لبنان انهياراً اقتصادياً متفاقما في ظل أزمة سيولة حادة وارتفاع حاد في أسعار السلع الأساسية، وخسارة آلاف اللبنانيين لوظائفهم أو جرى الاقتطاع من رواتبهم.
ويعزو الخبراء الانهيارات التي تضرب لبنان وشعبه، على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلى التوتر السياسي القائم، سواء بين الطبقة السياسية، أو للتوتر التي تشهدها العلاقات اللبنانية مع عدد من الدول العربية، دول الخليج، بالإضافة إلى استشراء الفساد المالي والإداري بالبلاد.
ولا يراهن اللبنانيون على إنفراجات سريعة لأزماتهم التي تزداد تعقيداً يوماً بعد الآخر، خاصة مع انشغال الطبقة السياسية الحاكمة بالصراعات السياسية (الداخلية أو الخارجية) على حساب الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعصف بالبلاد.
وتتواصل الإضرابات والاحتجاجات في الشارع اللبناني، والتي كان آخرها اليوم الخميس، حيث أعلن سائقو قطاع النقل البري الدخول في إضراب عام احتجاجا على الارتفاع الإضافي لأسعار المحروقات.
ودعا اتحاد قطاع النقل البري إلى النزول في مظاهرات، وقطع عدد من الطرق الرئيسية المؤدية إلى العاصمة اللبنانية بيروت، وسط حالة من الغضب اجتاحت قطاع النقل البري بسبب عدم إيفاء الحكومة اللبنانية بوعودها بتصحيح أوضاعهم، خاصة في ظل عدم انعقاد مجلس الوزراء، والأزمة الاقتصادية الطاحنة التي يعيشها لبنان.
يأتي هذا الإضراب بعد أن ارتفع سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية، إذ سجل أعلى من 28 ألف ليرة، نتيجة المضاربات في السوق الموازية، بحسب المراقبين، ما أثر سلبا على أسعار المحروقات، إن توفرت.
وتشهد الليرة اللبنانية مزيدا من الانهيار، ويتم تداولها في السوق السوداء بما يقرب من 20 ضعف قيمتها قبل عامين، ما تسبب في تفاقم التضخم وانزلاق اللبنانيين إلى مزيد من الفقر وتدهور المعيشة، ويوصف الانهيار الاقتصادي في لبنان بأنه من الأسوأ في العالم منذ أكثر من 150 عاما.
وارتفع معدل التضخم وأسعار السلع الأساسية في لبنان، الذي يستورد ما يزيد على 80 % من سلعه الأساسية، وتنقص فيه الإمدادات الأساسية، من الوقود والأدوية، بالإضافة إلى القيود المفروضة على عمليات السحب والتحويلات المصرفية، وكل ذلك يؤدي إلى تفاقم بؤس اللبنانيين.
وصعدت معدلات الفقر بشكل كبير، في الوقت الذي فشلت فيه الطبقة السياسية، المسؤولة عن سنوات من الفساد وسوء الإدارة، في تقديم حلول جذرية للأزمة.
كما تعثرت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بشأن خطة التعافي بسبب خلافات سياسية وتبادل اللوم في الأزمة.
