اشتعلت المنافسة على منصب مدير عام المنظمة العالمية للتربية والثقافة والعلوم «اليونسكو» وبدأت مبكرا لعبة المصالح والسياسة، قبل موعد الانتخاب بنحو 75 يوما، حيث من المقرر عقدها في شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، بحضور أعضاء المكتب التنفيذى لليونسكو البالغ عددهم 58 دولة، لهم حق التصويت فى الانتخابات، ويضم المكتب سبعة دول عربية، وهى مصر ولبنان والسودان والمغرب والجزائر وقطر وسلطنة عمان، وسيتم اعتماد نتيجة الانتخابات فى المؤتمر العام للمنظمة فى شهر نوفمبر/ تشرين الثاني ، حيث سيتولى الفائز المسئولية يوم 15 نوفمبر/ تشرين الثاني، خاصة أن آخر يوم فى ولاية «بوكوفا» هو 14 نوفمبر / تشرين الثاني المقبل.
ويتنافس تسعة مرشحين من أجل الفوز برئاسة هذه المنظمة العريقة التى أنشئت عام 1945 وهم : المصرية السفيرة مشيرة خطاب، واللبنانية فيرا خورى، والقطرى حمد بن عبد العزيز الكوارى، والفرنسية أودرى أزولاى، والصينى تيشان تانج، وبولاد بولبلوجى من أذربيجان، وفام سان تشو من فيتنام، وجان ألفونسو فونتيس من جواتيمالا، وصالح الحسناوى من العراق.
وكانت فرنسا قد فاجأت الجميع قبل ساعات من إغلاق باب الترشيح ودفعت فى اللحظات الأخيرة بوزيرة الثقافة والاتصال بالحكومة الفرنسية، أودرى أزولاى، من خلال الرئيس الفرنسى السابق فرانسوا أولاند، دون مراجعة الخارجية الفرنسية، ليفجر هذا كثيرا من علامات الاستفهام ويثير قلق ومخاوف المرشحين حول الفرص الأكبر المتوقعة للوزيرة الفرنسية.
السوابق تؤكد أن انتخابات اليونسكو تجسد لعبة المصالح والسياسة، المتمثلة فى ضغوط الدول الكبرى المهيمنة سواء أمريكا صاحبة التمويل الأكبر للمنظمة، أو الصهيونية العالمية.. و«لعبة المصالح والسياسة» اعترضت فوز وزير الثقافة المصري الأسبق،الفنان فاروق حسنى 2009 بعد أن حاز أعلى الأصوات فى أغلب مراحل التصويت، ثم تدخلت الضغوط الأمريكية الاسرائيلية، واستطاعت التأثير على دولتين، وبذلك خسر المرشح المصري صوتين فى الجولة الأخيرة.
وليس بعيدا عن لعبة «المصالح والسياسة» القرار الفرنسي في اللحظات الأخيرة،بترشيح وزيرة الثقافة «أودى أوزلاى» ـ 45 عاما ـ وهي فرنسية يهودية من أصول مغربية، وكان والدها المستشار السابق للملك محمد السادس، أي أن الترشيح الفرنسي كان مقصودا لشخصية تنتمى أصولها للعرب، ومن حيث الديانة والعقيدة تنتمي لليهود ، ومن حيث الجنسية تنتمي للغرب، وفى آن واحد، مماقد يعزز فرصها، وقد يكون التوافق عليها أكبر من المجموعة الأوروبية، وبدعم أيضا من الصهيونية العالمية، وبالضرورة دعم الولايات المتحدة الأمريكية الخاضعة لنفوذ اللوبي اليهودي.
وفي «لعبة المصالح والسياسة» يأتي تفتيت الأصوات، بين المرشحين العرب: المصرية السفيرة مشيرة خطاب، واللبنانية فيرا خورى، والقطرى حمد بن عبد العزيز الكوارى، والعراقي صالح الحسناوى..كما دفعت الصين بمرشحها كيان تانج، وهو مايشعل المعركة أيضا ويفتت الأصوات بين الدول الصديقة.. وإذا لم يتفق العرب بشكل أو بآخرعلى المرشحة المصرية باعتبارها الأقوى، سوف يستمر الانقسام وتكون نتيجته أن العرب خارج سباق اليونسكو.
وإذا كانت المرشحة المصرية، د.مشيرة خطاب، هى الأوفر حظا بين المرشحين العرب .. فإن المرشح القطري، مستبعد عربيا، ولذلك لم يجد أفضل من ايران التى اتجه إليها بحثا عن مساندة عقب قطع مصر والسعودية والامارات والبحرين علاقتها بدولته وماترتب عليه من اعلان الدول الخليجية الثلاثة مساندتها للمرشحة المصرية، وفى اطار زيارته لها لخطب ودّها قام الكوارى بزيارة قبر الخومينى للتبرك به .. ويرى مثقفون ومفكرون عرب، أنه لايصح أن يكون أحد مرشحى اليونسكو ينتمى لدولة تدعم الارهاب فهذا يعد اساءة للمنظمة العريقة التى تدعو الى السلام ونبذ العنف.
دعم عربي أفريقي للمرشحة المصرية
وبإجماع أفريقى صارت د.مشيرة خطاب مرشحة أفريقيا ،كما حصلت على دعم عربى كبير .. وسبق للمثقفين المصريين، أن طالبوا ، عبر بيان وقع عليه 49 مثقفا ومفكرا مصريا، فرنسا بسحب ترشح وزيرة الثقافة الفرنسية، أودرى أوزلاى، لمنصب مديرعام اليونسكو، وقام أمين عام اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، الكاتب محمد سلماوي، بتسليمه للسفيرالفرنسى بالقاهرة الذى سلمه بدوره الى وزير خارجية بلاده، جان ايف لودريان، خلال زيارته الأخيرة للقاهرة لتقديمه الى الرئيس الفرنسى.. البيان قوبل باهتمام كبيرمن الصحافة الفرنسية ولقى صدى واسعاً.
وقال «سلماوي»: إنني أعرف بحكم قربى من دوائر اليونسكو، أن السفيرة مشيرة خطاب هي الأوفرحظا، وأنها أفضل المرشحين العرب، بل قالوا فى اليونسكو، إن المنافسة ستنحصر بين المصرية والفرنسية والمرشح الصينى،لكن ترشيح يهودية فرنسية يدخل بعدا دينيا فى الانتخابات، وهذا لايصح ونحن جميعا نقف ضد كل الأفكار المتطرفة داخل اليونسكو.
ويرى وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد العرابى ،مدير حملة د.مشيرة خطاب، وعضو مجلس النواب، أن الحالة الوحيدة التى ستدفع فرنسا لسحب مرشحتها اذا وجدت أن فرصها لاتضمن الفوز .. وقال: أرى أن دولة فرنسا ورئيسها لازالوا متمسكين بهذا الترشيح ،لكن اليونسكو يمثل ضمير العالم، والمثقفون هم ضمير الأمة العربية، وقد رأوا أن ذلك بمثابة تحد للاستحقاق العربى وتم فى آخر لحظة دون تنسيق ،فهذه الطريقة آثارت المتابعين لهذه الانتخابات، وقد حظى بيان المثقفين المصريين، باهتمام الاعلام الغربى، وأثارته صحف فرنسية كبرى، ولاشك سيكون له تأثيره.
.
