لغم «حقيبة المالية» يهدد صيغة النظام اللبناني برمته

ترى الدوائر السياسية في بيروت، أن رهان اللبنانيين على المبادرة التي أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإنقاذ بلدهم من الانهيار الاقتصادي والمالي، يصطدم بـ «لغم» حقيبة المالية، وأصبح الرهان أمام حائط مسدود، ولذلك بات الاحتمال القائم  اعتذار مصطفي أديب عن تشكيل الحكومة، وأنه قد يتقدم للرئيس ميشال عون، بكتاب في هذا الخصوص مطلع الأسبوع المقبل.

عقدة «حقيبة المالية»

وداخل المشهد السياسي اللبناني، يتمسك الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) بحقيبة وزارة المالية من نصيب الشيعة..ويبدو أن عقدة «حقيبة المالية» تكاد تتحوّل في تعقيداتها وتداعياتها إلى مجموعة من العقد والألغام، بحسب صحيفة اللواء اللبنانية، تهدد صيغة النظام برمته، وليس فقط إسقاط مبدأ المداورة في الوزارات بين الطوائف، حتى لا تتحول إلى إقطاعيات طائفية ومذهبية، وتُجهض العملية الإصلاحية قبل أن تبدأ.

هل أصبحت وزارة المالية حكرا على الشيعة ؟

ذكرت مصادر سياسية لبنانية، لصحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية،  أن هناك من ينصح الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بإنقاذ مبادرته باسترضاء «الثنائي الشيعي» بالإبقاء على وزارة المالية من حصته، على أن يعود للرئيس المكلف د. مصطفى أديب، اختيار اسم الوزير الشيعي الذي سيشغل هذه الحقيبة؛ لكن مثل هذا الاقتراح سيلقى حتماً رفضاً ليس من رؤساء الحكومات السابقين فحسب، وإنما من غالبية الأطراف المؤيدة لتطبيق المداورة في توزيع الحقائب، ومن بينهم من هم حلفاء لـ«حزب الله».

ومثل هذه «النصيحة» بحسب المصادر السياسية ستؤدي إلى تكريس سابقة يراد منها تثبيت وزارة المالية من الحصة الشيعية وصولاً إلى تشريعها، بتوقيع ماكرون هذه المرة، وهذا ما يشكل مخالفة للدستور وانقلاباً على اتفاق الطائف.

محاولة  انتزاع موقع ثابت للشيعة

وفي حقيقة الأمر، ليس في الدّستور اللبناني أي نصّ يكرّس حصرية وزارة محددة بطائفة محددة، ولم تذكر «وثيقة الوفاق الوطني» المنبثقة عن مؤتمر الطائف في محاضر الاجتماع عن اتّفاق يقضي بتكريس وزارة الماليّة للطائفة الشيعية، بحسب الخبير والباحث اللبناني، د.مازن خطاب، الّا ان رئيس مجلس النّواب زعيم حركة أمل، نبيه برّي، قال مراراً أنه تمّ الاتفاق على أن تكون وزارة المالية للطائفة الشيعيّة في مؤتمر الطائف، بحيث يأتي توقيع الوزير الشيعي على المراسيم في المرتبة الرابعة في السلطة التنفيذية بعد رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزير المختص.

ويقول «د. خطاب»، إنه بالعودة إلى المعلومات والمراجع المتوافرة بهذا الخصوص، نستنتج أنّ نبيه برّى بصفته رئيساً لحركة «امل» آنذاك، كان هدفه منذ البداية انتزاع موقع ثابت للشيعة في السلطة التنفيذية، وأن يكون لهم توقيعاً فيها، إضافةً الى رئاسة السلطة التشريعية.

وفي «مؤتمر جنيف» في العام ١٩٨٣، طرح برّي ان يستحدث منصب نائب رئيس للجمهورية يُسند الى شخصية شيعية، فكان الجواب ان هذا الاقتراح لا يتناسب الاّ مع النظام الرئاسي وليس مع النظام البرلماني. وفي «مؤتمر لوزان» في العام ١٩٨٤ غيّر برّي طلبه وعرض أن يكون نائب رئيس الحكومة شيعياً مع صلاحيات فسقط الاقتراح كون هذا المنصب مسند للطائفة الأرثوذكسية. وبعدها انتقل النقاش الى الاتفاق الثلاثي في دمشق، وجرى طرح موضوع «المثالثة» في السُلطة عرضياً.

ثم جاء «مؤتمر الطائف» عام ١٩٨٩ وكان التركيز على الانتقال من النظام الطائفي الى النظام المدني، وتم التوافق على تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية، واقرار قانون انتخاب خارج القيد الطائفي، وعدم طائفية الوظيفة الا في الفئة الاولى، على أن يراعى التوزيع الطائفي والحفاظ على المناصفة المسيحية – الإسلامية، وهذا ما نُشر رسمياً في «وثيقة الوفاق الوطني».

تخصيص «الماليّة» للشيعة لم يكن موضع توافق إطلاقاً

في المُقابل، يؤكّد البعض أنّ تخصيص الشيعة بحقيبة الماليّة لم يكن موضع توافق إطلاقاً فبَقي طرحًا لم يقبل به كلّ النواب آنذاك. وبالتالي ليس هناك من اتفاق مكتوب او شفهي مبرم بخصوص يعطي الشيعة وزارة الماليّة، بعكس الاتفاق الصريح على طائفة كلّ من الرئاسات الثلاثة لحين الغاء الطائفية السياسية وقيام النظام المدني.

وللتذكير، بحسب توضيح «د.خطاب»، أنّه بعد اتفاق الطائف، اسندت وزارة المالية الى الوزير الشيعي علي خليل في حكومات الرئيس سليم الحص واستمرت معه في حكومة الرئيس عمر كرامي، ثمّ انتقلت الى الوزير أسعد دياب في حكومة الرئيس رشيد الصلح. وبعدها تبدل الوضع مع أول حكومة للرئيس رفيق الحريري الذي تسلم وزارة الماليّة منذ عام ١٩٩٢ الى العام ١٩٩٨، ثمّ آلت حقيبة الماليّة الى وزراء آخرين غير شيعة منذ عام ١٩٩٨ وحتّى العام ٢٠١٤، وبعدها وصلت الى علي حسن خليل ومؤخراً الى الوزير غازي وزني.

 

«المالية» رمزا لكبرياء الشيعة!!

وفي الجانب السياسي، ترى بعض الأوساط أنّ وزارة الماليّة باتت رمزاً لكبرياء «الثنائي الشّيعي» وارتبطت بدورهم و«حقوقهم» في صنع القرار اللبناني حتى باتوا يرون كراماتهم مربوطة بها، لدرجة تسميتها بـ«الحقيبة الميثاقية» و«قدس الأقداس» للدلالة الى أنّ سقوط عرفها الشيعي سيؤدّي الى سقوط أعراف الرئاسات الثلاث وتعميم المداورة عليها وعلى مناصب الفئة الأولى.

 

مفهوم «الميثاقية»

و«الميثاقية»  تعني أي إتفاق تفاهم يتم توثيقه وفق قواعد معينة فيما يتعلق بعالم السياسة والمجتمعات والدول..وبحسب الثنائي الشّيعي، تقتضي الميثاقيّة بأن يكون منصب وزير المالية من حصّة «الشيعة»، أي تابع للثنائي الشّيعي أو من «عنديّاته»، وليس أن يكون شاغله مجرّد شخص «شيعي».. وهناك فرق كبير في التفسير !!

وأخيرا ..هل يعتذر «أديب»؟!

وهكذا ..أصبح لغم «حقيبة المالية» يهدد صيغة النظام اللبناني برمته.

وقد تكون النتيجة «المحتملة»، اعتذار أديب عن تشكيل الحكومة؛ لأن الأسس التي وُضعت وكانت المدخل لتكليفه غير قابلة للتطبيق.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]