لماذا فشلت الحكومات المتعاقبة في إصلاح النظام الصحي العراقي؟
لم ينجو النظام الصحي في العراق من دوامة الفساد والإهمال لعقدين من الزمان أو أكثر، الأمر الذي يؤشر إلى ضعف الدولة وعدم قدرتها على إصلاح هذا القطاع الحيوي.
و ظهر ذلك في تقليل ميزانيته وانخفاض عدد الأسرة بالمستشفيات.
ضياع آمال الإصلاح
وجاء مسلسل الحرائق في الوزارة ومستشفياتها ليزيد من مخاوف ضياع ما تبقى من آمال في الإصلاح.
ومنذ ثلاثة أشهر، وتحديدا في 24 إبريل/نيسان، شب حريق هائل بمستشفى الخطيب للعزل الصحي لمصابي فيروس كورونا ببغداد، حريق أودي بحياة 82 نزيلا، وتسبب في إصابة أكثر من 100 آخرين بحروق، الأمر الذي أدى إلى إقالة وزير الصحة.
وفي 2 من يوليو 2021 اندلع حريق في الطابق الرابع من مبنى مستشفى مدينة الطب وسط العاصمة بغداد أيضا، الحريق الذي لم تعرف أسبابه لم يسفر عن وقوع خسائر بشرية، لكنه ليس بالحادث الوحيد في هذه المستشفى الذي يعد من أكبر وأهم مستشفيات العاصمة العراقية.
وفي 12 يوليو الجاري، شب حريق كبير في عدد من الأقسام الإدارية والمالية بمقر وزراة الصحة ببغداد، تلته اتهامات لمسئولين عراقيين بأن الحادث مفتعل لتصفيات سياسية .
وفي مساء اليوم ذاته، التهم حريق هائل مستشفى الحسين للعزل بمحافظة ذي قار، ما أِسفر عن وفاة 107 نزلاء وإصابة 110 آخرين، ليشتعل الغضب الشعبي في المحافظة ، قبل أن يخرج رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بتلميحات بأن وراء الحادث تصفية حسابات سياسية.
وفي 17 يوليو الجاري، شهدت موجة استقالات لمديري ونواب مديري ما لا يقل عن خمسة مستشفيات في محافظة ذي قار وحدها ، تاركين إدارة المؤسسات لموظفين أقل أهلية، والدافع وفق تصريحات لمسئولين بذي قار هو الخوف من تحميلهم المسئولية في حال وقوع كارثة جديدة ، في ظل توالي الحرائق بمستشفيات العراق المتداعية.
المحاصصة الحزبية
وقال الدكتور صلاح بوشي، مدير مركز العراق للدراسات الاستراتيجية، إن الأوضاع الصحية في العراق غاية من الصعوبة، معتبرا أن السبب يعود إلى عدم وصول البلاد إلى مرحلة الاستقرار السياسي حتى الآن.
وأشار بوشي، عبر برنامج مدار الغد، إن حالة عدم الاستقرار، انعكست على أداء الوزارات والخدمات التي تقدم للمواطنين، ما يؤثر سلبا على حالتهم الصحية.
وقال بوشي، إن إدارة الدولة لم تكن إدارة مؤسساتية، معتبرا أن المحاصصة الحزبية وراء سوء الخدمات الصحية التي يتم تقديمها للمواطنين.
انعدام الرؤية
من جانبه، قال المحلل الاقتصادي، صالح الهماشي، إن المستشفيات العراقية لم تعد قادرة على تحمل الأعداد الكبيرة للمرضى، حيث زاد عدد السكان في السنوات الماضية بشكل غير مسبوق، حتى وصل إلى 40 مليون مواطن.
واعتبر الهماشي، أن الأنظمة التي مرت على العراق، لم يكن لديها رؤية واضحة لمعالجة أوجه القصور أو وضع خطة لبناء منشآت صحية أو تطوير الخدمات الموجودة.
وقال المحلل الاقتصادي، إن المستشفيات العراقية تحولت إلى “مسالخ” والمنتمون للأحزاب أصبحوا يعالجون بالخارج، حيث أن هناك كثيرين منتمين لأحزاب سياسية، غادروا البلاد للعلاج على نفقة الدولة، تاركين المستشفيات المحلية للفقراء والبسطاء من عموم الشعب.