ما زالت تبعات ونتائج مؤتمر برلين 2 بشأن الأزمة الليبية مستمرة، خاصة بعد الحشد الدولي والعربي للمطالبة بانسحاب المرتزقة والقوات الأجنبية من الأراضي الليبية، حيث حاصرت الدول المشاركة في المؤتمر أنقرة لإجبارها على سحب قواتها من ليبيا.
تعاون أمريكي ليبي
في اليوم التالي لمؤتمر برلين 2 أعًلن عن اتفاق ليبي أمريكي على ضرورة سحب القوات الأجنبية من ليبيا، حيث عقد رئيس حكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة مع وزير خارجية الولايات المتحدة أنتوني بلينكن في ألمانيا.
وخلال الاجتماع شدد الدبيبة على الأهمية الملحة لإخراج جميع المرتزقة الأجانب غير الشرعيين والمجموعات المسلحة من ليبيا لتحقيق الأمن في إطار خطة شاملة.
وأضاف الدبيبة، أن جهود حكومة الوحدة الوطنية واسعة النطاق لإعداد ليبيا للانتخابات الوطنية في ديسمبر/كانون الأول المقبل، وإعادة توحيد المؤسسات وتوفير الخدمات الأساسية، ودعم الحوكمة اللامركزية، وتحقيق التوزيع العادل للموارد والمراحل الأولى لعملية المصالحة طويلة المدى.
وشدد رئيس الحكومة الليبية بالمشاركة البناءة من الولايات المتحدة مؤكدا أنه من خلال التعاون مع الولايات المتحدة وبشكل فوري فيما يتعلق بمغادرة المرتزقة الأجانب، يمكن لليبيا أن تبدأ مرحلة جديدة لتصبح قصة نجاح ديمقراطية مستقرة وآمنة.
مواجهة مصرية تركية
احتفت وسائل إعلام ليبية بنجاح مصر في وقف المخطط التركي لعرقلة إصدار بيان في مؤتمر برلين للمطالبة بسحب القوات التركية من ليبيا.
وكشفت صحيفة المرصد الليبي نقلا عن مصادر لها عن الوفد التركي حاول تمرير فقرة بالمادة 5 تنص على ” سحب المرتزقة فقط ” الأمر الذي قوبل برفض مصر وحلفائها العرب والأجانب في المؤتمر.
وأضافت الصحيفة، أن وفد تركيا وافق على الاعتراض المصري بشرط إضافة فقرة تنص على “سحب القوات الأجنبية والمرتزقة بما لا يتعارض مع اتفاق وقف إطلاق النار ” وقد قوبلت هذه النقطة أيضًا بالرفض.
وأشارت الصحيفة إلى أن وفد مصر طلب إعادة فتح البيان بالكامل إذا اضافت تركيا أي تعديل الأمر الذي رفضته بقية الدول وأقرت البيان كما هو بما نصه ” سحب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة دون تأخير بلا إضافة التعديلات التركية.
وشددت على أن البيان صدر كوثيقة رسمية مسجلًا تحفظ تركيا على المادة 5 في ختامه وتحفظها لا يفقد البيان قيمته وهي وغيرها ملزمون بتنفيذ رغبة الليبيين وما اتفق عليه الجميع.
تعهد بالانسحاب
نجح مؤتمر برلين في إصدار بيان ختامي للتعهد كل القوات الأجنبية والمرتزقة يجب أن ينسحبوا من ليبيا بدون تأخير.
وفي ديسمبر قدرت الأمم المتحدة بنحو 20 ألفا عدد المرتزقة والمقاتلين الأجانب في ليبيا.
وأكد مصدر دبلوماسي لوكالة فرانس برس أن “عدد المقاتلين لم ينخفض بشكل كبير، لكن لدينا وقف إطلاق نار مقبول بشكل عام ومحترم في كل أنحاء البلاد.
كما نجح المؤتمر في التأكيد على أهمية اجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في 24 كانون الأول/ديسمبر.
اتفاق روسي تركي
في أول انفراجة بالأزمة الليبية عقب مؤتمر برلين جاء اتفاق بين موسكو وأنقرة على بحث إخراج 300 مسلح من ليبيا.
على جانب آخر، قال مسؤولون بوزارة الخارجية الأمريكية إن كل من أنقرة وموسكو اتفقتا على بدء مباحثات بشأن إخراج ثلاثمئة مسلح من المسلحين الأجانب في ليبيا.
وأعطى المسؤول تفاصيل حول هذه النقطة موضحا ان الفكرة انطلقت خلال القمة الأخيرة بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين.
وقال هذا المسؤول رافضا الكشف عن اسمه “نحن في مرحلة هي أن كل من الأتراك والروس وافقوا على ان ذلك يمكن أن يكون موضوعا للنقاش”.
وأضاف “الفكرة هي التباحث لمعرفة ما إذا كان بإمكان كل جانب سحب 300 سوري”
وقال المسؤول أيضا “لا يزال هناك عمل يتعين القيام به مع الأتراك والروس، هناك عدم ثقة عميق ولكن هناك أيضا إدراك أنه سيكون من المفيد تجربة شيء ما في هذا المجال”.
استمرار تركي
أكد الباحث السياسي من القاهرة أحمد عطا، أن تركيا مستمرة بإغراق ليبيا بالسلاح والمرتزقة.
وأوضح أن تركيا مازالت ترسل شحنات السلاح إلى ميناء مصراتة لتزويد المرتزقة بالأسلحة.
وأضاف أنه يجب توجيه اللوم والإنذار إلى تركيا التي تعلم جيدا مواقع التمركزات للمليشيات في ليبيا.
وشدد على أن تركيا ضربت البيان الختامي لمؤتمر برلين عرض الحائط عندما اعترضت على سحب القوات الأجنبية من ليبيا.
وأشار إلى أن البرلمان الليبي القادم سوف يشهد سيطرة إخوانية خاصة بعد تولي عماد البناني رئاسة حزب العدالة والبناء الذراع السياسي للإخوان في ليبيا.
تدخل أمريكي
أكد المحلل السياسي الليبي، كامل المرعاش، أن “برلين-1” فشل لولا التدخل الأمريكي الذي أعاد له بعض النشاط، والذي أنشأ ملتقى الحوار ونتج عنه الحكومة الجديدة، والتي اعتبرها حكومة وصاية، وأن رئيس الوزراء، عبد الحميد الدبيبة، حوّلها إلى حكومة عشائرية بامتياز.
ورأى أن مؤتمر “برلين-2” جاء على أنقاض فشل المؤتمر الأولى، وجاء ليعيد الأوروبيين إلى الملف الليبي بعد أن اختطفه الأمريكيون، وكذلك لإنقاذ ما يسمى بحكومة الوحدة الليبية.
ولفت المرعاش إلى أن مؤتمر “برلين-2” أمامه تحديات كثيرة، منوها أن هناك تسريبات بأن الدبيبة يريد طرح مبادرة كُتبت في تركيا خلال المؤتمر، وهي تستثني التواجد العسكري التركي والمرتزقة السوريين باعتبار أن هناك اتفاق موقع مع حكومة الوفاق، وهو ما سيُعد نسفا لمؤتمر برلين الثاني.
وأكد أنه بدون إخراج المرتزقة من ليبيا وتفكيك الميليشيات لن يتم تنظيم انتخابات حرة ونزيهة في ليبيا وتؤدي لاستقرار البلاد.