البث المباشر
-
الآن | أخبار الحادية عشر
منذ 8 دقيقة -
التالي | موجز الأخبار
12:00 القاهرة10:00 جرينتش -
اللاحق | القدس
12:05 القاهرة10:05 جرينتش -
أخبار الظهيرة
13:00 القاهرة11:00 جرينتش -
موجز الأخبار
14:00 القاهرة12:00 جرينتش -
الصفحه الاولى
14:05 القاهرة12:05 جرينتش -
قالت لي
14:30 القاهرة12:30 جرينتش -
الأخبار
15:00 القاهرة13:00 جرينتش -
السوق
15:30 القاهرة13:30 جرينتش -
أخبار الرابعة
16:00 القاهرة14:00 جرينتش -
الأخبار
17:00 القاهرة15:00 جرينتش -
زووم
17:30 القاهرة15:30 جرينتش
ماجد كيالي يكتب: إسرائيل ومتغيرات المجتمع والواقع والسياسة
لم تعد إسرائيل هي نفسها التي كانت في الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي، بالنسبة إلى مواطنيها اليهود، فلقد انتهى الحلم الإسرائيلي بالنسبة إلى هؤلاء، وظهرت إسرائيل الواقعية بإشكالياتها وتناقضاتها.
مثلاً، عندما قامت إسرائيل روّجت لنفسها باعتبارها الملاذ الآمن لليهود في العالم، فإذا بها اقل أمناً لهم من أي مكان أخر، فوق إنها أضحت عبئاً عليهم، وعلى البلدان التي يعيشون فيها في الغرب.
وبينما نشأت هذه الدولة لإيجاد حلّ قومي لـ”الشعب” اليهودي، إذا بها تطرح مشكلة أخرى تتمثّل بوجود “شعب” إسرائيلي، وهذا الشعب ينقسم إلى شعبين، بمعنى الكلمة، العلمانيين الليبراليين، الذين يرون انفسهم يهودا كغيرهم، والمتدينين المتعصبين، الذي يقررون أنهم وحدهم اليهود، وأن على الأخرين أن ينصاعوا لهم في الدولة اليهودية، في التشريعات وفي السلوكيات وفي الخيارات، حتى ولو كانوا، أي المتدينين، لا يخدمون في الجيش، ولا يدفعون الضرائب، بل ينالون امتيازات على حساب الآخرين؛ وقد شهدنا مؤخرا أن حاخام الطائفة السفاردية هدد بمغادرة إسرائيل في حال فرضت الخدمة الإجبارية على طلبة المعاهد الدينية، الذين تصرف عليهم الدولة، في حين أكد وزير الدفاع، مثلا، على حاجة الجيش لمزيد من المجندين، ما يوافق ما يراه قادة الأحزاب العلمانية.
هكذا، أيضا، ففي حين اُعتُبِرت إسرائيل ذاتها كـ”واحة” للحداثة، والديموقراطية الوحيدة، في المنطقة، إذا بها تبدو بمثابة دولة دينية شرق أوسطية أخرى، وتُعرّف كدولة عنصرية، تميّز على أساس الدين، وكدولة قومية لليهود، بحسب قانون أساس (2018)، فضلا عن أنها باتت تعرف كدولة تمارس الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين، أمام الرأي العام العالمي، وأمام يهود العالم، الذين احتجوا على ذلك باعتبار أن إسرائيل لا تمثلهم ولا تمثل ضحايا “الهولوكوست”.
وفي غضون كل ذلك، فإن إسرائيل لم تعد الدولة النموذج، المعنية بتأمين أعلى مستوى رفاهية لليهود فيها، لجذب المهاجرين إليها، بخاصّة بعد أن أخذتها رياح النيوليبرالية المتوحّشة، فخصخصت قطاعاتها العامة، وهمّشت مؤسساتها الكبرى (الهستدروت والكيوبوتزات والموشاف)، وقلّصت التقديمات الاجتماعية.
عديد من العوامل أسهمت في إحداث هذه المتغيرات ضمنها:
ـ التغيّر الديموغرافي، ويتمثّل في هجرة حوالى مليون يهودي من روسيا كانوا جاؤوا إليها، في عقد التسعينات، لأغراض استعمارية، نفعية، بحتة. هذا يفسّر أن هؤلاء، وجلّهم من النخبة، باتوا من عتاة المتطرّفين في إسرائيل ومن المحسوبين على الاتجاه القومي ـ اليميني، والمتمسكين بسياسة التوسّع والاستيطان، ولهم حزب (إسرائيل بيتنا) يتزعمه أفيغدور ليبرمان.
– تصاعد نفوذ التيارات الدينية وازدياد قدرتها على ابتزاز الأحزاب الكبيرة والتحكم بتشكيل الحكومة. هذا الوضع جعل رجال الدين يتحكمون بالتشريعات القانونية وبمناهج التعليم والسلوكيات في المجتمع؛ وضمن ذلك الحط من مكانة المرأة وتقييد حريات الصحافة وأنشطة منظمات المجتمع المدني. ومعلوم أن هذا الوضع بات يضغط على الاتجاهات العلمانية التي تبدي تبرّمها وتحذّر من تحوّل إسرائيل دولة دينية في المنطقة، بحيث بات ثمة من يتحدث عن وجود شعبين وثقافتين، أي العلمانيين من جهة والمتدينين من الجهة الأخرى. ومعلوم أن ذلك ينبع من التناقض الذي نشأ مع قيام إسرائيل التي برّرت نفسها بالأسطورة اليهودية (“أرض الميعاد” و”شعب الله المختار”) رغم ادعائها إنها دولة علمانية، وكذا في اعتبار اليهودية بمثابة قومية.
ـ ثمة عامل ينبغي الانتباه له (وهو ما كشف عنه أبرهام بورغ) وهو ناتج عن العلاقة الخاصّة التي تربط إسرائيل بالولايات المتحدة الأميركية. وعند بورغ فإن هذه العلاقة أثّرت سلباً على محمولات إسرائيل العلمانية، باعتبار أن الولايات المتحدة هي دولة دينية بمعنى ما، لاسيما أن المسيحية الانغليكانية (المنتشرة في أميركا) تمحض دعمها المطلق للرواية الإسرائيلية، في حين أن “أوروبا أكثر علمانية وأكثر واقعية”؛ بحسب بورغ.
والقصد هنا أن إسرائيل التي باتت أقل أوروبية وأكثر أميركية، باتت أيضاً أقل علمانية وأكثر دينية من ذي قبل. هذا كله يفسّر ملاحظة سبق أن ذكرتها بشأن أن إسرائيل باتت تتكشف عن كونها ظاهرة رجعية تسير عكس عجلة التاريخ، أي استعمارية وعنصرية ودينية. ويجدر لفت الانتباه هنا إلى أن هذه القراءة لإسرائيل باتت تجد سندا لها عند الإسرائيليين أنفسهم، الذين يرون أن دولتهم لم تعد ذاتها، وأنها تتحوّل في اتجاهات سلبية، قد تمهّد لتفكّكها وأفولها.
ومثلا، هذا ما يؤكّده شخص مثل أبرهام بورغ، وكان أحد زعماء حزب العمل السابقين، ورئيس كنيست سابق، في مقابلة معه، أجراها أنطوان شلحت وبلال ضاهر لمصلحة مجلة “قضايا إسرائيلية” (الصادرة عن مركز “مدار”، عدد شتاء 2012) لمناسبة ترجمة كتابه “لننتصر على هتلر”. ففي هذه المقابلة المهمة يرى بورغ أن إسرائيل “أصبحت أقل استقلالية مما كانت عليه إبّان قيامها” وإنها “تحوّلت متحدثة باسم الموتى… باسم كل أولئك غير الموجودين، أكثر مما تتحدّث باسم كل أولئك الموجودين”. وعنده فإن “الدولة التي تحيا على سيفها، والتي تسجد للموتى، مآلها أن تحيا في حالة طوارئ دائمة”.
وبالنسبة إلى تعريف إسرائيل لذاتها “دولة يهودية”، فبرأيه “يستحيل أن يتعايش تحت سقف واحد مع تعريفها بأنها ديموقراطية” والبديل عنده يكمن في “تحويلها دولة جميع يهودها وجميع مواطنيها”. وينعى بورغ “الحلم” الإسرائيلي بقوله: “في صبانا كانت إسرائيل مختلفة. كانت علمانية واشتراكية. تحولت إسرائيل من حيث بنيتها فأصبحت دولة رأسمالية ودينية… الدولة في 2011 ليست الدولة نفسها التي كانت في 1948. كما ينعى تيار اليسار الذي يحمله مسؤولية تأسيس إسرائيل على أساطير من نوع: “شعب بلا أرض لأرض بلا شعب” الخاطئة “لأنها تتجاهل العرب”. كما يحمله مسؤولية قيام المشروع الاستيطاني، ومسؤولية تقويض اتفاق أوسلو في كمب ديفيد (2000) بدعوى انه لم يعد ثمة شريك للتسوية.
وفيما يخصّ الفلسطينيين فإن بورغ يؤكد على “أنَّ اليهود الذين كثيرًا ما كان يتم في السابق تشريدهم، يشكِّلون هم بالذات سبب تشريد الفلسطينيين”. وأنه إذا كان “يتعين على الإسرائيليين ألاَّ ينسوا المحرقة.. ينبغي لهم أن يتعلموا.. ضرورة عدم تكرار ما حدث” عليهم وعلى غيرهم. أما بالنسبة إلى عملية التسوية فإن بورغ يعتقد بأن “معادلة دولتين لشعبين لفظت أنفاسها”. والبديل عنده يكمن في “طرح نموذج لا يبدأ من حل القضايا القومية وإنما من الالتزام بالقضايا الاجتماعية، حيث لا فرق بين اليهود والعرب، أي بمساواة كاملة.
هكذا “يكون لكل إنسان يعيش… بين نهر الأردن والبحر المتوسط الحق نفسه والمساواة نفسها… إذا كنت يهوديا أو عربيا، رجلا أو امرأة، حريدياً أو علمانياً. لكل إنسان الحق نفسه، أن يَنتخب ويُنتخب، الحق في الحياة… في التنظيم… في التعبير عن الرأي وما إلى ذلك… في دولة جميع مواطنيها… الخلاص هو في الاندماج في الشرق الأوسط… إلى حد العلاقات التامة بين الأفراد والأبناء”.
ومناسبة الحديث عن بورغ أنه كرر هذا الكلام في معرض موقفه الذي يدين فيه حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل ضد الفلسطينيين في غزة، ومع إن هذا الكلام قد لا يكون له شعبية كبيرة في إسرائيل، لكنه مترسّخ في خطابات النخبة الثقافية فيها، وهو مؤشّر مهم يكشف التناقضات التي تعتور إسرائيل، رغم كل الحديث عن جبروتها.
المتوكل طه يكتب: وطنٌ ينفجر في بطنها
أوقفه الحاجز، كانوا مستنفرين وحانقين، وبعد أن أتمّوا حفلة الذّل والتفتيش والتنبيش عن الهواء، قالوا لامرأته أن تخلع كلّ ملابسها، فثمة وطنٌ سينفجر في بطنها، وارتفع الصراخ الوحشيّ المجنون، وانغلق العقل – سيعرّونها غـَصْباً – وبعد دقائق كان دمه يشق جداول نحو الشجر اليابس على حافة المجنزرات، وامرأة تستلقي دون ثياب!
***
تتدلى من السماء مربوطاً بأخمص قدميك، وتحتك صحنُ جمرٍ بحجم المدينة، يتوهّج! تجفّ، تحترق، تتفحّم، تترمّد، تذروك الرياح.. غير أنكَ تشكّل أثراً فوق الجمر!
***
لم تتبدل عربات النحاس كثيراً، ولا الخيول أو الجنود، فلقد كانوا ينزلون بسرعة خاطفة إلى الأسواق، يبعثرون الدكك الخشبية الصغيرة، والطاولات الواطئة، فتقع عنها مِزَق الخضار والباقات وحبّات البيض والفاكهة، وكانت النساء، بثياب الحقول، يرجعن باكيات دون قطع روميّة نقدية قليلة. ومنذ سبعة وخمسين، والجنود أنفسهم يهبطون بهراواتهم، إلى البلدة القديمة في القدس، فيركلون البسطات بالبساطير، ويدعسون على إضمامات البصل الأخضر والجرجير، ويتدحرج التين والبرقوق، وتعود النساء اللاطمات دون شواقل إلى البيوت المنذورة للهدم والتطـّرف.. والزوال.
***
يقسّم إيريك فروم السلوك العدواني إلى ثلاثة أنواع: عنف للدفاع عن النفس، وعنف لإكمال الجريمة (جريمة كالسرقة والاغتصاب)، وعنف للاستمتاع بالعنف، وهذا هو العنف المَرَضيّ الاحتلالي.
***
يدهمُ الجنودُ حوش البيت الرّيفي، ويتدفّقون، ويقتحمون الغُرف والمطبخ والحمّامات والمخزن، ولا أحد!
كانت المرأة مع ابنتها الطفلة، وأكدت لهم أنه لم يأتِ إلى البيت منذ شهور، اذهبوا وابحثوا عنه.
لمعت الفكرة في ذهن الضابط؛ أحضَرَ الفتاة، ووضع باطن يديها على زهرات الأسلاك الشائكة، واحتضنها بكفيه، وراح يعصر على الأصابع الصغيرة، والأرضُ تصرخ.. تصرخ.. تصرخ، والعندمُ ينقط.. ينقط.. ينقط.
وما زال الحنّاءُ الناريُّ على الأسلاك.
***
يُروى أنَّ رجلاً عربيا كان يشتري صحيفةً كل يوم، ثم ما يكاد ينظر في الصفحة الأولى حتى يرميها على طول ذراعه، فسألوه: لماذا تفعل ذلك؟ فأجاب: يكفيني منها قراءة الوفيّات! فقالوا له، وهم في دهشةٍ من أمرهم: لكن الوفيّات لا تُنشر في الصفحة الأولى! فأجاب: مَنْ أنتظرُ موتَه سينشرون خبَره على الصفحة الأولى!
***
– من أين لِ(سالومي) قدرة الرقص مع الموت؟
– هل الثأر والانتقام حقّ لطرف واحد أم للطرفين؟
– لماذا لا تكتفي الكلاب بالنباح، وتصرّ على عضّ اللحم الحيّ؟
– متى اختلف الملح مع السكّر؟
– كيف أعرف أنني نائم؟
– مَنْ أمرَ النايَ ليذبَحني؟
– أَمَا سئمنا الفشل؟
– لماذا يذهبون إلى الحرب بعد أن وقّعوا على السلام؟
– مَنْ جعل النعمةَ تتخفّى؟
– كيف يستطيع الجَمال أن يستحوذ على الأعمى؟
– قد يصافح أحدُ السياسيين قاتلَ أطفال شعبه! ولكن لماذا يعانقه؟
***
عندما ابتنى ذلك النزل في (رام الله)، أراد تأثيثه والانتقال إليه، فأضاء به وبأهله. ونصَحوه أن يعلـّق لوحةً على فراغ الجدار، فتابع بائعي الأنتيكا والأثاث المستعمل القديم الباذخ، وأعجبته لوحة «الفهد القابض بأنيابه على عنق الغزال»، فعلّقها وسلـّط عليها الإضاءة المناسبة، وبعد ليالٍ كان الدرج وأبواب الغرف تسمع خطوات فراء مَرِن وخفيف، وثمة مَنْ يمرق ويهفّ الهواء كأطفال العاصفة.
***
صار المحتلُّ المغتصِب يجبرنا على البحث عن إنسانيته، أو نقاط التقاء معه، وإلى جلد ذواتنا، ومحاكمة ثقافتنا، ولعن أجدادنا، وإلى البحث عن أجداد آخرين، والعبث والجدوى..
إنها أوسلو يا صديقي!
***
الجواميس عندما تهرم تفقد قرونها، وتسير بتهدّل وتعب! على بعضها آثار وندوب معاركها فيما بينها، وعلى بعضها ملامح الرغَد الذي كان. لكنني أحبّ من الجواميس التي ظلّ على جلودها رائحة الضواري والكواسر التي طمعت في لحومها فرفضت!
***
الوصولُ إلى البيتِ والنومُ والضحكُ والصمتُ والصلواتُ حرامٌ حرام.
والطفلُ يلهو بعودته، أو تأخَّر ثانيةً في الطريق، سيخرجُ والدهُ باحثاً عنه، إنْ كانَ بين الجنودِ وبين الحُطام.
وحين أغيب إلى أوّل الليلِ في الأصدقاءِ، ترنّ الأماكنُ حتى أعودَ إلى قلقٍ في الظلام. ولكنني في المدائن أخرجُ، أسهرُ آكُلُ أشربُ أضحكُ أسمعُ.. ثم أعودُ إلى غرفتي، غير أني أُحدّث أهلي، وأسأل عن كل شيءٍ، وأنَّ الجميعَ بخيرٍ، لعلّي إذا نمتُ ليلاً.. أنام.
***
الإثارة التي غمرتنا .. كانت كافية لأنْ يجعلها الزلزالُ ذريعتَه في الأرض.
***
وأفزعُ، فأراني في كابوس اليقظة، وقد جفّ حلقي، وأحمد الله أنني هنا في رام الله، وأن الدوريات التي تولول بعيدة، وأن هذا الرصاص الكثيف بعيد أيضاً!
لقد اقتحموا المدينة كالعادة! ومرّوا من تحت شبابيك المسؤولين كالعادة! وقتلوا واعتقلوا واستباحوا كالعادة!
وتعود الحياة واللغة نفسها كالعادة! ونلعن اللا شيء..كالعادة!
.. وأشتاق إلى القدس كغير العادة.
***
للجنرال قرنا ثورٍ صلب، ينطح بهما ظهر الرجل السبع المجروح، فتتناثر المهج وقطع النجيع من ظهره، فتصبح البسيطة سجادة ورد قانٍ، ويواصل الثور دكّاته المالعة، فيتوقف الرجل، ويصعد بظهره، ويعبّ هواء الدنيا، ويرفع عصاه بيمينه، ويدقـّها في الأرض غضباً وإعلاناً للخلاص، فتنغرز في التراب وتخضرّ، وتتفصّد براعم، وتكبر، وتهيج، وتصبح شجرة كونية، وتتوالد…
حتى تغطي الغابةُ كل الأشياء.
***
الموت مرض، مثل أي مرض يمكن علاجه! لكنَّ أحداً لم يعمل على إيجاد ذلك الترياق، لأن الجميع أدرك من البداية أنه مرضٌ ضروريٌّ لمواصلة الحياة، إلاّ المبدعين والشعراء، فلقد أرادوا كسر القاعدة والخروج على الإجماع، لكنهم ليسوا علماء مختبرات ليجدوا ذلك الدواء، إنهم واهمون جميلون، وحالمون.. حتى الفناء.
***
تدخل الزنزانة خائفاً مرتعداً مرتبكاً، تحاول أن تجمع ذاتك، وتندس في العتمة زائغاً، تكاد تتكوم انهياراً، وشيئاً فشيئاً تتّضح الجدران، فترى كلماتٍ حَفَرها المعتقلون بأظفارهم، أو كتبوها بدمائهم، تتملاها، وتقرأها ألف مرّة، وتراها ملء العينين تطير وتدخل قلبك، وتنطبع هناك في سويداء الوجدان، فتتماسك وتنهض مثل حصان أسطوري، وتدق برمانةِ كفِّك كلَّ الأبواب الصلدة، وتنفر دماؤك، وتخطّ بإصبعك المغموسِ النهايةَ المُتَوقَّعة.
***
..سينجو القليلون، ليبدأ المُغنّي بكائيّته من لغة زائغة، مجنونة الحنين، دائخة، تبحث عمَّن بقي من الأشياء والوجوه، بعد هذا الدمار المريع.
سيقف على تلّة في البعيد، لعلّ أرضه تتراءى له، ليقول: كان كلامي العذب مخبّأً في عينيك، ولطالما قلتِ لي أن أصيح باسمك عندما أشتاقكِ، وها أنذا أصيحُ فلا تأتين!
كنتِ تشعّين بجسمكِ تحت غلالات الضباب، وها أنتِ تنغلقين على سواد تامّ.
لقد أفقدوك براءتك وعفّتكِ، وأطبق الملحُ على شفتيكِ.
لقد خرج أهلك مفزوعين، وكانوا ينظرون إلى الوراء، ودمهم يتهاطل من أجسامهم، ودموعهم ملء وجوههم، وكانت الأشجار تنخلع عن عَرْشها الأبديّ، وتجري نحوهم لتعانقهم العناق الأخير، وكانت حجارة البيوت المهدومة تتطاير باتجاههم لتقبّل رؤوسهم وأكتافهم، وتودّعهم، وتبكي وحدتها مع الجثث المترامية والصبّار اليتيم.
وظلّ السراج يرتعش في البيوت التي انذبحت، وبقي الفتيل يتغذّى من الدم الذي شخبت به الأبدان والجدران، فعبّأ حوض السراج الصغير، وهذا ما تراه يومض من بعيد في الظلام.
وليس لك الآن، أيّها المُغنّي إلّا أن تحرس السنبلة التي حملها ذلك الفتى اللاجئ، بعد أن استلّها من حقله، قبل أن يحرقوه، ووضعها في جيبه. خُذ حبّات السنبلة وابْذرْها في كل الحقول المحيطة بالأرض، لتمتلئ الحدود بالموج الأشقر.
شاهد | البث المباشر لقناة الغد
محسن أبو رمضان يكتب: في التوظيف السياسي للجوع
اختفي الحديث والتفاعل السياسي والإعلامي بما يتعلق بخطاب وقف إطلاق النار ليرتفع بدلاً منه خطاب المساعدات الغذائية والإنسانية.
استخدمت دولة الاحتلال ذلك بهدف التغطية علي عملية الإبادة الجماعية والمجازر المستمرة التي أصبحت تحدث بضجيج منخفض نسبيا عن المراحل الأولي، بحيث أصبح استشهاد مئات المواطنين يوميا خبرا عاديا مع الأسف الشديد.
فرضت دولة الاحتلال حصارا محكما ومنعت إدخال المساعدات الغذائية والطبية إلا بعدد محدود جدا من الشاحنات.
واحكمت السيطرة علي المعابر وجعلت منطقة غزة والشمال بحالة يرثي لها، حيث فقدان المواد الغذائية والوصول إلى حافة الجوع.
انتقلت حالة المواطنين في قطاع غزة من الفقر والعوز وانعدام الأمن الغذائي، والذي كان موجودا بنسب عالية قبل العدوان وارتفعت نسبته بأضعاف أثناؤه، إلى الوصول إلى مرحلة الجوع.
وتقول منظمات الأمم المتحدة إن واحدا من كل ستة أطفال يعانوا من الجوع، وإن هناك حوالي 700 ألف مواطن على خطوة واحدة من الجوع، واستشهد حوالي 25 طفلا جراء الجوع والجفاف.
تتعمد دولة الاحتلال استخدام الجوع كسلاح في حرب الإبادة الجماعية التي تشنها منذ ستة أشهر علي قطاع غزة، وتستهدف دولة الاحتلال الأونروا بوصفها عنوانا لقضية اللاجئين إلى جانب أنها تقدم الإغاثة لأكثر من مليون مواطن من غزة.
إن استهداف الأونروا يأتي في سياق حرب التجويع، حيث استشهد عشرات الموظفين التابعين لها كما تم ضرب بعض مراكز توزيع المساعدات ومدارس الإيواء.
وتتلاعب الإدارة الأميركية بالاحتياجات الإنسانية وتصنع بعض الآليات التي تحاول من خلالها إظهار «إنسانيتها» الخادعة.
واحدة من هذة الآليات تكمن بإنزال الطرود الغذائية بالمظلات، وكذلك اقتراح تدشين رصيف مائي في قبرص.
تستطيع الولايات المتحدة الضغط علي دولة الاحتلال واجبارها علي فتح المعابر البرية، ويظهر التناقض المفضوح للإدارة الأميركية عندما تستمر في تزويد دولة الاحتلال بشحنات الأسلحة والتي وصلت إلى مئة شحنة منذ بداية العدوان، وبين التباكي علي معاناة المواطنين في غزة وابتكار أدوات لتزويدهم بالمساعدات الغذائية.
واستغلت دولة الاحتلال أي تجمع للحصول علي المساعدات الغذائية، وقامت بضربها حيث استشهد العديد من المواطنين الباحثين عن لقمة العيش التي أصبحت مغمسة بالدم.
وتخطط دولة الاحتلال للسيطرة علي الموارد الاقتصادية بالقطاع كما اتضح بخطة نتياهو حول اليوم التالي.
إن اقتطاع منطقة «أمنية عازلة» علي الحدود الشرقية من قطاع غزة إلى جانب مشروع رصيف قبرص يتضمن السيطرة علي المنطقة الزراعية في قطاع غزة إلى جانب الثروة السمكية، والأهم غاز بحر غزة الغني بهذة الثروة.
ويريد الاحتلال إعادة إنتاج تواجدة الاستعماري في غزة بما يتضمن السيطرة علي الموارد الاقتصادية، وتكمن أهداف الاحتلال من وراء حرب التجويع أيضا لجعل قطاع غزة مكان غير ملائم للعيش بما يساهم بالدفع باتجاة الهجرة الطوعية.
ويستخدم الاحتلال حرب التجويع في توتير الجبهة الداخلية وضرب بنية النسيج الاجتماعي الداخلي.
ساهمت أزمة الغذاء والجوع بانتشار بعض المظاهر السلبية بالمجتمع، منها غلاء الأسعار وجشع بعض التجار والسرقات والعصابات والتعديات علي الممتلكات والموارد الخاصة، ونشر الفوضي وضرب الجبهة الداخلية أحد الأهداف التي يسعي لها الاحتلال.
يتطلب مواجهة حالة الاضطراب الداخلي تكاتف كل الجهود الوطنية من كافة الاتجاهات السياسية والفكرية بهدف حماية الجبهة الداخلية وتعزيز حالة التلاحم الداخلي.
بإمكان الفصائل الفلسطينية أن تبدأ خطوات الوحدة ضمن مبدأ الشراكة من خلال تشكيل لجان الحماية الشعبية وتقوية حالة التماسك الاجتماعي.
إن مواجهة حرب التجويع غير معزولة عن العمل الجاد لوقف العدوان وعمليات التطهير العرقي، وكذلك عن إنهاء الحصار واستمرار النضال من أجل وحدة مكونات شعبنا علي قاعدة ضمان حق في تقرير المصير.
____________________
شاهد | البث المباشر لقناة الغد
[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]
[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]
[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]
[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]