ماجد كيالي يكتب: إرهاصات نظام فلسطيني جديد أم انهيار نظام قديم

ماجد كيالي

مع توقيع اتفاق أوسلو (1993) يمكن التأريخ لمرحلة جديدة في مسيرة النظام الفلسطيني أو الحركة الوطنية الفلسطينية. بيد إنه، وعلى ضوء الأوضاع الصعبة والتطورات الخطيرة التي مرت بها تلك المسيرة طوال 27 عاما، بات يمكن الاستنتاج بأن تلك المحطة لم تكن مرحلة تطور في هذا النظام بقدر ما كانت محطة في طريق انهياره!‍

وبغض النظر عما يمكن أن تؤول إليه الأمور، فقد مثّلت مرحلة أوسلو محطة انقلاب ثانية في مسيرة النظام الفلسطيني، وفق اعتبارات متعددة لعل أهمها:

1) تحول فصائل منظمة التحرير من حركة تحرر إلى سلطة، مع ما ترتب على ذلك من تغير في الخطابات والبنى وأشكال العمل في الساحة الفلسطينية.

2) تراجع مكانة المجتمع الفلسطيني في الخارج (في أماكن اللجوء والشتات) في العمل الوطني، لصالح الداخل (أي الضفة والقطاع).

3) تحول الحركة الوطنية الفلسطينية إلى سلطة في نطاق إقليمي معين (بغض النظر عن درجة ذلك).

4) تآكل مكانة منظمة التحرير لصالح تنامي مكانة السلطة الوطنية. وقد فاقم من ذلك وجود قيادة منظمة التحرير في الداخل.

5) تحرر النظام الفلسطيني من شروط وقيود النظام الرسمي العربي، والوقوع في إسار الشروط والمحددات الإسرائيلية.

وكما قدمنا فإنه من الصعب التكهن بالمآل التاريخي لهذا الانقلاب النوعي الخطير في النظام الفلسطيني، ولكن ثمة سلبيات كثيرة وخطيرة اعتورته في حقبته “الأسلوية”، يمكن تمثّلها في المجالات التالية:

1) افتقاد القيادة الفلسطينية لأي هامش مرونة في إدارتها لصراعها التفاوضي مع إسرائيل؛ فهذه القيادة لم تعد تستطيع الذهاب بعيدا في صراعها ضد إسرائيل بالعودة إلى حيث كانت، لأن ثمن ذلك سيكون باهظا (وهو ما حصل فيما بعد)، وهي أيضا لا تستطيع الولوغ كثيرا في مسايرة الإملاءات الإسرائيلية لأن ذلك سيقوض شرعيتها في الشارع الفلسطيني؛ وهذا ما لمسناه مؤخرا في وقف التنسيق الأمني وتجميد العلاقات مع إسرائيل ثم بالتراجع عن ذلك.

2) لم تعد القيادة الفلسطينية قادرة على المناورة، كما في السابق، بسبب خضوعها للقيودات الإسرائيلية، وبسبب التغيرات في البيئة الدولية والإقليمية.

3) بروز نوع من التخوف في أوساط اللاجئين الفلسطينيين على حقوقهم التاريخية وعلى مكانتهم في العمل الفلسطيني، فمنظمة التحرير التي تعبر عنهم وتوحدهم وتشكل هويتهم تكاد تدخل في طي النسيان، ومشروع التسوية، في شروطه ومعطياته السائدة، لا يأخذ حقوقهم وأوضاعهم بعين الاعتبار، الأمر الذي عزز مخاوف الفلسطينيين على وحدتهم ومستقبلهم كشعب.

الملاحظ أن هذه الإشكاليات ظلت تعشعش في قلب النظام الفلسطيني وتضعفه وتأكل من رصيده، فاقم منها طريقة القيادة الفلسطينية في العمل والإدارة. فهذه القيادة بسبب افتقادها للمأسسة والديمقراطية والعقلانية، وبسبب الشبهات التي حامت حول سلوكها طريق التسوية، وشبهات الفساد التي باتت تحوم حول إدارتها للسلطة، لم تستطع قراءة الواقع الجديد والاستجابة لتحدياته، وهي لم تنجح في مناوراتها عليه وفي إشاراتها السياسية المتضاربة، التي اتسمت بالسذاجة والعفوية وجهل الواقع الجديد، وضعت نفسها في دائرة الاستهداف.

على ذلك يبدو من الطبيعي أن يصل النظام الفلسطيني إلى أزمته الحالية، أي إلى هذا المستوى من الفلتان والفوضى في المجالات السياسية والأمنية والمسلكية، والتي بلغت درجة غاية في الخطورة، ما ينذر بتبديد تضحيات الفلسطينيين التي بذلت طوال العقود الماضية.

المهم أن أزمة النظام الفلسطيني نابعة من إخفاقه في تحقيق التسوية السياسية التي قام على أساسها، ومن أنه لم يكن على درجة من الكفاءة والصدقية في إدارة الكفاح الوطني للشعب الفلسطيني، ما يعني أنه أخفق في مواجهة إسرائيل بالانتفاضة والمفاوضة. كذلك فإن هذا النظام فشل فشلا ذريعا في بناء الكيان الفلسطيني على أسس حديثة ومؤسسية وديمقراطية وقانونية، بسبب الطريقة الأبوية والمزاجية وعلاقات الزبائنية والمحسوبية لتي تحكمت في بنائه لمؤسساته، التي ظهرت كمؤسسات هلامية عاجزة عن تلبية حاجات الشعب.

ومع إدراكنا للأهمية الحاسمة للمصادر الداخلية في أزمة النظام الفلسطيني، فإنه لا يمكننا إغفال دور المصادر الخارجية، التي لعبت دورا كبيرا في ظهور هذه الأزمة بالمستوى الذي ظهرت عليه. بيد إنه وبغض النظر عن فعل المصادر الخارجية (الإسرائيلية والأمريكية) ومداخلاتها في أزمة النظام الفلسطيني، فإن لهذه الأزمة مصادرها التي تنبع من الواقع الفلسطيني، من بنيته المجتمعية التقليدية ـ البطركية، وركود بناه السياسية، وتغلب لغة العواطف والشعارات على لغة العقل ومعطيات الواقع وموازين القوى، وغياب العلاقات الديمقراطية، والقيادة والفردية والمزاجية؛ وكل ذلك سهل على التدخلات والاختراقات الخارجية.

لا شك أن الوضع على غاية من الخطورة، وبالتأكيد فإن النظام السياسي الفلسطيني، الذي نشأ من اتفاق أوسلو يتعرض لامتحان كبير ولتحديات خطيرة، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل ثمة بداية لنظام فلسطيني جديد؟ أم أن ما يحصل هو مجرد بداية انهيار نظام قديم لم يثبت أمام التحديات؟

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]