ماجد كيالي يكتب: إسرائيل العلمانية.. وإسرائيل الدينية

ما يجري في المسجد الأقصى في القدس، وفي الحرم الإبراهيمي في الخليل، بل وفي كل التمظهرات الناجمة عن الصراع بين إسرائيل والشعب الفلسطيني، يؤكد مجددا أن إسرائيل في طبيعتها دولة استعمارية واستيطانية وعنصرية ودينية، وكلها تتناقض مع اعتبارها ذاتها دولة ديمقراطية، أو أن ذلك تم على حساب الديمقراطية فيها، حتى بالنسبة لليهود العلمانيين من مواطنيها.

معلوم أن إسرائيل نشأت في البداية على يد التيار العلماني، أي الصهيونية العلمانية، بيد أن هذا التيار استخدم الدين كرافعة لتبرير مشروعه السياسي، ولاستقطاب يهود العالم، وظل كذلك الأمر مع حزب ماباي مؤسس الدولة بقيادة بن جوريون، الذي ورثه حزب العمل فيما بعد بقيادة جولدا مائير وشمعون بيريز واسحق رابين، لكن فيما بعد تحول مركز السياسة الإسرائيلية نحو اليمين القومي (ليكود وريث حيروت) بزعامة مناحم بيجن واسحق شامير وأريئيل شارون، بيد أن ذلك التيار تحالف مع الصهيونية الدينية، ومع المستوطنين القوميين والمتدينين.

هكذا ففي المرحلة التالية باتت، أو انزاحت، إسرائيل نحو اليمين واليمين الديني الذي بات يهيمن على أجندات الحكومات الإسرائيلية، أي أن الصورة باتت معكوسة، بمعنى أن العلمانيين الذين طابقوا بين الدين والقومية، دفعوا ثمن ذلك، إذ أضحت إسرائيل الدينية تغلب إسرائيل العلمانية، وهذا بعض ما يفسر التطورات الحاصلة في إسرائيل، والسياسات التي تنتهجها ضد الفلسطينيين.

ولنلاحظ أنه مع بضع مئات من المستوطنين المتدينين الأصوليين، باتت إسرائيل دولة متعصبة ومتطرفة وعنيفة تصارع الفلسطينيين، الذين ذهبوا للتسوية معها، على مسجد، وعلى جزء صغير من الأرض هنا وهناك، أو بضعة بيوت هنا وهناك.

ولنلاحظ، أيضا، أن إسرائيل في هذا السلوك تحرض على تخليق المقابل أو المعادل لها، أي أن وجودها بات أحد عوامل نشوء الاتجاهات الدينية المتعصبة والمتطرفة والعنيفة الأخرى، فلسطينيا وعربيا.

لا يغير من هذا الأمر واقع أن ثمة إسرائيليين ينتقدون دولتهم، التي باتت أسيرة جنون أو عصبية مستوطنين متطرفين، متدينين أو قوميين، يرونهم كأعشاب ضارة، ويندبون حظ إسرائيل العلمانية التي أضحت اليوم في خدمة الصهيونية الدينية، لأن هؤلاء لم يروا منذ البداية هذا المآل، أي مآل استخدام التيار العلماني للدين، ومطابقته بين القومية وهي معطى سياسي وتاريخي، وبين الدين.

في الواقع، فإن إسرائيل، منذ قيامها تصرفت باعتبارها دولة يهودية، أو على نحو أدق باعتبارها دولة اليهود الخاصة، وهذا ما يمكن ملاحظته من خلال “إعلان الاستقلال”، وشبكة المؤسسات، والعلم والنشيد والرموز، ومنظومة القوانين، وخاصة من قانوني “العودة”، الذي يمنح أي يهودي مهاجر إليها مكانة مواطن، و”ملكية الأراضي”، الذي يجعل أراضي فلسطين، أي ما تسميه “أرض إسرائيل”، ملكا حصريا لـ “شعب إسرائيل”، عبر “الوكالة اليهودية”، يحظر بيعه أو نقل ملكيته.

بيد أن الأهم من كل ذلك مسألتان، أولاهما، أن إسرائيل تلك لم تتصرف باعتبارها دولة لليهود فيها (الإسرائيليين) وإنما باعتبارها دولة ليهود العالم، من أية دولة، أو إثنية، في العالم، لذا فإن قانون العودة يتيح لأي يهودي في أي مكان في العالم أن يصبح إسرائيليا بمجرد مجيئه إليها، في حين منع حق العودة للاجئين الفلسطينيين. والثانية، أنها تعتبر الفلسطينيين، المواطنين فيها، مجرد مقيمين، أو مواطنين من درجة ثانية، إذ أنها عندما أقرت قانون إسرائيل كالدولة القومية لليهود، اعتبرت أن حق تقرير المصير في إسرائيل لا يشمل غير اليهود، أو “الأغيار” (الفلسطينيين من أهل الأرض الأصليين)؛ وهذا ما تم تشريعه في الكنيست، في قانون إساس (1918)، باعتبار إسرائيل كالدولة القومية لليهود.

أيضا نجم عن كل ذلك، ثلاث مشكلات، الأولى، التناقض بين اليهودية والإسرائيلية، أو بين ما يمكن تسميته بالقومية الإسرائيلية الناشئة، عن قيام إسرائيل، واعتبار اليهودية بمثابة هوية أو رابطة قومية. والثانية، تتعلق بتعريف من هو اليهودي: هل هو المتدين حصرا، أم أن ذلك يشمل اليهودي العلماني؟ وهل اليهودية قومية، أم هي دين؟ وبديهي أن هذه الأسئلة تفتح على علاقة الدين بالدولة، وعلاقة الدين بالقومية، التي استغرقت نقاشات مضنية في الوسط الأكاديمي الإسرائيلي، فضلا عن أوساط المتدينين والسياسيين والمثقفين. أما الثالثة، فتمسّ المبنى الديمقراطي في المجتمع والدولة الإسرائيليين، تبعا للسؤال عن العلاقة بين الدين والدولة. إذ أن تعريف إسرائيل باعتبارها الدولة القومية لليهود يعني إخراج المواطنين من غير اليهود من دائرة المواطنة، من الناحية القانونية، بمعنى التمييز ضدهم على أساس الدين، واعتبارهم مواطنين من درجة أدنى؛ وبديهي أن ذلك يتهدد أساسا الفلسطينيين من مواطني إسرائيل.

ما يفترض ملاحظته أن ذلك لا ينم عن واقع قوة في إسرائيل، وإنما عن توتر وتأزم وقلق، في أوضاعها الداخلية، وفي رؤيتها لذاتها، وفي علاقتها مع الفلسطينيين، والمحيط العربي، رغم كل قوتها الظاهرة. كما أن هذا التوجه يبين أن إسرائيل، التي طالما اعتبرت ذاتها واحة للعلمانية والحداثة في المنطقة، تتراجع لصالح اليمين القومي والديني فيها، لاسيما أننا نتحدث عن دولة لازالت لم تعرف حدودها لا الجغرافية ولا البشرية.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]