ماجد كيالي يكتب: الانقلاب الثاني في الخريطة السياسية الإسرائيلية

يبدو أن نتائج الانتخابات الإسرائيلية، التي جرت مؤخّراً (9/4)، تؤشّر إلى الانقلاب الثاني في الخريطة السياسية والحزبية في إسرائيل، علما أن الانقلاب الأول تم عبر نتائج انتخابات الدورة التاسعة للكنيست الإسرائيلي (1977)، إذ نجم عنها في حينه إزاحة حزب العمل (الماباي أو المعراخ سابقاً) من مركز القرار الإسرائيلي، وهو الذي كان أسس إسرائيل، وقادها طوال ثلاثة عقود، وتم في عهده ثلاثة حروب عربية ـ إسرائيلية، أي أولها وأخرها (1948ـ1967ـ1973)، لصالح تكتل ليكود الذي احتل سدّة السلطة لأول مرة منذ قيام إسرائيل.

وإذا كان الانقلاب الأول أدى إلى نشوء نوع من توازن بين الحزبين الكبيرين، أي ليكود والعمل، كما بيّنت نتائج الانتخابات التالية، بحيث توزّعت المقاعد في الكنيست العاشر (1981) 47 للعمل مقابل 48 لليكود ، وفي الكنيست الحادي عشر (1984) 44 للعمل مقابل 41 لليكود، الأمر الذي فرض التناوب على رئاسة الحكومة بين شمعون بيريز واسحق شامير، وفي الكنيست الثاني عشر (1988)  39 للعمل و40 لليكود،  فإن هذا التوازن هو الذي مكّن حزب العمل من استعادة موقعه في رئاسة الحكومة، وإزاحة ليكود، بناء على النتائج المتحققة في انتخابات الكنيست الثالثة عشر (1992) مع 44 مقعدا للعمل و32 مقعدا لليكود لليكود، بيد أن نتائج الانتخابات الحالية، للكنيست الـ21، أطاحت تماما بحزب العمل، الذي حاز فقط على ستة مقاعد، ما أزاحه إلى مكانة الأحزاب الصغيرة، لأول مرة في تاريخه، وهذا هو ما يفيد بالكلام عن الانقلاب الثاني في إسرائيل.

المغزى، أننا إزاء متغيّر على غاية في الأهمية، وثمة أسباب متعددة لتآكل هذا الحزب الذي كان أسّس إسرائيل، وأوصلها إلى الفوز في حرب 1967، التي مكّنتها من سلب فلسطين التاريخية، إضافة إلى أنه هو المسؤول عن مجمل التطور السياسي والاقتصادي والتكنولوجي والأمني الذي حققته هذه الدولة منذ قيامها، وضمن ذلك علاقاتها مع دول العالم. ولعل أهم تلك الأسباب تكمن في الآتي:

 أولاً، التغير الديمغرافي في إسرائيل، الناجم عن هجرة مليون يهودي من روسيا، في عقد التسعينيات، وهؤلاء لهم حاجات وقيم مختلفة عن المهاجرين الأوائل، الذين كانت هجرتهم سياسية أو أيدلوجية وذات قيم جمعية تمحورت حول العمل في الكيبتوتزات والخدمة في الجيش، في حين أن هؤلاء المهاجرين الروس، كانت هجرتهم ذات طابع اقتصادي نفعي وفردي. ويأتي ضمن التغيير الديمغرافي ازدياد نسبة اليهود الشرقيين (السفارديم)، بسبب الولادات، بحيث باتوا هؤلاء اغلبيه، علماً أن هؤلاء يمحضون التيارات القومية والدينية ولاءهم، بسبب ردة فعلهم على “اليهود الاشكناز”، الذين يرمز إليهم حزب العمل، أو تيارات اليسار في إسرائيل؛ علما أن التغير الديمغرافي يتم التعبير عنه في انحيازات سياسية وثقافية أو ايدلوجية كما بينّا.

ثانياً، لا بد من الأخذ في الاعتبار تغير الأوضاع الاقتصادية، ففيما كانت إسرائيل في السابق تعتمد على القطاع العام، والمؤسسات العامة، الكيبوتزات والجيش ومؤسسات الدولة، باتت الدولة منذ مجيئ ليكود إلى الحكم (أواسط السبعينيات) تنحو نحو الخصخصة، سيما مع مسايرة الاتجاهات الدولية في هذا الأمر، أي أن حزب العمل فقد خصوصيته التي ارتكز عليها لتوسيع قاعدته الاجتماعية في إطار التحولات الاقتصادية الحاصلة.

ثالثاً، ثمة سبب سياسي، أيضاً، إذ أن حزب العمل وقع أسير التناقضات التي تكتنف إسرائيل منذ قيامها، إذ كان من المتعذر عليه، مثلاً، التوفيق بين العلمانية والدين، وبين اليهود الغربيين واليهود الشرقيين، أو بين الاشتراكية والرأسمالية، أي بين الفقراء والأغنياء، أو بين كونه حزبا يريد التسوية مع الفلسطينيين أو متمسكا بالاستيطان وباحتلال الأراضي.

رابعاً، لم يحسم حزب العمل قضية التسوية مع الفلسطينيين، رغم توقيعه اتفاق أوسلو (1993)، وكما شهدنا فهو لم يستطع تنفيذ ذلك ولا حتى على مستوى تنفيذ استحقاقات الحل الانتقالي، ولا فكفكة الاستيطان من الضفة، أي أنه ترك الحزب المنافس، أي ليكود، يزايد عليه، في كل الملفات سيما في الاستيطان والأمن وإخضاع الفلسطينيين.

خامساً، كانت فترة صعود إيهود باراك إلى السلطة (1999) كارثة على حزب العمل، فهو الذي تملص من اتفاقات أوسلو مع الفلسطينيين، علما أنه كان ضدها منذ البداية عندما كان رئيسا للأركان، وهو الذي اضطرهم إلى إشعال الانتفاضة الثانية بعد افشاله مفاوضات كامب ديفيد2 (2000)، وهو الذي أضعف مكانة حزب العمل، مركزا على ذاته على حساب القادة الأخرين، وبالأخير فهو الذي ذهب الى انتخابات مبكرة، للتملص من التسوية مع الفلسطينيين، أدت إلى معاودة حزب ليكود استلام السلطة بقيادة أريئيل شارون، بنتيجة انتخابات الكنيست الـ 16 (2003).

الآن، بنتيجة الانتخابات للكنيست الـ 21 ثمة حزب أخر جديد، وهو حزب أزرق ـ أبيض، بقيادة ثلاث جنرالات، ربما يحاول احتلال مكانة حزب العمل، إذ أن معظم التحليلات تشير إلى أن مصوتي هذا الحزب الجديد، هم في الأغلب من الجمهور الذي هجر حزب العمل، ما منح حزب الجنرالات 35 مقعداً. بيد أن ذلك الاستنتاج لا يفترض أن يعفي من رؤية قيام إسرائيل مختلفة عن السابق، وأن المجتمع الإسرائيلي ينحو نحو اليمين، أكثر من أية فترة مضت، سيما أن هذا المجتمع لم يعد يرى الفلسطينيين، بعد خطط فك الارتباط، والجدران الفاصلة، وسيما أنه لا يوجد أي شيء يضغط على الإسرائيليين، في هذه الظروف والمعطيات، لا وضع فلسطيني ولا عربي ولا دولي، بل إن مجمل الأوضاع والمعطيات تؤيد إسرائيل بقيادة نتنياهو وما يمثله.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]