ماجد كيالي يكتب: النكبة ليست حدثا نتذكره إنها واقع نعيشه

ليست النكبة حدثا نتذكره كفلسطينيين، فقط، وإنما هي، أيضا، واقع عشناه ونعيشه في كل يوم، في كافة أماكن وجود شعبنا، في فلسطين التاريخية، وفي بلدان اللجوء والشتات، والمشكلة أن تلك النكبة تعيد إنتاج ذاتها، بنكبات متوالية، وبصور مختلفة في مزيد من البؤس والتشرد والحصار وانسداد نافذة الأمل.

أيضا، النكبة بالنسبة للفلسطينيين ليست فقط شأناً عاماً ولا سلب أرض وأملاك وهوية، وإنما هي استلاب حقوق، وحرمان من وطن، وهي فوق كل ذلك شأناً شخصياً، إذ انتزعت من الفلسطيني معنى حياته وحولته إلى مجرد شخص لاجئ أو رقم او حالة امنية او قضية سياسية، أو مجالا للابتزاز والمزايدة.

الحقيقة المؤسفة أن للنكبة الفلسطينية وجهان، واحد ناجم عن قيام اسرائيل واخر ناجم عن الانظمة العربية، التي اسهمت في تأبيد نكبة الفلسطينين، والتنكيل بهم ومرمطة عيشهم، وفي دفع يهود البلدان العربية للهجرة إلى إسرائيل، رغم انهم لم يفعلوها من قبل، وثمة ايضا، مقاومة وممانعة هذه النظم لقيام كيانية مستقلة للشعب الفلسطيني في الضفة وغزة واحباطها قيام حكومة عموم فلسطين، وتقديسها المخادع وتوظيفها لقضية فلسطين، وبالمقابل فهي لم تقصر في امتهانها شعب فلسطين.

ايضا يفترض إدراك أن إسرائيل مدينة بوجودها للنظام الرسمي العربي، الذي همّش المجتمعات العربية وقيدها وجعلها خارج التاريخ، وأنها مدينة لإدراكاتنا المتخلفة لواقعها وللعالم، وضمنه طريقتنا المتخلفة، الحماسية والشعاراتية والمقاومجية في مقاومتها.

في التأريخ للشعب الفلسطيني، في القرن الماضي، ثمة حدثين مؤسسين: حددا إدراكات هذا الشعب لذاته، ومكانته، وهويته، الأول، تمثل بالنكبة، واللجوء، بنتيجة إقامة إسرائيل (1948). والثاني، ولادة الحركة الوطنية الفلسطينية (1965)، وتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية ككيان سياسي جامع للشعب الفلسطيني.

الحدث الأول، لم يكن كافياً، لأنه تعريف بالسلب، وتصوير الآخرين لشعب فلسطين، سواء إسرائيل، أو الأنظمة العربية، أو الأمم المتحدة. والمعنى أنه لا يمكن لشعب العيش مع هكذا تعريف، أو تعزيز هويته به، لأنه ينطوي على الانكفاء أو الذوبان والتبدّد، سيّما مع غياب الإقليم الموحد والمجتمع الواحد، ولأن الهويات ظاهرة تاريخية، تتطور وتتعزّز أو تذهب نحو الأفول والغياب أو التحول. الحدث الثاني، المنبثق من تأسيس منظمة التحرير، ورغم انه جاء بالإيجاب، وكرد فعل على الحدث الأول، مؤكدا حضور الفلسطينيين كشعب ومنعهم من الغياب، وبالأحرى التغييب، من المكان والزمان/الرواية التاريخية، إلا أنه ظل قاصراً، إذ لم يستطع الفلسطينيون لأسباب ذاتية وموضوعية البناء عليه، وتجسيده في معطيات جغرافية وديموغرافية وسياسية، وهو ما نشهد عليه هذه الأيام، مع أفول حركة التحرر الوطني الفلسطينية، وتحولها إلى سلطة لجزء من شعب على جزء من الأرض في جزء من حقوق.

الآن، في المقارنة بين الحدثين المذكورين يبدو الحدث الأول (النكبة) الأكثر والأرسخ تأثيراً، إذ نجم عنه اقتلاع معظم الفلسطينيين من أرضهم، واخضاعهم لسلطات وأنظمة مختلفة ومتباينة، حدّت من قدرتهم على التعبير عن ذاتهم كشعب، فيما الحدث الثاني لم يستطع تغيير هذا الواقع، رغم أنه استطاع في فترة من الفترات التعويض عن ذلك بوجود المنظمة.

ما ينبغي إدراكه أن إقامة كيان السلطة الفلسطينية، بموجب اتفاق أوسلو (عام 1993)، مع استمرار الحدث الأول (النكبة)، وانحسار تأثيرات الحدث الثاني (ولادة المنظمة والحركة الوطنية)، وضعنا أمام حدث مؤسّس ثالث، منذ ثلاثة عقود، أي أكثر من الحدث الثاني، الذي استمر أقل من عقدين (1965-1982)، علماً أن هذا الحدث (إقامة كيان السلطة) لم يلغِ، بل ثبت الحدث الأول، الذي مضت عليه قرابة سبعة عقود، وألغى الحدث الثاني.

منذ قرن والشعب الفلسطيني يكافح بلا كلل، ويقدم التضحيات، رغم الظروف الصعبة، والمعطيات الدولية والعربية غير المواتية، ورغم تفوق إسرائيل في كل المجالات، يكافح من أجل حقوقه، ومن أجل أمله، الذي لا ينضب، بشجاعة منقطعة النظير، وهو ما ثبت في الأيام الماضية في يوم شيرين أبو عاقلة، يوم تشييع الصبية الصحفية الفدائية، الذي تحول إلى ملحمة بطولية، فمن جهة ثمة حملة النعش، بإيمانهم وصلابة إرادتهم، وروح التضحية والفداء عندهم، في مقابل القوات الإسرائيلية المدججة بالسلاح.

مرة جديدة، أكد الفلسطينيون في يوم شيرين، في ملحمة القدس، كفاحهم من أجل الحقيقة والعدالة، من أجل فلسطين حرة وديمقراطية، مقابل إسرائيل الاستعمارية والاستيطانية والعنصرية والدينية. مرة جديدة يؤكد الفلسطينيون اصرارهم الذي لا يلين على التطابق بين قضية فلسطين وارض فلسطين وشعب فلسطين وروايته التاريخية.

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]