ماجد كيالي يكتب: بعد 13 عامًا.. ماذا جنت «حماس» من السلطة ومن الانقسام؟

ماجد كيالي

بات عمر الانقسام الفلسطيني 13 عاما (منذ يونيو 2007)، والأهم من ذلك أنه نجم عنه خمسة مسائل: الأولى، أنه لا يوجد أي أفق لإنهاء ذلك الانقسام، إذ لم تفلح كل الاتفاقات التي عقدت طوال تلك الفترة في مكة وصنعاء والدوحة والقاهرة وغزة. والثانية، أنه لم يعزز مكانة “حماس” في إطار العملية الوطنية الفلسطينية. والثالثة، أن الانقسام فاقم أزمة الحركة الوطنية الفلسطينية، سيما مع وجود سلطتين، واحدة لحركة “فتح” في الضفة والثانية لحركة “حماس” في غزة. والرابعة، أن المشاريع الرامية لتصفية القضية الفلسطينية (مشروع ترامب لصفقة القرن، ومشروع نتنياهو للضم) باتت تستثمر في الانقسام الفلسطيني، في ترسيخ فصل الضفة عن غزة، والترويج لعدم أهلية الفلسطينيين لقيادة أنفسهم بأنفسهم. والخامسة، أنه الانقسام فاقم المصاعب التي يعيش في ظلها قرابة مليوني فلسطيني، مع ثلاث حروب مدمرة (208 و2012 و2014) مدمرة، ومع حصار مشدد.

هكذا، فمع الزمن، وبحكم السياسات الإسرائيلية، فقد بات الفصل بين الضفة وغزة، ووجود كيانين يتنازعان المكانة والتمثيل، بمثابة أمر عادي في المشهد الفلسطيني، كما بات يظهر أن ثمة على الجانبين قوى تجد مصلحتها في استمرار الانقسام، لأنها باتت تتعيّش عليه أو تستمد منه مكانتها وامتيازاتها. فوق كل ذلك فإن تحوّل “فتح” و“حماس” من حركتي تحرّر وطني إلى سلطة، كل في حيزه الجغرافي، أضعف من إدراكهما للمسؤولية الوطنية وللمخاطر التي يمكن أن تنجم عن استمرار الانقسام، في واقع يفتقر لعلاقات التمثيل والمراجعة والمساءلة والمحاسبة.

واضح من كل ذلك أن إسرائيل هي التي تستفيد من واقع الانقسام، وأن الفلسطينيين، مع قضيتهم، هم المتضرر الأول منه، لكن المسألة أخطر من ذلك بكثير، إذ أن الانقسام الفلسطيني، على هذا النحو، بات أحد علامات تفكك الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة. فوق ذلك فإن هذا الانقسام له مضاعفات خطيرة، بالنظر لتشتت مجتمعات الفلسطينيين، ما ينعكس سلبا على إدراكهم لوحدتهم ورؤيتهم لمصيرهم، وهو الأمر الذي لا يبدو في مركز اهتمامات فتح وحماس، إلى الدرجة اللازمة.

في مراجعة تاريخية، ففي النصف الأول من القرن الماضي اتسم تاريخ الفلسطينيين، في صراعهم ضد الانتداب البريطاني والاستيطان الصهيوني، بالتنازع على النفوذ والمكانة بين أقطاب الأسرتين الحسينية والنشاشيبية، الأولى بزعامة الحاج أمين الحسيني، والثانية بزعامة راغب النشاشيبي، ما بدّد طاقات الفلسطينيين وأفاد أعداءهم. وكانت سلطة الانتداب آنذاك، قد استثمرت في هذا الانقسام بل اشتغلت على تغذيته، فقد عيّنت في ذلك الوقت زعيم الأسرة النشاشيبيةو  رئيسا لبلدية القدس (1920)، وعينت الحاج أمين في منصب المفتي (1921-1937) للموازنة بين الطرفين. وبينما اتكأ الحسيني على موقعه كمفت وعلى المجلس الإسلامي الأعلى وعلى الحزب العربي الفلسطيني، فإن النشاشيبي اتكأ في صراعه مع غريمه، على رئاسته بلدية القدس (حتى 1934)، ثم على زعامته لحزب “الدفاع”. وعليه لم تنجح تجارب “اللجنة العربية العليا” (1936)، والهيئة العربية العليا (1946) في التخفيف من التنافس بين الجانبين، ما انعكس سلبا على الحركة الوطنية للفلسطينيين.

وبديهي فإن ذلك الوضع أسهم هذا الوضع في إضعاف استعداد الفلسطينيين لمواجهة العمليات التي تقوم بها الجماعة الاستيطانية اليهودية لإعلان دولتها (1948)، مع ملاحظة أن هذه الجماعة نجحت في إقامة مؤسساتها الكيانية الأولية في حضن الانتداب البريطاني، في حين أخفقت الحركة الوطنية الفلسطينية في ذلك، بسبب قيود دولة الانتداب عليها، لكن ذلك حصل أيضا بسبب انقساماتها.

وفي المحصلة، وعندما أزفت لحظة الحقيقة في إقامة دولة إسرائيل، كان الفلسطينيون في حالة ضعف، ولم يكونوا مهيئين لمواجهة هذه اللحظة، ما يفسر كل ما جرى فيما بعد، من سرعة انهيار مجتمعهم، إلى تشرد معظمهم، وصولا إلى إقامة إسرائيل، وضمنه خضوع الأراضي الفلسطينية التي ظلت خارج السيطرة الإسرائيلية للأردن (الضفة الغربية) ولمصر (قطاع غزة). أي أن ضعف الحركة السياسية الفلسطينية ليس فقط سهل إقامة إسرائيل وإنما لم يستطع تخفيف آثار قيام إسرائيل، ولا إقامة كيان فلسطيني في الضفة والقطاع.

لا أحد يعرف أي مبرر لاستمرار الانقسام لاسيما أن الفوارق بين “فتح” و“حماس” باتت ضئيلة جدا، إذ أ    ضحى ثمة توافق على هدف إقامة الدولة الفلسطينية في الضفة والقطاع، كما ثمة توافق على التهدئة أو الهدنة، كل بمصطلحاته. والمعنى أن الانقسام بات يبرر ذاته بذاته، أي بفوات الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة، وأيضا بتحولها إلى مجرد سلطة تحت الاحتلال، على حساب أي شيء أخر.

باختصار، وبصراحة، لقد خسرت “حماس” ذاتها، ولم تربح نفسها كسلطة، ولا أحد يعرف متى ستنتهي هذه القصة.

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]