ماجد كيالي يكتب: تدهور الساحة الفلسطينية في ظل قيادة أبو مازن

ماجد كيالي

قضى ياسر عرفات ثمانية أعوام رئيسا للسلطة الفلسطينية (1996ـ2004)، التي نشأت بموجب اتفاق أوسلو (1993)، في حين أن خلفه محمود عباس بات له في موقع رئاسة السلطة حتى الآن 17 عاما (2005 ـ 2022).

في محاولة تحديد ملامح كل من المرحلتين، يمكن ملاحظة أن كل واحد منهما، جمع أو احتكر في شخصه قيادة الكيانات الثلاثة، أي المنظمة والسلطة وحركة فتح، وأن لكل منهما طريقته، وبصمته، وأنه إذا كان الراحل ياسر عرفات هو الذي هندس الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة، في الخارج، ومحورها العمل المسلح، فإن محمود عباس هو الذي هندس كيان السلطة الفلسطينية في الداخل وفق خيار المفاوضة.

هكذا يجدر ملاحظة اختلاف الرجلين، في حقبة إقامة السلطة، ففي حين ظل عرفات مسكونا بتاريخه ورمزيته، ويراهن على قدرته في المزاوجة بين الطريقين معا، أي مواصلة الكفاح والتسوية، فإن عباس يختلف معه في ذلك، بانحيازه إلى خيار التفاهم مع الاحتلال لانتزاع ما يستطيع انتزاعه، وإذا كان ياسر عرفات ظل مهجوسا بشعبيته، فإن أبو مازن لا يظهر كمن يبالي بهذا الشأن، وإذا كان عرفات ظل يعتبر المنظمة بيته الأساسي فإن أبو مازن جعل السلطة في هذه المكانة.

في الواقع في عهد أبو مازن شهدت الساحة الفلسطينية هزّات عنيفة وعميقة وشديدة. ومثلا، في ظل قيادته، تعرضت حركة فتح لخسارة فادحة في الانتخابات التشريعية الثانية (2006)، وبعد ذلك انهار وضعها في قطاع غزة (2007)، ثم شهدنا انقسام كيان السلطة، بحيث أضحت حركة حماس بمثابة سلطة أحادية في قطاع غزة، وهي في ذلك باتت تنازع فتح الشرعية والقيادة والمكانة، وكل ذلك منذ أول عامين له في القيادة.

بعد ذلك، أي في غضون 15 عاما، ازداد الشرخ، أو تحولت الهزات إلى تصدعات، بحيث بات الانقسام الفلسطيني أمرا واقعا، أما منظمة التحرير فقد باتت مجرد ديكور، أو لزوم ما لا يلزم، أو كإطار استخدامي لتكريس التفرد بالسلطة، واضفاء الشرعية، كما حصل في اجتماع المجلس المركزي، مطلع هذا الشهر.

في تلك الفترة خضع قطاع غزة لحصار إسرائيلي مشدد، كما تعرض لعدة حروب، وفوق كل ما تقدم فقد شهدت عملية التسوية استعصاء، مع حرص إسرائيل على إبقاء السلطة عند حدود الحكم الذاتي، كما إن الإدارة الأمريكية تخلت عن رعايتها لعملية التسوية، وانحيازها الى الطرف الإسرائيلي، بحيث يمكن معه القول إن خيار القيادة الفلسطينية تبين عن وهم شديد، وأن هذا الخيار نجم عنه ضياع حركة التحرر الوطني بتحولها إلى سلطة، كما نجم عنه ضياع قضية اللاجئين، وتهميش منظمة التحرير، وكل ذلك أدى إلى تراجع قضية فلسطين في الأجندات العربية والدولية.

جدير بالذكر أيضا أن (أبو مازن) كان يطالب بإصلاح الوضع الفلسطيني إبان وجود الرئيس ياسر عرفات، كما كان يطالب بالفصل بين المناصب، وعدم الجمع بين قيادة فتح والسلطة والمنظمة، ولكنه حين وصل إلى السلطة تخلى عن كل تلك المطالب، بل إنه اشتغل على تكريس تفرده بقيادة المنظمة والسلطة وفتح، إلى الدرجة التي بات معها لا أحد يستطيع الاعتراض عليه، في أي من تلك الكيانات، ما أدخلها في حال مريعة من الجمود والتكلس وانعدام الفاعلية.

وكنا شهدنا آخر تمثلات ذلك في إطاحة أبو مازن بمحاولات انهاء الانقسام الفلسطيني في العام 2020، بعودته للتنسيق الأمني مع إسرائيل أواخر ذذلك العام، وبقيامه بإلغاء القرار بتنظيم الانتخابات في ابريل 2021، وكان مقررا اجراؤها في مايو من ذلك العام. كما شهدنا الدعوة المستعجلة لعقد اجتماع للمجلس المركزي الفلسطيني، قبل إنجاز التوافقات السياسية في الساحة الفلسطينية، وفي ظل الانقسام الحاصل فيها. وهذا يعني أن الغرض من ذلك الاجتماع ليس تفعيل المنظمة وليس إصلاحها، وإنما الإبقاء عليها كوظيفة استخدامية، أي كورقة في الصراع الجاري على السلطة في الساحة الفلسطينية، وهو ما تم التعبير عنه في فرض موالين في المواقع الشاغرة في المنظمة.

وفي السياق ذاته، فإنه في عهد أبو مازن جرت عملية الانزياح في الخطاب الفلسطيني باختزال الشعب الفلسطيني إلى الفلسطينيين في الضفة والقطاع، واختزال قضيتهم إلى مجرد كيان في هذه الأراضي، وباتت قضية الفلسطينيين كأنها قضية تتعلق بمكانة السلطة، وتمكينها من إدارة الضفة والقطاع، وقضية مساعدات إنسانية، وتحسين أحوال معيشية، وقضية مستوطنة هنا او هناك، في نسيان للمبادئ الأساسية التي تأسست عليها، في منتصف الستينيات، فتح ومنظمة التحرير والفصائل، أي قبل احتلال الضفة والقطاع (1967).

من كل ذلك يمكن الاستنتاج أن قضية شعب فلسطين وحركته الوطنية تشهد – في ظل قيادة (أبو مازن) لها – مرحلة تأسيسية جديدة تختلف تماما عن سابقاتها، وهو يستطيع تحقيق هذه النقلة في الساحة الفلسطينية رغم خطورتها، أولا من موقعه في رئاسة السلطة الذي يجعله متملكا لموارد هذه الساحة وقراراتها. وثانيا، بحكم ترهل حركة فتح وخبو طاقتها الكفاحية، وتشبثها بامتيازات السلطة على حساب وضعها كحركة تحرر وطني تناضل لدحر الاحتلال. وثالثا، بحكم الانقسام الفلسطيني وسياسات حركة حماس الخاطئة والتي تسهل على (أبو مازن) فرض توجهاته وقراراته السياسية والإدارية. ورابعا، بسبب ضعف الفصائل الفلسطينية (التي تعمل خارج استقطابي فتح وحماس)، وعدم قدرتها على توضيح ملامحها، مع ملاحظة غياب أو هامشية فصائل اليسار. وخامسا، بسبب حال التعب والإرهاق والإحباط التي أصابت الفلسطينيين في الأرض المحتلة، من مواجهتهم أعمال التقتيل والتدمير والحصار الإسرائيلية، التي استنزفت قواهم وطاقتهم، بخاصة مع القيود أو الحالة التسلطية التي فرضتها السلطة (في الضفة وغزة)، والتي حالت دون قيام مجتمع فلسطيني، أو حراكات شعبية فلسطينية. وسادسا، بحكم أن (أبو مازن) يتمتع اليوم بدعم منقطع النظير من الإطارين الدولي والعربي، في وضع فلسطيني خاص تعتبر فيه الشرعية العربية والدولية أهم من الشرعية الوطنية.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]