ماجد كيالي يكتب: حرب إسرائيل ومقاومة الفلسطينيين.. ملاحظات واستنتاجات

ماجد كيالي

لا يبدو أن حرب إسرائيل ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، أو في الضفة أو القدس أو مناطق 48 ستتوقف، لا مع تسوية، ولا من دونها، فهي فقط يمكن أن تتعدد أشكالها، ومستوياتها، بالوسائل الناعمة أو الخشنة، العسكرية أو المدنية.

يمكن تفسير ذلك بطبيعة إسرائيل، ونشأتها التاريخية، وصورتها عن ذاتها، كدولة استعمارية واستيطانية وعنصرية (بتأكيدها أنها دولة قومية لليهود)، لذا فهي تعتبر نفسها في حرب وجودية دائمة ضد الآخر، أو الأغيار، أي ضد الشعب الفلسطيني، لإزاحته من المكان والزمان والمعنى، أو لاخضاعه وفرض إرادتها وروايتها عليه، مستغلة في ذلك جبروتها العسكري، وتمتعها بقوة مضافة من دعم وتغطية الولايات المتحدة الأمريكية لسياساتها، ويأتي ضمن ذلك عمليات القتل والاعتقال والحصار والاستيطان ومصادرة الأراضي وهدم البيوت ومحاولات تهويد القدس.

هذا ما يفسر شنها حملة عسكرية في مدينة نابلس، قتلت فيها أربعة شبان، بعد يوم من وقف حربها على غزة، التي ذهب ضحيتها 49 فلسطينيا، في ثلاثة أيام، في حين قامت بعمليات اعتقلت فيها عشرات الفلسطينيين من الشباب في مدن الضفة الغربية وضمنها القدس، إضافة إلى تشجيعها المستوطنين المتدينين المتطرفين على استباحة المسجد الأقصى، علما بأنها في كل ذلك لا تبالي بمواثيق دولية، ولا باتفاقات تسوية (وضمنها اتفاق أوسلو)، ولا بالسلطة الفلسطينية، التي تتعمد إهمالها وامتهانها وإضعافها أمام شعبها، رغم التزام تلك باتفاقات “التنسيق الأمني”!

والفكرة هنا أن ثمة مشكلة كبيرة لإسرائيل، إذ في حرب وجودية، أو صفرية، لا يمكن لأحد الانتصار، وهذا ما أكدته التجربة طوال قرن، فالعنف يولد العنف، والاحتلال والقهر والتعسف والهيمنة يولد الغضب والرفض والمقاومة، بمعنى أنه لا يوجد حل عسكري للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي رغم جبروت إسرائيل.

أما من جهة الفلسطينيين فإنهم في هذه الحرب المستمرة، أو في هذا الصراع المضني والطويل والصعب، باتوا من الناحية العملية مكشوفين لوحدهم، إذ التعاطف العربي أو الدولي لا يحميهم أو لا يجنبهم القصف الإسرائيلي، ولا انتهاك الحقوق، ولا الحصار، ولا عمليات القتل والاعتقال ومصادرة الأراضي.

ومشكلة الفلسطينيين أيضا أنهم في كفاحهم باتوا يعتمدون على إيمانهم بحقوقهم وبقضيتهم، وبعنادهم، وباستعدادهم للتضحية، في واقع فلسطيني غاية في الضعف والهشاشة، أو في ظل كيانات سياسية باتت متقادمة ومستهلكة، ولم تعد تضيف شيئا، يفاقم من ذلك افتقاد الفلسطينيين لكيان سياسي جامع، ولاستراتيجية سياسية وكفاحية واضحة، تمكنهم من مراكمة نضالاتهم، واستثمار تضحياتهم، وتحويلها إلى إنجازات سياسية، بحيث لا تغدو تضحياتهم وبطولاتهم من دون تأثير سياسي أو عوائد سياسية تتناسب مع كل ذلك.

يفاقم من وضع الفلسطينيين أنهم يواجهون سياسة إسرائيلية ممنهجة ومدروسة ضدهم، في حين يواجهون تلك السياسات في ظل حال الانقسام في نظامهم السياسي، وفي ظل التنازع والاختلاف بين الفصيلين المهيمنين على السلطة في الضفة وغزة، وفي واقع بات فيه الفلسطينيون مهمشون، سواء في الداخل في طبيعة علاقة السلطة بهم، وفي الخارج تبعا لتهميش منظمة التحرير، بعد التحول إلى سلطة.

على ذلك فإن الفلسطينيين، سواء في مواجهتهم للسياسات الإسرائيلية، أو في محاولاتهم توحيد جهودهم والارتقاء بأوضاعهم، معنيون بإجراء مراجعة شاملة، مسؤولة ونقدية لواقع كياناتهم، ولخطاباتهم، وأشكال كفاحهم، وعلاقاتهم الداخلية.

وبالتأكيد فإن هذا يعني، أولا، التركيز على إعادة بناء البيت الفلسطيني (المنظمة والسلطة والفصائل والمنظمات الشعبية)، على أسس جديدة، تمثيلية ونضالية وديمقراطية، تستفيد من التجربة السابقة، وتأخذ في الاعتبار التحولات الحاصلة، في الوضع الفلسطيني والإسرائيلي والعربي والدولي. ثانيا، إدراك أن التجربة السابقة، التي أنبنت في الستينيات والسبعينيات أضحت متقادمة، ومستهلكة، وأنه يجب خط طريق جديد أكثر جدوى. ثالثا، هذا يتطلب أيضا إدراك أن كفاح الفلسطينيين لا يقتصر على مواجهة إسرائيل فقط، وإنما هو يشمل صمودهم في أرضهم وبناء كياناتهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية، في آن معا.

أخيرا، فإن هذا النوع من النقاش لا علاقة له بمشروعية المقاومة، بكل أشكالها، فهذا أمر مفروغ منه؛ إذ أنّ أيّ شعب يخضع للاضطهاد والاحتلال من حقّه المشروع أن يقاوم ذلك، لكن تلك المقاومة يفترض أن تخضع لإستراتيجية سياسية وعسكرية واضحة ويمكن استثمارها، ويجب أن تخضع لحسابات الكلفة والمردود (النسبية)، وأن تستفيد من التجارب السابقة، وأن تؤدي إلى إضعاف واستنزاف العدو، لا إلى إضعاف مجتمعنا واستنزافه. وربما يجدر التنويه هنا إلى أن كل ما تقدم لم يعد نتاج تحليل، فقط، إذ كان يمكن أن يكون ذلك لو أننا كنا في بداية كفاحنا الوطني، في الستينيات والسبعينيات، وإنما هو نتاج تجربة 57 سنة، وعلى ضوء المآلات والإخفاقات التي وصلنا إليها؛ لذا فإنّ إنكار الواقع، والمبالغة بالذات، والاحتكام للعواطف، والرغبات، وإسكات النقد بدعوى أنّ “لا صوت يعلو فوق صوت المعركة”، لا يفيد شيئاً، بدليل ما وصلنا إليه، رغم كلّ أحاديثنا عن شعب الجبّارين وعن زلزلة الأرض تحت أقدام إسرائيل.

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]