ماجد كيالي يكتب: حزب الله كميلشيا طائفية وكذراع إقليمية لإيران

بات حزب الله، منذ زمن طويل، بمثابة جيش لـ”دولة حزب الله”، حتى أن أمينه العام يفتخر بأن تعداد هذا الجيش يناهز المئة ألف، وأن سلاح هذا الحزب وذخيرته وموارده هي من إيران، وأن مرجعيته مستمدة من “الولي الفقيه” في إيران، وهو “صاحب الزمان”، بحسب تعبيره. وكان المفكر اللبناني وضاح شرارة تحدث عن ذلك بشكل مبكر في كتاب له عنوانه: دولة “حزب الله” (دار النهار 1996)، وها هو هذا الجيش يهيمن على لبنان، ويتواجد في سوريا دفاعا عن نظام الأسد، كما يتواجد في لبنان وحتى في اليمن، كذراع إقليمية لإيران، ولما يسمى فيها الحرس الثوري.

هكذا فإن معنى وجود دولة لجيش، مع مؤسسات خدماتية، يفيد بالضرورة بوجود موارد مالية، وعلاقات اقتصادية ريعية، تمكن تلك “الدولة” من الوجود، وذلك الجيش من النشاط، ما يفسر، أيضاً، ضمور الدولة الظاهرة (لبنان)، ونمو الدولة الباطنة المتمثلة بـ”حزب الله” ومؤسساته، لا سيما أنه بات يتحكم بخيارات لبنان الداخلية والخارجية، السياسية والاقتصادية.

وفي الواقع، فقد وصلت قوة “حزب الله” إلى حد أنه لا يجاهر فقط بمصادر تمويله المعروفة للقاصي والداني، متحدياً الدولة، إذ إنه يتبجح، أيضاً، بأنه لا يتضرر البتة، أو لا يتأثر سلباً، بكل الضغوط السياسية، أو الأحوال الاقتصادية الصعبة، التي يتأثر بها الشعب اللبناني. فبحسب قول أمينه العام في أحد خطبه: “معاشاتنا وصواريخنا وأكلنا وشربنا من الجمهورية الإسلامية في إيران”، بل إن جبروت القوة وصل به حد توجيه الاتهام لأي طرف لبناني آخر بتمويل خارجي، وكأنه بات هو الدولة، أو كأن إيران باتت جزءاً من لبنان، أو أنه يتصرف كأن لبنان جزءاً من إيران، وهو القائل: “خامنئي قائداً وسيدنا وحسين هذا الزمان”.

ومن البديهي أن التدفقات المالية والتسليحية الإيرانية لهذا الحزب منذ إنشائه (مطلع الثمانينات من القرن الماضي)، بواسطة “الحرس الثوري” الإيراني، مكّنته من تحقيق الهيمنة في البيئات التي يشتغل فيها، بداية، وفرض سيطرته الأحادية فيها، إلى أن أضحى بمثابة دولة بكل معنى الكلمة مع جيش ومؤسسات، بدعم من النظام السوري. بيد أنه في مرحلة تالية أضحى ذلك الحزب يشتغل، أيضاً، على تنمية موارد “دولته” الخاصة، من خلال إنشاء شركات، مالية وتجارية وخدماتية وصناعية، وكلها خارج السيستم الاقتصادي، أو العملية الانتاجية، للبنان، مع نظام للتملص من الضرائب، ومع قنوات التهريب لبضائع مشروعة أو غير مشروعة، كما بات معلوما.

ما يفترض ملاحظته هنا أن “دولة حزب الله” تلك أنبنت على ركائز عدة، أهمها:

– أولاً، القاعدة الاجتماعية/ الطائفة، مع تمييزنا هنا بين الطائفة كجماعة دينية، وبين الطائفية التي تضفي طابع الوظيفة السياسية، أو الاستخدامية لجماعة معينة.

– ثانياً، الميليشيا المسلحة، بمعنى أن “حزب الله” ما كان له أن يكون بتلك القوة لولا أنه حزب مسلح، وهذا ليس شيئاً ثانوياً في معادلات، أو حسابات، القوة في السياسة في لبنان.

– ثالثاً، وجود دولة مركز، وهي إيران، بمعنى أن ذلك الحزب لا يشتغل لحسابه وإنما يشتغل كذراع إقليمية لإيران في لبنان وفي المشرق العربي، وهذا بالتأكيد بالضد من مصلحة “شيعة” لبنان، ومصلحة كل اللبنانيين؛ علماً أن هذا الحزب هو الذي أدخل الاعتقاد بمبدأ “ولاية الفقيه” في مذهب الشيعيّة اللبنانية، وهو الأمر الذي عارضه العديد من أئمة الشيعة الكبار في لبنان (كما في النجف في العراق).

– رابعاً، واضح أن وجود إيران، وإغداقها المال والسلاح على “حزب الله”، وتوفير حليف بحجم النظام السوري في لبنان، مكّنه من الوجود على هذا النحو الذي أصبح عليه، إذ إنه فيما بعد خروج الجيش السوري من لبنان استطاع فرض ذاته بقوته الذاتية، بدليل اعتصام الـ18 شهراً في أواخر عام 2006، حول السرايا الحكومية في بيروت لإسقاط حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، وهو الأمر الذي توّج باستعراض القوة لمجاميع “القمصان السود” في بيروت.

باختصار المشكلة مع “حزب الله”، لا تكمن في طابعه الديني، فهذا شأنه، وإنما هي تكمن في المجالات الآتية:

– أولاً، ادعاؤه أنه “حزب الله” وهذا افتراء على الذات الإلهية ومحاولة احتكار لاسم الله، وهو ما يتبدى في استدعائه الخطاب الديني في معاركه وخياراته السياسية، على نحو ما نلاحظ في خطابات زعيمه.

– ثانياً، انه حزب لجماعة دينية محددة ترتكز على إعلاء شأن العصبية الطائفية، في خطاباته وبنيته الداخلية، وهذا ما ينزع عنه صفة أنه حزب وطني لبناني، لا سيما مع تابعيته لمرجعية “الولي الفقيه”، أي للمرشد الأعلى في إيران، وصيحاته أن “لبيك يا حسين” و”هيهات منا الذلة”؛ بخاصة مع عدم شموله في تركيبته على لبنانيين، من مختلف المكوّنات الطائفية والمذهبية.

– ثالثاً، الطابع المافيوي لبعض أنشطته، أو إظهار قدرته على السيطرة والترويع، يأتي ضمن ذلك عمليات اغتيال الخصوم التي شهدها لبنان، قبل اغتيال الحريري (2005) وبعده، والتي وضعته موضع الشبهة، وضمنها عمليات اغتيال شخصيات “شيعية” مؤثرة في الحياة الثقافية ولبنان، من حسين مروة إلى مهدي عامل وصولاً إلى لقمان سليم.

– رابعاً، إن هذا الحزب ينتمي الى منظومة الأحزاب الدينية “السلفية”، التي تؤدي دوراً كبيراً في تأجيج الصراعات الطائفية، والمذهبية، في المجتمعات العربية، لا سيما أن هذا الحزب يعتمد سردية “المظلومية” الشيعية، ويشتغل على تنمية عصبيتها في لبنان، في استدعاء للماضي في صراعات الحاضر السياسية.

– خامساً، إنه بات يحتكر التقرير بمصير لبنان، وخياراته السياسية الداخلية والخارجية، وضمن ذلك إزاء إسرائيل، والتورط في الحرب الوحشية ضد السوريين.

– سادساً، إنه بات بمثابة حارس لنظام الفساد والطائفية في لبنان، وهو ما تبدى في انخراطه النشط في إجهاض انتفاضة الشعب اللبناني، التي انطلقت قبل عامين، ما يؤكد أن “حزب الله” في ذلك يدافع عن “دولته” هو، وليس دولة لبنان.

وعليه فإن هذا الحزب هو جزء من منظومة الأحزاب السلفية ـ الدينية، والطائفية في العالم العربي، حتى ولو كان يتغطى بقضية فلسطين، فهذا مجرد غطاء للتورية لا أكثر.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]