ماجد كيالي يكتب: عام جديد وتحديات واستحقاقات جديدة وقديمة

ماجد كيالي

في مطلع هذا العام 2023، تكون الحركة الوطنية الفلسطينية (التي انطلقت بمبادرة من حركة “فتح” في 1/1/1965)، كرد على النكبة (1948)، التي نجم عنها تشريد معظم شعب فلسطين، وحرمانه من كينونته كشعب ومن هويته الوطنية، وولادة مشكلة اللاجئين وإقامة إسرائيل، قد بلغت 58 عاما من عمرها، ومع ذلك، فإنه لا يبدو أن تلك الحركة تكبر، أو تنضج، بقدر تجاربها الغنية، وبقدر تضحيات ومعاناة شعبها.

ولعل ما يفاقم من ذلك الوضع أكثر أن تلك الحركة باتت بمثابة سلطة تحت الاحتلال، وإن حركة “فتح”، التي أطلقت الكفاح المسلح الفلسطيني، أضحت بمثابة جسم بيروقراطي، أو كحزب للسلطة، بعد أن فقدت تعدديتها وتنوعها وروحها الكفاحية، إلى درجة يمكن معها القول بأن فلسطينيي الأراضي المحتلة كانوا أكثر وحدة وتحرراً وتصميماً في مقاومتهم إسرائيل، قبل إقامة السلطة (1994) منهم بعد إقامتها وإلى الآن.

الملاحظة الأخرى هنا، أن الحركة الوطنية الفلسطينية التي انطلقت لاستنهاض الشعب الفلسطيني، لأجل استعادة حريته وكرامته، باتت بمثابة عبء عليه، وبمثابة قيد على تطور المجتمع المدني الفلسطيني (في الداخل والخارج).

وفيما يخص منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت أحد أهم الإنجازات التاريخية للحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة، بوصفها تجسد الكيان السياسي الموحد للشعب الفلسطيني، إذا بها تزاح إلى الهامش لصالح السلطة، وإذا بها تفقد فاعليتها، ودورها، ومكانتها كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني.

في هذا الواقع، فإن الحركة الوطنية الفلسطينية تقف اليوم في مواجهة تحديات واستحقاقات جمة وكبيرة ومعقدة، يمكن تمثل أهمها في الآتي:

الاستحقاق الأول: ترميم الوضع الفلسطيني بالعودة إلى نقطة الاجماع الوطني الفلسطيني، المتمثلة بإعادة الاعتبار للتطابق بين الشعب والأرض والقضية، والرواية التاريخية، لأن هذا هو الأساس الذي يمكن له توحيد الشعب الفلسطيني، ولأن تلك القاعدة هي المنطلق لأية رؤى سياسية آنية أو استراتيجية، وتاليا لذلك، فهي الأساس لاستعادة وحدة الكيان الفلسطيني، وانهاء حال الانقسام، كما إنها الأساس لاستعادة الشرعية الوطنية، وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية.

الاستحقاق الثاني: يتعلق بإتمام عملية المصالحة وإنهاء الانقسام الفلسطيني الذي بات له 16 عاما، والذي لم يفد لا فتح، ولا حماس، بقدر ما أفاد إسرائيل، وأضر بصدقية قضية فلسطين، وبوحدة الشعب الفلسطيني. ولا شك هنا بأن المدخل لذلك يفترض أن يقوم على رؤية تنطلق من وحدة الشعب والأرض والقضية، ومن إعادة بناء منظمة التحرير على أسس وطنية، وكفاحية وديمقراطية ومؤسسية، ووفق انتخابات يشارك فيها فلسطينيون بمختلف الوسائل في كافة أماكن وجودهم.

الاستحقاق الثالث: مواجهة واقع تراجع مكانة القضية الفلسطينية في سلم الاهتمامات العربية والدولية، الناجمة عن تفاقم المشكلات الدولية والمشكلات العربية البينية، وعنتضارب أجندات العالم العربي سيما لمواجهة النفوذ المتصاعد لإيران وتركيا، وبحكم ضعف الوضع الفلسطيني.

وفي هذا الإطار، لا شك أن علاقات التطبيع بين بعض الدول العربية وإسرائيل وضعت القيادة الفلسطينية في موقع حرج ومعقد ومكشوف، سيما أن تلك العلاقات كسرت أسطورتين، أو بديهيتين، طالما إرتكن اليها الفلسطينيون، الأولى، أن فلسطين قضية مركزية للأمة العربية، وهذا تكشف عن تمثلات نظرية أو دعائية فقط. والثانية، أن “السلام يبدأ من فلسطين وأن الحرب تبدأ من فلسطين”، وأن مدخل إسرائيل للعالم العربي لن يكون إلا بعد حل القضية الفلسطينية، إذ تبين إن هذا وذاك بات من الماضي، ما وضع الفلسطينيين أمام واقع جديد لا يمكن لهم التهرب منه، بغض النظر عن رأيهم به، كونهم الطرف الأضعف بتلك المعادلة، سواء إزاء إسرائيل، أو إزاء الأنظمة العربية.

الاستحقاق الرابع: مواجهة التحدي الناجم عن تعزيز إسرائيل لمكانتها إقليميا ودوليا، إذ أضحت بمثابة الدولة الأقوى في المنطقة، سياسيا وعسكريا واقتصاديا، بلا أي منازع، ولا أي مهدد، أكثر من أي فترة في تاريخها، مع علاقات قوية باتت تربطها مع روسيا والصين والهند، ودول في العالم العربي، ناهيك عن علاقاتها المتميزة، مع الولايات المتحدة، إضافة إلى احتكارها السلاح النووي، وترسانتها الحربية المتفوقة.

وفي الحقيقة، فإن الوضع في إسرائيل لا يشتغل لصالح الفلسطينيين، وحقوقهم، على الإطلاق، إذ ذهب الإسرائيليون خمسة مرات، خلال عامين، إلى انتخابات الكنيست، في حين أن النظام الفلسطيني من دون تجديد شرعية، منذ 17 عاما!

الاستحقاق الخامس: يتعلق بالتحول الحاصل في إسرائيل، في ظل حكومة هي الأكثر تطرفا في تاريخها، وهو الذي يضع القيادة الفلسطينية ليس فقط إزاء خسارة خيارها في اتفاق أوسلو، وفي إقامة دولة فلسطينية مستقلة، إذ يضعها أيضا امام امكان خسارة كيان السلطة جملة وتفصيلا، أو على الأقل يثبتها ككيان سياسي مقيد، وكحكم ذاتي، تحت السيطرة الإسرائيلية.

المعنى من كل ما تقدم أنه لا مناص أمام الفلسطينيين من حسم أمورهم والتوجه نحو التركيز على إعادة بناء بيتهم الداخلي، فهذا أكثر شيء يحتاجونه لمواجهة التحديات والاستحقاقات القديمة والجديدة.

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]