ماجد كيالي يكتب: عن «أبو مازن» وقيادته وقراراته الفردية

بات الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وهو رئيس المنظمة والسلطة وحركة “فتح”، في آن معا، بمثابة القائد الأوحد في الساحة الفلسطينية، إذ لا شريك له في اتخاذ القرارات ورسم السياسات وتحديد الخيارات، وذلك منذ سنوات، وينطبق ذلك على الكيانات الثلاث: المنظمة والسلطة و”فتح”، فهو بات يختزل كل الهيئات، أو الإطارات، في شخصه؛ تبعا لقناعاته ومزاجياته.

هكذا، ففي هذا السياق بالضبط يمكن فهم قرار الرئيس الأخير المتعلق بتكليف حسين الشيخ، عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، ووزير الشؤون المدنية في السلطة، وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بأمانة سر اللجنة التنفيذية للمنظمة، من وراء اللجنة التنفيذية واللجنة المركزية لفتح، خلفاً للراحل صائب عريقات.

المغزى من هذا التعيين أن الشيخ أضحى بين أقرانه بمثابة الرجل الثاني في السلم القيادي الفلسطيني بعد الرئيس أبو مازن، من موقعه كأمين سر للجنة التنفيذية، سيما إنه، أيضا، يتميز عن نظرائه في اللجنة المركزية لفتح، بأنه عضو قيادي في الكيانات الثلاثة، مثل أبو مازن، أي المنظمة والسلطة وفتح، وذلك منذ تبوأ عضوية اللجنة التنفيذية، إثر وفاة صائب عريقات (أواخر العام الماضي).

في الواقع فإن أبو مازن في سيرته في القيادة استطاع إخضاع مختلف الإطارات القيادية لشخصه، فهو رئيس المنظمة والسلطة وفتح، منذ 17 عاما، وهي مدة أطول من تلك التي تبوأ فيها ياسر عرفات، الزعيم الفلسطيني الراحل، منصبه كرئيس للسلطة (منذ 2005 ـ 2004). ثمة فارق آخر، يجدر ذكره هنا، مفاده أن زمن ياسر عرفات كان مختلفا لجهة تسامحه مع وجود معارضة له في المنظمة والسلطة وفتح، بغض النظر عن حجمها، علما بأنه كان يتعامل معها بروح أبوية، أو روح صاحب البيت، من دون أن يشتغل على اخضاعها بالمعنى المباشر، والشخصي، في حين الواقع يختلف تماما في عهد أبو مازن. أيضا، كان أبو عمار يجد أن أهميته بالمحيطين به، من شخصيات وإطارات، وكان يهوى الاجتماعات والحشود، ويتألق بها، كمايسترو، في حين الأخ أبو مازن يهوى عزفه المنفرد، حتى ولو في غرفة مغلقة.

وقد شهدنا في المرحلة الماضية، أن الرئيس حل المجلس التشريعي، وبعده في مطلع العام الماضي ألغى الانتخابات (التشريعية والرئاسية والمتعلقة بالمنظمة)، وذلك بعد أسابيع على إقرار مرسوم الانتخابات. أيضا بعد التوجه بشأن إحلال اجتماع المجلس المركزي (في شباط/فبراير الماضي)، محل المجلس الوطني (عقد مرة واحدة في عهده في العام 2018)، صدر عن الرئيس مرسوم يقضي باعتبار منظمة التحرير دائرة من دوائر الدولة الفلسطينية (المفترضة)، ما أشعل مجددا الجدل، وقتها، حول مخاطر تهميش المنظمة وإزاحتها من المشهد، وهي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، في كل أماكن وجوده، والمنظمة الأم للكفاح الفلسطيني. وكما هو معلوم ففي حين أحالت أوساط السلطة ذلك المرسوم إلى خطأ غير مقصود للمستشار القانوني للرئيس، وفهم خاطئ لمقاصده من جانب المعترضين.

أيضا، فإن الرئيس هو الذي يقرر في شأن العلاقات مع إسرائيل، وبخصوص القرارات الشهيرة الخاصة بوقف التنسيق الأمني ومراجعة الاعتراف بإسرائيل، إذ رغم اتخاذ دورات المجلس المركزي، منذ سبعة أعوام (أي منذ العام 2015) وحتى الآن، ما يفيد بذلك، ومعها دورة المجلس الوطني الفلسطيني المنعقدة في العام 2018)،  إلا أن الرئيس ظل يعلق هذه القرارات، ويجعلها مجرد حبر على ورق، أو لمجرد الاستهلاك.

على أي حال، فإن المسؤولية عن كل ما حصل، أو ما  سيحصل، في إدارة الوضع الفلسطيني، لا تقع على أبو مازن لوحده، فالقيادة الفردية هي من سمات العمل الوطني الفلسطيني، منذ الحاج أمين الحسيني (قبل النكبة) إلى ياسر عرفات (في الحركة الوطنية المعاصرة).

القصد من ذلك لفت الانتباه إلى أن من أهم سمات العمل الوطني الفلسطيني افتقاده للمأسسة، وللعلاقات الديمقراطية، والتمثيل، ورغم كل ذلك فإن المشكلة تفاقمت كثيرا في عهد أبو مازن، بحكم طبيعته، وطريقته في العمل، وأنفه من العمل الشعبي، ومن التنظيم، هذا أولا. ثانيا، إن مسار تهميش المنظمة، بدأ منذ انتقال ثقل العمل الفلسطيني من الخارج إلى الداخل، ومنذ تحول الحركة الوطنية الفلسطينية من حركة تحرر وطني إلى سلطة تحت الاحتلال، وهي كانت قامت، أصلاً، بموجب اتفاق أوسلو (1993)، في الأراضي التي لا تزال محتلّة، لكن ذلك التهميش تسارع وتعمق مع وصول عباس إلى سدة القيادة، كرئيس للمنظمة والسلطة وحركة “فتح” (2005). ثالثا، طبعا، وللإنصاف، فثمة الظروف الموضوعية، وضمنها تشتت الفلسطينيين، وغياب الإقليم الموحد للشعب الفلسطيني، الذي لا يستطيع أن يشكل قوة ضاغطة على قيادته، ما يحررها من التزاماتها، أو يسهل عليها أخذ الخيارات التي تريد بغض النظر عن أهلية تلك الخيارات والقرارات، أو صلاحيتها، أو جدواها، في واقع تلعب عليه القيادة الفلسطينية جيدا، لإدراكها أنها في موقع أقوى من شعبها، أو إزاء شعبها. وأخيرا، أو رابعا، تأتي قصة الجمع بين رئاسة أو قيادة الكيانات السياسية الفلسطينية الرئسية الثلاث (المنظمة والسلطة وفتح) في شخص واحد.

على ذلك، ثمة مشكلة كبيرة في الإطارات القيادية الفلسطينية، في طريقة عملها، وإدارتها لأحوالها، كما في ترسيمها أو تقريرها الخيارات السياسية، ويخشى أن تلك حالة مرضية تستعصي على الحل، سيما مع حركة وطنية بلغت من العمر عتيا، وباتت متقادمة، ومعطوبة، ومتكلسة.

هذا ما يمكن معرفته من واقع أن الكيانات السياسية الفلسطينية، بكل قياداتها، باتت اليوم في واد والأجيال الفلسطينية الجديدة في واد آخر.

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]