ماجد كيالي يكتب: عن فصائل فلسطينية ليس لها دور ولا مكانة ولا هوية

ماجد كيالي

لدى الفلسطينيين حوالي عشرين كيانا سياسيا، فإضافة إلى الحركتين الأكبرين المقررتين والسلطتين، «فتح» و«حماس»، الجبهات «الشعبية» و«الديمقراطية» و«القيادة العامة» و«النضال الشعبي» و«التحرير الفلسطينية» و«التحرير العربية» (وبعضها منقسم إلى فصيلين بين الداخل والخارج)، وكأحزاب ثمة «الشعب» و«فدا» و«الشيوعي الثوري»، أيضا ثمة «طلائع حرب التحرير الشعبية ـ الصاعقة»، وحركة الجهاد، وفتح الانتفاضة.

أيضا، ثمة كتل انتخابية من خارج الفصائل، ككتلة الطريق الثالث (سلام فياض وحنان عشراوي) والمبادرة الوطنية (مصطفى البرغوثي).

أما بين فلسطينيي 48، فثمة الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، التي هي امتداد، أو إطار جبهوي، للحزب الشيوعي الإسرائيلي (راكح) والحركة الإسلامية (قسمين الشمالية والجنوبية)، والحركة العربية للتغيير (بزعامة أحمد الطيبي) إضافة إلى “التجمع الوطني الديمقراطي”، وكل ذلك لشعب من 14 مليونا، متوزعين في أنحاء الدنيا، ويخضعون لسلطات متعددة ومختلفة.

مع ذلك، فقبل أيام عقد 14 فصيلا فلسطينيا اجتماعا لهم في موسكو، برعاية الدولة المضيفة، لم ينتج عنه سوى بيان انشائي، لا جديد فيه، مع الاتفاق على مواصلة الاجتماعات، وتوجيه تحية إلى جنوب إفريقيا على موقفها الداعم لقضية فلسطين، وهو يضاف إلى سلسلة الاجتماعات، والبيانات، التي صدرت في محافل من ذات النوع منذ صعود حماس في السياسة الفلسطينية، سيما منذ تحولها إلى سلطة، وترسخ حال الانقسام الفلسطيني على صعيدي المنظمة، والسلطة، والخيارات السياسية، والكفاحية.

وكانت تلك الفصائل فعلت ذات الشيء، بعد اللقاء بين القياديين جبريل الرجوب عن «فتح» وناصر العاروري (رحمه الله) عن «حماس»، في يوليو من العام 2020، بغرض المصالحة واستعادة الوحدة، على خلفية إعلان الرئيس محمود عباس أن «القيادة الفلسطينية ومنظمة التحرير أصبحتا في حلّ من الاتفاقات مع الحكومتين الأميركية والإسرائيلية، ومن جميع الالتزامات المترتبة عليها بما فيها الاتفاقات الأمنية…التزاما بقرارات المجلسين الوطني والمركزي لمنظمة التحرير، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني».

المهم أن ذلك الاجتماع نجم عنه دعوة الفصائل الـ 14 للاجتماع، ما زاد من منسوب الرهان أو الأوهام، حول إمكان استعادة وحدة الحركة الوطنية الفلسطينية، وإمكان إجراء انتخابات فلسطينية، وتفعيل منظمة التحرير. بل إن تلك الفصائل وصل بها الأمر حد تشكيل ما أسمته “القيادة الوطنية الموحدة للمقاومة الشعبية”، التي اجتمعت بدورها وأصدرت بيانا تتعهد فيه بمواصلة النضال حتى دحر الاحتلال، في محاولة لاستعارة أجواء الانتفاضة الشعبية الأولى، سيما بتحديد برامج تنفيذية في أيام معينة، ضمنها مثلا مظاهرات ووقفات استنكار، وحينها تم تحديد يوم 15/9/2020 للبدء بذلك في كل المدن في «الوطن» (أي الضفة والقطاع)، إلا أنه في اليوم المذكور لم يحدث شيء يذكر، بل إن البيان رقم واحد لم يصدر بعده أي بيان، وبعد ذلك انتهت القصة إذ أعادت السلطة التنسيق الأمني (17 نوفمبر) ثم قام الرئيس أبو مازن بإلغاء الانتخابات (مايو 2021)، ما بين مدى خفة المؤسسة القيادية الفلسطينية، واستهتارها بإرادة شعبها ومصلحته، ومدى خفة وهامشية الفصائل الفلسطينية الـ 12، أي باستثناء الفصيلين، اللذان يشتغلان كسلطتين، حيث “فتح” في الضفة و”حماس” في غزة.

على ضوء كل ذلك يحق للفلسطينيين مساءلة قيادتهم عن الخيارات السياسية والكفاحية والإدارية التي تتخذها، وأن يسألوا، أيضا، عما يفعله الـ12 فصيلا من الذين حضروا اجتماعات بيروت ورام الله واستانبول والقاهرة والدوحة ومكة وصنعاء وموسكو، إذ باتوا مجرد بيادق، لا تقدم ولا تؤخر في قرارات أو خيارات السلطتين في رام الله وفي غزة، ما يؤكد تفاقم الأزمة الوطنية الفلسطينية، وتآكل الأشكال السياسية السائدة وفوات دورها وأفول مكانتها، بعد أن لم يعد لها دور في مقاومة إسرائيل، ولا مكانة تمثيلية عند شعبها، وليس لها حتى هوية سياسية أو فكرية، إذ أغلبها يتواجد بحكم نظام المحاصصة الفصائلية، وحال الاستقطاب الحاصل بين فتح وحماس، أو كاستطالات لبعض الأنظمة العربية، سيما النظام السوري.

قد يرى البعض في الواقع المذكور دليلا على صمود الحركة الوطنية الفلسطينية، بفصائلها تلك، وقد يرى آخرون في ذلك دليلا على التعددية السياسية والفكرية وتأكيدا على الحيوية الحزبية والسياسية عند الفلسطينيين.

بيد إن الأمر ليس على هذا النحو إطلاقاً، فهذا الواقع دليل تكلس وعطالة في الحركة الوطنية الفلسطينية. ويجدر التعامل معه بوصفه ظاهرة مرضية وتحصيل حاصل لواقع تشظّي المجتمع الفلسطيني وتوزّعه جغرافيا وسياسيا على بلدان وسياسات متضاربة وخضوعه، أيضا، لأنماط مختلفة من السيطرة والتحكم والاستقطاب.

القصد إنه ليس ثمة مبرّر البتة لاستمرار وجود فصائل متماثلة منذ عقود من الزمن ومن كل النواحي، أكثر مما هي متفارقة، كمنظمات اليسار الفلسطيني (الجبهتان الشعبية والديمقراطية وحزبا الشعب وفدا) حتى لو كان ثمة بعض الاختلافات في وجهات النظر.

وإذا انتقلنا إلى الجبهات الأخرى (القيادة العامة والنضال الشعبي والتحرير الفلسطينية والصاعقة وفتح الانتفاضة وجبهات النضال والتحرير)، وهي من الإطارات المحسوبة على المعارضة، والمولاة للنظام السوري، فبالكاد يمكن ملاحظة فوارق أو خلافات تبرّر افتراقها. أيضا، لا أحد يعرف الفارق بين حماس والجهاد الإسلامي، فكلتاهما حركتان تنتميان إلى تيار الإسلام السياسي وتناهضان عملية التسوية وتدعوان لاعتماد خيار المقاومة المسلحة.

في الداخل أيضا لم تعد ثمة فوارق بين التوجهات السياسية لحركة «فتح» مع القوى المتحالفة معها مثل فدا وجبهتي التحرير والنضال. والطريف أن ثمة في منظمة التحرير فصيلان متماثلان، باسم «جبهة التحرير العربية»، وباسم «جبهة النضال الشعبي».

يمكن تفسير بقاء أو «صمود» تلك الفصائل وطبقتها المهيمنة، ببقاء القضية الوطنية وتمتّع الفلسطينيين بنصيب أوسع من التسييس، بحكم أوضاعهم، وأيضا حاجتهم الملحة لإطارات سياسية تعبر عنهم وتعوّض حرمانهم من المكون الكياني. أيضا، وكما قدمنا، ثمة نظام “الكوتا” (المحاصصة الفصائلية)، وحال الاستقطاب بين الفصيلين الكبيرين والمقررين، فتح وحماس، اللذان باتا بمثابة سلطة كل في إقليمه، إضافة إلى تبعية بعض الفصائل لأنظمة معينة، وحال التفرغ في الفصائل، إذ ضمان موارد مالية يضمن وجود هذا الفصيل أو ذاك، في الظروف الفلسطينية الصعبة، وضمنه ظروف أفول الحركة الوطنية الفلسطينية.

على ذلك فإن مشكلة العمل الوطني الفلسطيني لا تكمن فقط في إنهاء الانقسام أو في استعادة الشرعية في الانتخابات الرئاسية والتشريعية، ولا في تفعيل منظمة التحرير أو انسداد الخيار الفلسطيني المتعلق بإقامة دولة مستقلة في الضفة والقطاع، كما لا تكمن في مواجهة المشاريع الإسرائيلية أو الأميركية وبضمنها صفقة القرن، إنما هي، إضافة إلى كل ما تقدم، أعمق وأشمل وأعقد من كل ذلك، فهي أزمة تتعلق بإعادة تأسيس الحركة الوطنية الفلسطينية، بناء على دروس التجربة الماضية، من الأردن إلى لبنان إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]