ماجد كيالي يكتب: عن قرارات المجلس المركزي وإشكاليات الكيان الفلسطيني

بيّنت القرارات الصادرة عن اجتماع المجلس المركزي (رام الله 15 ـ 16/1) عمق الأزمة التي تعاني منها الحركة الوطنية الفلسطينية، في بناها ورؤاها وأشكال عملها وعلاقاتها الداخلية والخارجية. بيد أن أكثر عوارض هذه الأزمة ظهوراً مسألتين، الأولى، وتتعلق بإخفاق خيار المفاوضة، أو التسوية، كما جرى الاتفاق عليها في أوسلو (1993)، بسبب رفض إسرائيل تنفيذ استحقاقاتها المنصوص عليها في الاتفاق المذكور، وامعانها في تكريس سيطرتها وهيمنتها كسلطة احتلال، عبر الاستيطان وبناء الجدار الفاصل ومصادرتها أراضي الفلسطينيين وفرضها الحصار على غزة. والثانية، تتعلق بمدى اعتمادية أو ارتهان الكيان الفلسطيني النا شئ، أي السلطة، على المعونات الخارجية، التي توازي ميزانية السلطة كلها (مع احتساب أموال المقاصة التي تجبيها إسرائيل على السلع التي تدخل إلى الضفة وغزة وتعطيها أو تمنعها عن السلطة). ولا يتوقف الارتهان على الدعم المالي إذ أن إسرائيل تسيطر على المعابر، إلى مناطق السلطة، للأفراد والسلع، كما تشمل شبكات البني التحتية المتعلقة بالمياه والكهرباء والمحروقات والاتصالات.

الاستنتاج الأساسي من كل ما تقدم يفيد بأن إسرائيل هي التي أعاقت قيام كيان فلسطيني بحكم امتلاكها القوة والموارد والسيطرة على الأرض والمجتمع الفلسطينيين، انطلاقا من طبيعتها كدولة استعمارية واستيطانية وعنصرية.

على ذلك ثمة مشكلتان هنا: الأولى، مفادها بأن قيام كيان فلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1967، لم يحسّن أحوال شعب فلسطين، ولم يقرّبه حتى من تحقيق هدفه المتعلق بدحر الاحتلال. هكذا ووفقا لكلام الرئيس الفلسطيني ذاته، في المجلس المركزي، فإن السلطة الفلسطينية لا سلطة لها، وإنما هي سلطة تحت الاحتلال. ففي ظل السلطة، أيضاً، فقد تضاعف حجم الاستيطان وعدد المراكز الاستيطانية، وبات الفلسطينيون أقل حركة في بلادهم من ذي قبل، وقطاع غزة يخضع للحصار، وأضحت الضفة، التي كانت وحدة جغرافية متواصلة، مقطّعة الأوصال، بواسطة الحواجز العسكرية والمواقع الاستيطانية والجدار الفاصل والطرق الالتفافية. وفي المحصلة فنحن إزاء مسار تتآكل فيه جغرافيا وديموغرافيا الفلسطينيين، وتستهلك فيه حركتهم الوطنية، أو تفرّغ من مضمونها، بتحويلها الى مجرد سلطة تخضع للاحتلال أو تتعايش معه.

أما المشكلة الثانية فتتعلق بمصير هذا الكيان الفلسطيني العجيب، أو المفصّل بطريقة خاصة، والذي يعتمد في استمراره على الموقف الاسرائيلي، وعلى المساعدات الخارجية، وعلى القرار الدولي والاقليمي، باستمراره، أكثر بكثير من اعتماده على قوّة الفلسطينيين ومواردهم وإرادتهم الذاتية.

  تبعاً لهاتين المشكلتين فإن السؤال الملح اليوم، بل منذ أكثر من عقدين، يتعلق بمآل الكيان الفلسطيني، وفي شكل أخص بمآل عملية التسوية، أو شكل العلاقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

في هذا الإطار يستمرئ البعض في الطبقة السياسية المهيمنة في السلطة الحديث عن أن الكيان الفلسطيني، أي السلطة، هي حاجة دولية، وأن الولايات المتحدة وأوروبا وكندا واستراليا، والنظامين الإقليمي والعربي، لن يسمحوا بانتهائها، أي أنها باتت رقماً صعباً. لكن لنتذكر أن مثل هذا الحديث عن الرقم الفلسطيني الصعب كان يجري سابقاً، في المرحلة اللبنانية، مثلما كان يجري، في كثير من المبالغة، الحديث عن أن فلسطين هي مفتاح الحرب والسلام في المنطقة، وكلها أحاديث تنطوي على خفة ومبالغة، إذ إنها لا تلاحظ ضعف إمكانيات الفلسطينيين كشعب، وتردي حال حركتهم الوطنية، وتغير الأوضاع العربية والدولية؛ ولاسيما؛ ولاسيما في ظل هذا التصدع الدولتي والمجتمعي في المشرق العربي.

وأقصد من ذلك أن العالم ليس كما نتخيله أو نرغبه، وأنه يقف مع القضية الفلسطينية في الحدود التي يعرفها، أو التي تسمح بها الولايات المتحدة وإسرائيل، هذا أولاً. ثانياً، إن القوى التي أقامت السلطة لن تعدم الوسائل التي تؤثر فيها لتطويع أو لتكييف الوضع الفلسطيني مع إملاءاتها، بمعنى أن المسألة لا تتعلق لا بحل السلطة أو تقويضها، ولا بالخوف من وجودها، كما يعتقد البعض.

مثلاً، فإن الولايات المتحدة في دعمها للسلطة الفلسطينية، وكيانها في الضفة والقطاع، تشتغل وفقا لمبدأ “إنقاذ إسرائيل رغم أنفها”،  بإبقائها كدولة يهودية، أي لتخليصها من عبء السيطرة على الفلسطينيين، ومنعاً لتحولها إلى دولة “ثنائية القومية”، بنظامين ديمقراطي لليهود وعنصري (أبارثايد) للفلسطينيين، في حين أن القوى اليمينية القومية والدينية في إسرائيل تعتقد أن هذا الحل يمكن أن يأتي عبر إبقاء الكيان الفلسطيني عند حدود سلطة على السكان، فقط، وليس على الأرض والموارد، بحيث يمكن ضم الأرض أو الاستيطان فيها، من دون ضم سكانها.

السؤال الآن، وبعد اجتماع المجلس المركزي: هل يستطيع الفلسطينيون فعلاً، أو هل هم مؤهَلون، أو قادرون، على قلب الطاولة، او تغيير قواعد اللعبة؟ وهل الطبقة المسيطرة في المنظمة والسلطة وفتح راغبة في ذلك ومستعدة له؟ وهل سيتم تطبيق قرارات المجلس المركزي في دورته الأخيرة، بعد أن ظلت قرارات الدورات السابقة مجرد حبر على ورق؟ وهل سيتم حقاً اتخاذ القرارات التي تمهد لوقف التنسيق الأمني وفك علاقات الارتباط والتبعية في المجال الاقتصادي مع إسرائيل ولو بشكل تدريجي؟ وأخيراً هل لدينا الكيانات السياسية القادرة على كل هذه التحديات؟

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]