ماجد كيالي يكتب: عن كلمة الرئيس الفلسطيني في الأمم المتحدة.. التحديات أو الاستحقاقات التي تواجهها

ماجد كيالي

لقيت الكلمة التي ألقاها الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الجمعية العامة للأمم المتحدة (23/9) نوعا من الاجماع، أكثر من الكلمات أو الخطابات السابقة التي ألقاها في ملتقى دولي أو فلسطيني، إذ أن ذلك الخطاب شمل العناصر الأساسية للقضية الفلسطينية، إذ ركز على النكبة، وإقامة إسرائيل على حساب شعب فلسطين، وولادة مشكلة اللاجئين، كما ركز على مسؤولية الولايات المتحدة وبريطانيا في إقامة إسرائيل ودعمها وتغطية سياساتها، بالضد من حقوق شعب فلسطين، وقيم العدالة والسلام في العالم.

أيضا، تحدث الرئيس بإسهاب عن المظالم التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، منذ قيامها، مؤكدا طبيعتها كدولة استعمارية وعنصرية (أبارثايد)، ومسؤوليتها عن دفن عملية التسوية، مع مسؤولية الولايات المتحدة عن غي إسرائيل، وتجبرها على الفلسطينيين؟

أما بخصوص ما يمكن عمله فقد أكد الرئيس أن على الأمم المتحدة، أو المجتمع الدولي، أن يقوم بدوره لوضع قرارات الأمم المتحدة موضع التطبيق، وفي مقدمتها القرار181 الخاص بالتقسيم، والقرار 194 الخاص بحق العودة، والاعتراف بحق الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة في الأراضي المحتلة عام 1967، مطالبا بعقد اجتماع للجمعية العمومية للأمم المتحدة للبت في هذه القضية ولإنفاذ القرارات التي اتخذتها منذ 74 عاما، وضمنها ترقية الاعتراف بدولة فلسطين من عضو مراقب إلى عضو دائم العضوية.

في المقابل ثمة فلسطينيون آخرون، أيضا، لم يحتفوا بالخطاب تماما، بالنظر للتجارب السابقة، وبالنظر لعدم ثقتهم بالبنية السياسية المترهّلة وارتهانها لمسار المفاوضات، وثمة آخرون عارضوه على طول الخطّ، وشكّكوا بمقاصده.

على ذلك، ثمة ما هو أهم من الاحتفاء بالخطاب، ثمة ضرورة للتمعّن في الاستحقاقات والتحديات والمتطلّبات التي ستنجم عنه وعن القطع مع عملية أوسلو، والسلطة، فقد اعتاد الفلسطينيون على المكابرة والإنكار لواقع التدهور في أحوالهم، فمن غير المعقول تغيير المسار، ومواجهة المستجدات، ببني قديمة، مترهلة ومستهلكة؛ هذا إذا كانت القيادة الفلسطينية مستعدة حقا للذهاب في المسار الذي أطلقه الرئيس في خطابه إلى نهايته، ومستعدة حقا لإحداث تغييرات حقيقية في السياسة الفلسطينية.

أولى هذه التحديات تتمثّل بإعادة بناء الكيانات السياسية (المنظمة والسلطة والفصائل والمنظمات والاتحادات الشعبية)، ما يعني نبذ احتكار القرارات، وتكريس العلاقات الديمقراطية في الحياة الداخلية، واحترام التعددية والتنوّع والرأي الآخر، وحلّ القضايا الخلافية بأسلوب الانتخابات والاستفتاءات، والقطع مع النظام السياسي المبني على المحاصصة الفصائلية (“الكوتا”)، وبناء إطارات منظمة التحرير على قاعدة تمثيلية، بواسطة الانتخابات (النسبية) حيثما أمكن ذلك؛ وما يصحّ على المنظمة يصحّ على كيانات السلطة والفصائل والاتحادات.

ثاني هذه التحديات تتمثّل بصوغ رؤية سياسية جديدة للعمل الوطني، تتأسّس على الاستنتاجات من التجربة السابقة، وتحاول الإجابة على الأسئلة الجديدة، وتجسر الفجوة بين الممكن والمطلوب، وبين الإمكانيات والطموحات، وبين الواقعي والمستقبلي، وبين الحقيقة والعدالة (بحسب تعبير لإدوارد سعيد). رؤية سياسية تعزّز من وعي الفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم بكونهم شعبا واحدا، على تباينات أوضاعهم وأولوياتهم (وضمنهم هذا الجزء الغالي من فلسطينيي 48)، دون أن تثير عندهم القلق من إمكان تضييع حق مقابل حق. رؤية سياسية مستقبلية تعيد الاعتبار للتطابق بين أرض فلسطين وشعب فلسطين والمشروع الوطني خاصّته؛ وتأخذ في اعتبارها تعقيدات وإشكاليات هذا الموضوع.

هكذا نصل إلى التحدّي الثالث وهو يتعلق بإعادة الاعتبار لمفهوم وحدة الشعب، بعد كل ما جرى. فليس من الحصافة تجاهل واقع الشروخات بين مختلف تجمعات الفلسطينيين، وهو ما يتبدّى في تنامي حال الاختلاف في مشاعرهم وتعبيراتهم، وفي تباين علاقاتهم مع كياناتهم السياسية، وفي تعارض أولوياتهم الوطنية.

لقد علمتنا التجارب أن ثمة ظواهر ومفاهيم طارئة يمكن أن تتحول إلى وقائع وثوابت، وهو ما يخشى منه في الحالة الفلسطينية، بنتيجة الاختلافات السياسية، وتهمّش أو تغييب منظمة التحرير باعتبارها الكيان الجامع للفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم لصالح كيان السلطة، وبنتيجة الانقسام الحاصل بين الضفة وغزة وبين حركتي فتح وحماس، وبين الداخل والخارج، وبين اللاجئين والمواطنين، وفلسطينيي 48 وباقي الفلسطينيين. هكذا فإن تعزيز شعور الفلسطينيين بكونهم شعبا واحدا، في الحاضر والمستقبل، يتطلب بناء الأطر والمؤسسات والكيانات السياسية على هذا الأساس كما يتطلب صوغ رؤية سياسية وطنية تلبّي ذلك.

ويبقى أن ثمة مهمات أخرى ينبغي الاشتغال عليها وتتعلق برفع الحصار الجائر عن قطاع غزة، واستعادة الوحدة للكيان السياسي الفلسطيني، وتحشيد الجهود للإفراج عن أسرى الحرية في سجون الاحتلال، والقطع مع العملية التفاوضية المذلة والمجحفة والعبثية، وإنهاء التنسيق الأمني وعلاقات التبعية الاقتصادية، ووضع الملف الفلسطيني في عهدة المسؤولية الدولية، وفتح المجال أمام الشعب للتعبير عن مقاومته ورفضه للاحتلال ولنظام الفصل العنصري في إسرائيل.

هذه هي التحديات الإستراتيجية التي تواجه القيادات وكل الوطنيين الفلسطينيين، والتي من دون تأهيل البني اللازمة لها، والاشتغال على تلبية متطلباتها، لا يمكن القول بأن ثمة طريق جديد، أو تغيير ما، في الساحة الفلسطينية.

أمل أن تذهب الأمور في تلك الاتجاهات مع اعتقادي أن القيادة لا تملك لا القدرة ولا الرغبة في التغيير، بعد كل ما حصل، وبعد أن فرطت بكل أوراق قوتها، وآمل أن أكون مخطئا.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]