ماجد كيالي يكتب: فيما يخص انتهاء الزمن الفصائلي

ماجد كيالي

منذ ستينيات القرن الماضي انطبع الزمن الفلسطيني بتاريخ الفصائل الفلسطينية، ولا سيما حركة فتح، التي هيمنت على السياسة والمجتمع الفلسطينيين، واللافت أن ذلك لم يقتصر على مرحلة الازدهار، فقط، وإنما شمل مرحلة الركود، أيضا، التي شهدت فيها معظم الفصائل حالا من الترهّل والانحسار في دورها النضالي، وفي مكانتها التمثيلية.

وكما شهدنا فإن تلك الفصائل لم تزدهر ولم تستمر بفضل دعم شعبها واحتضانه لها (على الرغم من وجود هذا الدعم والاحتضان في المراحل السابقة)، وإنما هي استمرت أساسا بفضل الدعم المادي الخارجي (العربي ثم الدولي) الذي أغدق عليها، وبفضل المداخلات السياسية الدوليةوالعربية الداعمة والموظّفة لها.

بل إنه يصحّ القول بأن هذه الفصائل هي التي قدمت، ومازالت، الدعم المادي لشعبها، من خلال تشكيلها نوعا من «سوق عمل» استوعبت في مراحل معينة ألوف النشطاء والعاملين (المتفرغين)، ما كوّن قاعدة مجتمعية للعمل الفلسطيني. وأيضا من خلال إقامتها شبكة مؤسسات اجتماعية وتعليمية وصحية، في المخيمات والتجمعات الفلسطينية، التي قدمت من خلالها العون للفلسطينيين.

وبالنتيجة، فقد أوجدت الفصائل مجتمعا سياسيا، على هامش المجتمع الفلسطيني، يحمل سمات خاصة به، ضمنها عدم ارتباطه بعلاقات الإنتاج والعمل والعيش السائدة، ووجود تراتبية «بطركية» له، تتمحور حول قيادات الفصائل، وتختلف في معاييرها عن التراتبية المعروفة في المجتمعات الفلسطينية؛ والتي تستند إلى علاقات القرابة أو إلى المنزلة الاجتماعية أو التعليمية أو المالية.

المعنى أن ذلك لم يحصل فقط بعد إقامة السلطة فقط، وإنما هو حصل من البدايات، في المجتمع الفصائلي في الأردن، ثم في لبنان (1970ـ1982)، وهي ظاهرة لا تشبهها ظاهرة قبلها، وإن شابهتها ظاهرة حزب الله في لبنان، الذي بنى مجتمعا فصائليا على خلفية طائفية، يعتمد على الريع المتأتي من النظام الإيراني، والذي بات بمثابة دولة داخل دولة في لبنان، مع مئة ألف مقاتل بحسب تصريح لحسن نصر الله.

وكانت الساحة الفلسطينية عرفت فصائل كثيرة، في تاريخها، من «فتح»، إلى الجبهات: الشعبية والديمقراطية والقيادة العامة والنضال والتحرير، إضافة إلى طلائع حرب التحرير الشعبية ـ الصاعقة (تابعة لتنظيم فلسطين في حزب البعث في سورية)، وجبهة التحرير العربية (تابعة لتنظيم فلسطين في حزب البعث العراقي).

بيد أن ذلك الواقع لم يبق على حاله، إذ بعد إنهاء الوجود العلني لمنظمة التحرير في لبنان (بعد الاجتياح الإسرائيلي 1982)، حصلت تصدعات في هذه الخريطة، في الثمانينيات، مع ظهور حركتين سياسيتين تعبران عن التيار الإسلامي، الأولى وهي «الجهاد الإسلامي»، والثانية «حماس»؛ وطبعا كان ثمة تفريعات أخرى من بعض الجبهات الصغيرة التي تشظت، والتي دخلت في لعبة التمحور بين فتح وحماس، من دون أن يكون لها أي اثر على المعادلات السياسية الفلسطينية.

وفي المحصلة، فإن أهم التطورات التي حصلت في الجسم الفلسطيني، تمثلت أولا، بتحول الحركة الوطنية الفلسطينية من حركة تحرر وطني إلى سلطة في الضفة وغزة، تحت سلطة الاحتلال. وثانيا، ظهور حركة حماس كند لحركة فتح، أو تنازعها على القيادة والسلطة. وثالثا، انقسام كيان السلطة إلى سلطتين، واحدة في غزة تديرها حركة حماس، والثانية في الضفة وتديرها فتح. رابعا، تهميش منظمة التحرير لصالح السلطة، وتراجع مكانتها في القيادة والمرجعية والصفة التمثيلية.

هكذا فإن التحولات الحاصلة حدثت بفعل ضغوط خارجية، وبسبب هشاشة بني الحركة الوطنية الفلسطينية، بينما استمر زمن الفصائل بالرغم من تراجع دورها وانحسار مكانتها، كونها ظلت تستمد شرعيتها ودعمها، على الأغلب، من الواقعين العربي والدولي، وليس من مجتمعها.

ويمكن تفسير هذه الحالة الشاذة (استمرار الفصائل برغم تراجع قدراتها ودورها ومكانتها) بضعف الحراك الداخلي، وغياب العلاقات المؤسسية والديمقراطية، وانعدام روح المساءلة والنقد، وتفشي علاقات المحسوبية. وبمعنى آخر فإن هذا الثبات ليس دليل عافية، وإنما هو تعبير عن الجمود.

وهذا يفسر، أيضا، كيف أن «الطبقة»، التي أنشأت الفصائل، مازالت باقية على الأغلب، تعيد تجديد ذاتها وشرعيتها، بشتى السبل، بل إنها تعيق توليد حالات جديدة، داخلها أو خارجها، خصوصا بتمسكها بنظام المحاصصة «الكوتا»، في إطار منظمة التحرير.

وإذا تجاوزنا تفسير ثبات الجسم القيادي في الفصائل إلى البحث في معنى تعددية الفصائل، في واقع يحتوي 18 حالة تنظيمية وسياسية! فيمكن ببساطة تلمّس أن تعددية الفصائل هي، على الأغلب، كميّة ومصطنعة، وليست تعددية نوعية، ولا تعكس واقعا حقيقيا، بقدر ما تعكس مصالح شخصية أو فئوية أو إقليمية.

وقد بيّنت التجربة المديدة، وضمنها الانتخابات التشريعية اليتيمة التي جرت في عهد الرئيس أبو مازن (2006)، مثلا، بأن الفلسطينيين منقسمون إلى تيارين: تيار الوطنية الفلسطينية وتمثله «فتح»، وتيار الوطنية الإسلامية وتمثله «حماس»، أما الجبهات، التي تعتبر نفسها “يسارية”، في صفة معيارية لا دلالة ملموسة لها، فقد باتت على الهامش، بل إنها فقدت كثيرا من مكانتها التمثيلية، ومن أهليتها الكفاحية وحتى من هويتها الفكرية والسياسية.

المفارقة، أن الزمن الفلسطيني والعربي والدولي لنشوء تلك الفصائل انتهى، لكن الفصائل مازالت موجودة، بفضل الإمكانيات المكرسة لإبقائها قيد التنفس، بغض النظر عن مبرر أو جدوى وجودها، بل ربما ان الإبقاء عليها هو تكريس لعطالة وتكلس الوضع الفلسطيني.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]