ماجد كيالي يكتب: في الحيثيات الجديدة والقديمة للتصارع بين إسرائيل وإيران

ماجد كيالي

لم يعد التصارع الإيراني ـ الإسرائيلي يرتبط، فقط، بمدخلات الصراع في المنطقة بما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وإنما بات يرتبط بمدخلات الصراع الإقليمي والدولي، أيضا، فهو يتعلق بمآلات الصراع على سوريا، والمشرق العربي، وبمكانة تركيا، كما بتطورات الحرب في أوكرانيا، في التموضع إلى جانب روسيا.

ومعلوم أن التجاذبات بين إسرائيل وإيران احتلت مكانة مركزية في الصراعات المحتدمة في الشرق الأوسط، رغم عدم وجود حدود مشتركة بينهما، بسبب مجموعة من الأسباب يكمن أهمها في:

أولا، سعي إيران لتملك قدرات نووية، ما يتعارض مع استراتيجية إسرائيل المتعلقة باحتكار التسلح النووي في الشرق الأوسط. بيد أن اللافت هنا أن إسرائيل تساهلت مع البرنامج النووي الإيراني (والولايات المتحدة كذلك!)، على عكس ما فعلته إزاء البرنامج النووي في العراق، الذي كانت أنشأته فرنسا للأغراض السلمية قرب بغداد، إذ قامت إسرائيل بتدميره في غارة جوية (في عملية أوبرا التي تمت في 7/6/1981)، اللافت، أيضا، أن ذلك أي تدمير المفاعل النووي العراقي تم بعد اندلاع الحرب العراقية ـ الإيرانية (1980ـ 1988). أيضا بات معلوما أن غزو الولايات المتحدة للعراق (2003) تم بدعوى سعيه لحيازة قوة نووية، وهو ما تبين فيما بعد عن مجرد ادعاء، فيما هو، بحسب التقارير الدولية، حقيقة ثابتة في إيران!

ثانياً، تزايد نفوذ إيران في الشرق الأوسط، لكن هذا النفوذ بالذات تأَتَّى أساسا عن تسهيل، أو سماح، الولايات المتحدة (وضمنا إسرائيل) بهيمنة إيران على العراق (بعد غزوها له وإسقاطها نظام صدام 2003)، وذلك عبر تمكين أذرعها الميلشياوية من التحكم به وبموارده، في ظل حكم بول برايمر (2003ـ 2004)، الذي تم في عهده حل الجيش العراقي وكل الأجهزة الأمنية (وليس تسريح فئة كبار الضباط فقط)، كما تم ترسيم البنية الطائفية للنظام. بمعنى آخر فقد تم في ذلك الوقت، بعد إسقاط نظام صدام، تسليم البلد على طبق من “فضة” للميلشيات الطائفية التي تتبع إيران، وحكم نوري المالكي العراق بين 2006ـ 2014، حيث استشرى في عهده الفساد والانقسام الطائفي في البلد وصعود داعش. لكن الأمر لم يقف عند التسهيل لإيران في العراق فقط، إذ تم التساهل مع تزايد نفوذها في لبنان (عبر حزب الله)، ومع تدخلها العسكري في سوريا، بحيث أضحت إيران الأكثر نفوذا في منطقة المشرق العربي، أكثر بكثير من تركيا وإسرائيل. أما بخصوص ضبط الصراع مع إيران، ودلالات ذلك، فيمكننا ملاحظة أن النفوذ الإيراني كان من آثاره تحطيم بني الدولة والمجتمع في المشرق العربي، وهذه هي حال العراق ولبنان وسوريا (فضلا عن اليمن)، ما يفسر السكوت، أو السماح، الإسرائيلي (والأمريكي) لإيران، وذلك يفسر، أيضا، التحول الحاصل في السنوات القليلة الأخيرة في سياسات إسرائيل (والولايات المتحدة) إزاء إيران، بعد أن استنفذت دورها، أو بعد أن انتهى الاستثمار الإسرائيلي (والأميركي) في سياساتها، سيما بعد أن أضحت إسرائيل الدولة الأكثر استقرارا وقوة في الشرق الأوسط، وغاب شيء اسمه الجبهة الشرقية، وباتت إسرائيل في محيط استراتيجي آمن ربما لعقود.

ثالثا، الطابع الأيدولوجي الوجودي للعداء الإيراني لإسرائيل، بمعنى أنه لا يقتصر على الجانب السياسي، علما بأن سياسات إسرائيل في الشرق الأوسط تحاول أن تتغطى بهذا العداء، وبدعوى تمسك النظام الإيراني بنهج المقاومة والممانعة، حتى وهي لا ترد على اعتداءات إسرائيل واستهدافاتها لها. ولعل هذا الوضع هو الذي يفسر محدودية الاحتكاك بين إسرائيل وإيران، وبالعكس، إذ إسرائيل تريد مجرد إبعاد إيران عن حدودها مع سوريا بمقدار مئة كيلومتر، وبعدها لا يهمها ما تفعله في سوريا أو العراق، وهذا ما كانت أوكلته لروسيا لإفهام إيران بهذه المعادلة. كما تريد وقف تدفقات السلاح إلى حزب الله (سيما الصواريخ والمسيرات)، ولا يهمها أي سلاح آخر، كما لا يهمها ما يفعله حزب الله في لبنان، بمعنى أن وجود النفوذ الإيراني في سوريا والعراق ولبنان لا يهم إسرائيل، طالما ظل بعيدا عنها، لأنها ترى فيه استمرارا لحال الاضطراب والتصدع في هذه البلدان، بفعل إيران، كأن إيران تقوم بالشغل “الوسخ” بدلاً منها.

في المحصلة فإن الاستثمار الإسرائيلي، وتاليا الأميركي، في إيران كان له انعكاساته الإيجابية عليهما، بهذا التحول في عديد البلدان العربية نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، بل ونحو الاستعداد للانخراط في منظومة إقليمية سياسية واقتصادية وأمنية معها، بدعوى صعود خطر إيران. ولعله، في هذا الخصوص، لم يعد خافيا أن المخاوف الإسرائيلية تقاطعت مع مخاوف عديد من الأنظمة العربية، التي تشعر بمخاطر صعود النفوذ الإيراني في المشرق العربي، وفي اليمن والخليج العربي، الأمر الذي حول ذلك التقاطع إلى نوع من تفاهم أو تحالف، وبديهي أن هذا التحالف يسهم به ذلك القلق المشترك من الأداء، أو التخلي، الأمريكي عن دعم الأصدقاء، بدلالة ما حصل في أفغانستان، وأوكرانيا.

الفكرة هنا أن إيران، في تموضعها إلى جانب روسيا، في حربها في أوكرانيا، تكون أضافت بعدا جديدا للاستهداف الأمريكي والإسرائيلي لها، الأمر الذي يفسر النكوص عن التفاوض في شأن الملف النووي، وتعزيز الضغوط عليها، لعزلها، وتحجيمها. وفي كل الأحوال من الصعب التكهن بمآلات التصارع الإسرائيلي ـ الإيراني، فهذا، كما قدمنا، بات يرتبط بمآلات الوضع السوري، كما بمآلات الحرب في أوكرانيا.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]