ماجد كيالي يكتب: قصة الولايات المتحدة مع الدولة الفلسطينية

ينسى كثر في الساحة الفلسطينية أن الولايات المتحدة الأميركية هي بمنزلة حليف استراتيجي لإسرائيل، حتى إن تلك تعتبر بمثابة الولاية 51، أو كواحدة من أهم الولايات فيها، وهي التي تأخذ على عاتقها، منذ أزيد من سبعة عقود ضمان أمن إسرائيل، وتفوقها النوعي، اقتصاديا وعسكريا وعلميا وتكنولوجيا، على دول المنطقة.

أيضا، مشكلة هذا النسيان الآن أنه يأتي في ظل تكرار المسؤولين الأميركيين لرفضهم وقفا شاملا ونهائيا لحرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على أكثر من مليوني فلسطيني في غزة منذ خمسة أشهر تقريبا، بأيامها ولياليها، وكل دقيقة فيها، وإنها أمدتها بمساعدات مالية قدرها 14 مليار دولار، وأنها ترسل لها باستمرار شحنات الأسلحة والذخيرة.

وقد يفيد التذكير هنا أن الولايات المتحدة استخدمت حقها في النقض «الفيتو» في مجلس الأمن الدولي 45 مرة لصالح إسرائيل وضد حقوق الفلسطينيين، منذ أواسط السبعينيات، وإنها جنّدت مؤخّرا جهودها السياسية والدبلوماسية لتغطية العدوان الإسرائيلي على الصعيد الدولي، وحشد الدول الغربية وراء حكومة نتنياهو، وهي استخدمت حق النقض الفيتو ثلاث مرات مؤخرا، في ظل حرب إسرائيل على غزة (12/10/2023، و16/12/2023 و20/2/2024)، للحؤول دون استصدار أي قرار عن مجلس الأمن الدولي يدين إسرائيل أو يدعو لوقف تلك الحرب.

إضافة إلى كل ما تقدم، ربما يفيد التذكير، أيضا، أن الولايات المتحدة الأميركية تعتبر منظمة التحرير منظمة إرهابية، أي أن الأمر لا يقتصر على حماس، وذلك وفقا لقرار من الكونغرس الأميركي، منذ العام 1987، واللافت أن قيادة منظمة التحرير وقعت على اتفاق أوسلو (1993) في البيت الأبيض الأميركي في واشنطن، دون أن تشترط شطب ذلك القرار، من لوائح الإرهاب الأميركية، وهذه إحدى الثغرات التي تحسب على القيادة الفلسطينية.

من ناحية أخرى، فإن طرح قرار الاعتراف بفلسطين كعضو مراقب في الأمم المتحدة تم في العام 2012، في ظل إدارة الرئيس باراك أوباما، الذي كان في علاقة متوترة مع نتنياهو، وكان أقرب إلى مفاهيمه لقضية الفلسطينيين، لكن مع ذلك فإن الولايات المتحدة الأميركية رفضت أن تعترف بذلك، بين عدد صغير من الدول. وقد تكرر ذلك سنويا، ففي ديسمبر من العام الماضي أيضا ظلت الولايات المتحدة، وهي في ظل رئاسة جو بايدن، الذي بات داعية للدولة الفلسطينية، على رفضها الاعتراف بفلسطين كعضو مراقب، وضمنه رفض ترقيتها إلى عضو كامل العضوية.

لنلاحظ، أيضا، أن إدارة بايدن لم تقم بشطب كل التعهدات التي قطعها الرئيس السابق دونالد ترمب لإسرائيل، وكل الإجراءات التي قام بها ضد قضية فلسطين، وضمن ذلك إغلاقه مكتب منظمة التحرير في واشنطن، والاعتراف بالقدس الموحدة كعاصمة لإسرائيل، وغير ذلك، فقط الذي تغير هو الرسائل المعسولة، التي لا تغير في الواقع شيئا.

ويستنتج من كل ذلك أن السياسة الأميركية إزاء الفلسطينيين، في عهد رئيس ديمقراطي أو جمهوري هي ذاتها، فقط الفارق بينهما أن سياسة الإدارة الديمقراطية تكون ناعمة ودبلوماسية، في حين سياسة الإدارة الجمهورية تكون خشنة وفجة. من ناحية ثانية، فإن ما يجب إدراكه، في هذه الظروف أن الرئيس بايدن مجرد يقدم أطروحة نظرية، للاستهلاك، وتقطيع الوقت، أي ليس لها دلالات عملية، بالنظر لرفضه الاعتراف بدولة فلسطينية كعضو مراقب في الأمم المتحدة، وبرفضه وقف إطلاق نار نهائي ضد الفلسطينيين في غزة، مع دعمه العملي لإسرائيل. أيضا، فإن الكلام عن دولة فلسطينية، ربما لا يقصد منه سوى الشكل، أي تغيير اسم السلطة الفلسطينية إلى دولة فلسطينية.

ما يجب إدراكه، إضافة إلى كل ما تقدم، أن أي حديث جدي عن دولة فلسطينية بمعنى الكلمة يفترض وقف وإنهاء الاستيطان في الضفة الغربية، كما يتطلب إنهاء الهيمنة الإسرائيلية على حياة الفلسطينيين، سياسيا واقتصاديا وإداريا، إضافة إلى الانسحاب من الأراضي الفلسطينية، التي احتلتها إسرائيل في العام 1967، بما فيها القدس الشرقية، إذ أن أي إخلال بكل ذلك يعني أننا إزاء سلطة حكم ذاتي معدلة، لا أكثر من ذلك.

مع ذلك يفترض لفت الانتباه إلى أن الخلاف بين إدارة بايدن وحكومة نتنياهو هو خلاف حقيقي وجدي وعميق، لكن ليس له علاقة بالموقف من الفلسطينيين، إذ هو محصور في الشأن الذي يخص النظام السياسي الإسرائيلي، وطبيعة إسرائيل كدولة دينية أو علمانية، كدولة ليبرالية ديمقراطية أم كدولة عنصرية، فقط.

أما فيما يخص الخلاف الأميركي ـ الإسرائيلي في الشأن الفلسطيني، فإن الولايات المتحدة تتصرف وفقا لفكرة مفادها «إنقاذ إسرائيل من نفسها رغم أنفها»، وهذا له علاقة بتشذيب سياسة إسرائيل ضد الفلسطينيين، والإبقاء على صورة إسرائيل كدولة ديمقراطية ليبرالية تشبه الغرب، بخاصة بعد أن باتت إسرائيل تبدو أمام الرأي العام العالمي كدولة استعمارية وعنصرية ودينية وكدولة تمارس حرب إبادة ضد الفلسطينيين، بحيث باتت تظهر بمثابة عبء سياسي وأمني واقتصادي وأخلاقي على الولايات المتحدة والدول الغربية.

المعنى أن الدول الغربية، وضمنها الولايات المتحدة في ظل إدارة بايدن، تحاول تبييض صفحتها، وصفحة إسرائيل، كجواب على المظاهرات الغضبة والعارمة التي تشهدها عواصم ومدن العالم، ولرأب الصدع الحاصل بين المجتمعات والحكومات في البلدان الغربية، وضمنها الولايات المتحدة، على خلفية الدعم اللامحدود لحكومة نتنياهو وسياساته ضد الفلسطينيين، سيما أن ثمة قناعة في أوساط يهودية داخل إسرائيل وخارجها، وفي أوساط في الرأي العام في الدول الغربية، تفيد بأن التيار الإسرائيلي المتطرف ضد الفلسطينيين، بات ينتقل بعدواه المرضية إلى تطرف ضد اليهود الإسرائيليين العلمانيين والليبراليين أيضا.

هذه هي حدود الموقف الأميركي، لذا المطروح ربما تغيير اسم السلطة إلى دولة، لا أكثر…

شاهد | البث المباشر لقناة الغد

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]