ماجد كيالي يكتب: لا جديد فلسطينيًا مع إدارة أمريكية جديدة

ماجد كيالي

ما حدث في الانتخابات الأمريكية مؤخراً، لا يشكل مفاجأة كبيرة، بل إنه نتيجة طبيعية تعكس واقع الانقسام في المجتمع الأمريكي، في القضايا الداخلية (وليس الخارجية)، في شأن الضرائب، والرعاية الصحية، والخدمات الاجتماعية، والتعليم، مع الأخذ في الاعتبار، أيضا، حساسية الانتماءات الإثنية والثقافية، وكذلك النزعة الفطرية إلى التغيير، وثقل جائحة كورونا، وكلها أمور أدت إلى فوز جو بايدن (على الأرجح)، وانتهاء حقبة دونالد ترامب (كتبت المادة قبل الإعلان الرسمي عن نتيجة الانتخابات).

بيد أن ما حصل يكشف، أيضا، عيوب النظام الديمقراطي الأمريكي، فعلى رغم قوة هذا النظام المتأسس على المواطنة المتساوية، والحرية الفردية، واحترام الاستقلالية، وحرية الرأي والتعبير، والقائم أيضا على الدولة الفدرالية (نقيض الدولة المركزية)، والفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، إلا أن ما يفترض الانتباه إليه، أيضاً، أن هذا النظام يتضمن نقاط ضعف كبيرة، ناجمة عن: أولاً، طريقة التصويت، حيث لا ينتخب الأمريكيون رئيسهم بشكل مباشر. ثانيا، تحكم قطاعات الشركات والإعلام والخدمات بصياغة الرأي العام، وتوجيه أمزجة الناخبين. ثالثا، اعتماد نظام الحزبين الكبيرين وهذا يحد من التنافس ويضعف المشاركة السياسية. رابعاً، فترة عضوية مجلس النواب (435) هي سنتين بينما فترة عضوية مجلس الشيوخ (100) هي أربعة أعوام، وهذا يضعف استقرار الهيئة الشرعية (الكونغرس). خامساً، وأخيرا فإن عيوب النظام الديمقراطي هي ذاتها عيوب النظام الديمقراطي الأمريكي الذي تتحكم فيه وسائل السيطرة والهيمنة المالية والإعلامية والحزبية.

ومعلوم أن مفكرين أمريكيين كثر انتقدوا طريقة عمل النظام السياسي الأمريكي باعتباره بات متقادما ومستهلكا، وينبغي تجاوزه، أو ادخال تعديلات عليه. ومثلا فقد سبق أن حذّر المؤرّخ السياسي بول كندي، وقبل عقدين، في كتابه “صعود وهبوط القوى العظمى”، من احتمال تراجع مكانة الولايات المتحدة بسبب الثغرات في نظامها السياسي وفي نظامها التعليمي، وبسبب الفجوات في مجتمعها.

رغم كل الاعتبارات السابقة فإن مجيء رئيس آخر للولايات المتحدة لن يغيّر كثيرا من طبيعة النظام الأمريكي، لعدة أسباب، أهمها، أن الولايات المتحدة دولة كبيرة مترامية الأطراف، وذات ثقل اقتصادي وسياسي وأمني هائل، بمعنى أن رؤاها ومصالحها لا تتغير بمجرد تغير أشخاص؛ هذا أولا. ثانيا، نحن إزاء دولة تديرها الشركات الكبرى، وهذه موازناتها بحجم موازنات دول متوسطة الحال، مع أننا لا نتحدث عن شركات أهلية (عائلية)، إذ هي بمثابة مؤسسات بمعنى الكلمة، أي تشتغل وفق قواعد الإنتاج والربحية والأهلية والكفاءة وإتاحة الفرص في الوقت ذاته. ثالثاً، أي تغيير في السياسة الداخلية سيواجه من قبل ما يمكن تسميته بـ “المؤسسة”، أو بحسب تعبيراتنا “الدولة العميقة”، وهذه تتألف من الطبقة السياسية في الكونغرس ومراكز الأبحاث وقوى الضغط. رابعاً، في الغضون لا ننسى أننا إزاء دولة فيدرالية وهذا أيضا يحد من سلطة الرئيس، أو من قدرته كفرد على فرض إرادته على الآخرين، إذ لكل ولاية حاكمها ونظامها الخاص. أما على الصعيد الخارجي فإن التغيير السياسي هنا سيغدو أكثر صعوبة، سيما إذا علمنا أن الرئيس في هذا المجال بالذات أقل قدرة على فرض رأيه، بالقياس للشؤون الداخلية، فهنا سيكون للدولة العميقة رأيها أولاً وأخيراً، وهذه تشمل البنتاغون والخارجية، والشركات الكبرى وجماعات الضغط. وقد شهدنا مثلا أن الرؤساء السابقين مثل جيمي كارتر وجورج بوش (الأب) وبل كلينتون وباراك أوباما لم يستطيعوا فعل شيء إزاء إسرائيل، ولا حتى تحريك ورقة من محلها، وكل ما استطاعه كلينتون هو عقد اتفاق أوسلو (1993) الذي كان مجرد فخّ للفلسطينيين، حيث لم تنفذ إسرائيل حتى الآن الاستحقاقات المطلوبة منها.

أما بالنسبة للتغيرات التي كان أدخلها الرئيس ترامب (المنتهية ولايته) في شأن الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، وهي كبيرة، وهذا ما يهمنا، فيفترض ملاحظة أنها تعتبر خروجا عن السياسة التقليدية الأمريكية لكن من الناحية النظرية فقط، بمعنى أنها من الناحية العملية لا تتعارض مع المواقف العملية للولايات المتحدة المحابية لإسرائيل، التي باتت هي المحدد الرئيس للسياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط عموما.

يستنتج من ذلك أن الرئيس القادم (جو بايدن) قد يقوم بمراجعة سياسات الرئيس السابق في المجال الفلسطيني، إلا أن ذلك قد لا ينطوي على طي صفحتها نهائيا، على الأغلب، ناهيك أنه سيجد صعوبة في ذلك، وربما أنه سيبحث عن صيغة وسط، تنطوي على نوع من الضغط والمساومة، بحيث يجد السلم الملائم للقيادة الفلسطينية، التي تستطيع من خلاله العودة للانتظام ضمن مسار أوسلو، أو ما تبقى منه، من دون أن يترتب على ذلك أية مفاعيل جدية في تلك العملية، أي العودة إلى ما قبل حقبة ترامب!

القصد هنا أن وضع القيادة الفلسطينية في ظل عهد جو بايدن ربما يكون أفضل، من الناحية الشكلية فقط، لكن ذلك ربما يعود إلى لغته الناعمة، بالقياس لخصمه، لكن هذا الوضع لن يشمل تحسينا ملحوظا في وضع القيادة الفلسطينية أو في شأن حقوق الفلسطينيين، بمعنى أن الوضع لن يكون مريحا البتة، ولا على أي صعيد، وأن إسرائيل في الغضون ستعزز مكانتها وعلاقتها مع الإدارة الجديدة، سياسيا واقتصاديا وعسكريا.

ثمة استمرارية في السياسة الأمريكية بخصوص القضية الفلسطينية، قوامها محاباة إسرائيل، وضمان أمنها وتفوقها النوعي في المنطقة، وهذا بغض النظر عن الحزب الذي يحكم في الولايات المتحدة، جمهوري أم ديمقراطي، وبغض النظر عن اسم الرئيس.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]