ماجد كيالي يكتب: من العمليات التفجيرية وقصف الصواريخ إلى الطائرات الورقية

 

لا يدور الحديث اليوم عن عمليات تفجيرية، إذ أن إسرائيل امتصت هذا الشكل، من خلال فك الارتباط، “نحن هنا وهم هناك”، وتقليل الاحتكاك بالفلسطينيين، وذلك من خلال انسحابها من غزة وحصارها لها (20059، ومن خلال بناء الجدار الفاصل، وتقييد دخول الفلسطينيين إلى القدس، ونشر المستوطنات كالفطر حول المدن الفلسطينية، ومعاودة الهيمنة على تلك المدن، الخاضعة للسلطة. أيضا، لم يعد الحديث يدور عن حرب صاروخية فقط، وقد شهدنا أن تلك الصواريخ، لا تدمر شيئا في إسرائيل، بيد انها تعطي انطباعا للعالم أن للفلسطينيين مصانع ومستودعات وموارد للصواريخ، وكأنهم في منطقة محررة حقا، أو في دولة مستقلة، ما يضر بصدقية واقع الفلسطينيين كضحية، وبصورة مليوني فلسطيني في غزة يخضعون للحصار، لا يقلل من عذاباته شعور مستوطني غلاف غزة بخوف، حقيقي أو مبالغ فيه، من تلك الصواريخ.

الآن بتنا أمام ظاهرة الطائرات الورقية الحارقة، والتي تثير بعض الرعب أو الخوف عند مستوطني غلاف غزة، إلا أن ما يخشى منه أن ردة فعل إسرائيل على تلك الطائرات أكثر مما يجب، سواء بقصفها غزة، كما حصل مؤخرا، واعمال القتل والتدمير فيها، ناهيك عن تشديد الحصار عليها، أو بشن حرب على غرار الحروب الثلاث السابقة، ومازال أهلنا في غزة لم يشفوا من تداعياتها المأساوية المدمرة،

لنلاحظ أن كل شيء يجري في المزاج، وتبعا للسوق السياسي، إذ أن المظاهرات السلمية التي كان يمكن ان تستقطب تعاطف العالم، على الحدود مع غزة، تم أخذها لصالح بعض الفصائل، بحيث افرغت من مضمونها، وبدل مراجعة ذلك، يجري تحويل الامر من مسيرات سلمية للعودة، يعبر فيها الفلسطينيون عن حقهم في العودة، وفي وطنهم، إلى مجرد طائرات ورقية حارقة، وطبعا فإن هذه الطائرات لا تفعل شيئا، أو لا تؤثر في موازين القوى، بقدر ما تستدرج اعتداءات إسرائيلية على غزة.

على اية حال هذا اليس جديدا، فمنذ البداية تأسّست مقاومتنا لإسرائيل على النزعات العاطفية والرغبوية والثأرية والمزاجية، غالباً، وضمن ذلك الاستهتار بإسرائيل المصطنعة، مقابل الغطرسة أو المبالغة بالذات، في انفصام مريع عن الواقع، وفي إنكار مدهش للحقيقة.

هكذا تعودنا، مثلاً، على المبالغات وتضخيم الذات، فقضيتنا هي القضية المركزية للعالم العربي، والإسلامي، وربما للعالم كله، في حين هذا العالم مليء بالمآسي والكوارث والمظالم، ولا يكترث بنا إلى الدرجة التي نعتقدها. فوق ذلك فنحن نتغنى ونفتخر بعبارات من مثل شعب الجبارين، وياجبل مايهزك ريح، أو سنزلزل الأرض تحت أقدامهم وتحولاتها ، أو أوهى من بيت العنكبوت، التي قيلت ربما لرفع المعنويات، وليس للتحول إلى برنامج سياسي، أو إلى استراتيجية عسكرية، في وضع لم يعرف فيه احد ماهية الاستراتيجية العسكرية للثورة الفلسطينية، رغم مرور أكثر من نصف قرن عليها، ورغم غنى التجربة، ، ناهيك أن الحديث يدور عن دولة قوية عسكريا واقتصاديا وسياسيا، وعن دولة لديها سلاح نووي، ودولة تحظى بحماية عالمية، وباحتضان أقوى دولة في العالم لها، وهي الولايات المتحدة.

طبعاً ثمة صعوبة، اليوم، في تفهمّ او تقبّل هكذا خطابات، بعد سبعين عاماً على إقامة هذه الدولة، واخفاق العالم العربي في مواجهتها، او في الاستجابة للتحديات التي تطرحها عليه، بنمط نظامها السياسي ونموها الاقتصادي وتطورها التكنولوجي وقوتها العسكرية، بخاصة أن السنوات الماضية اثبتت ان إسرائيل هذه، أي الاستعمارية والاستيطانية والعنصرية والمصطنعة، تبدو أكثر استقرارا على الصعيدين المجتمعي والدولتي من كثير من دول المنطقة.

المفارقة أن هذه الخطابات، التي تتحدث عن زلزلة الأرض تحت أقدام إسرائيل، أو ازالتها من الوجود، ومسح حيفا وتل ابيب، لا تتصاحب بخطوات عملية، أي أنها تبقى مجرد فرضيات نظرية، وفي إطار التهديد، لإرضاء النفس، او للاستهلاك المحلي، او للمزايدة السياسية، أو لابتزاز الأخرين.

فوق ذلك فإن مشكلة هكذا خطابات، اليوم، أنها تأتي في وقت يشهد فيه المشرق العربي، انفجارا او خرابا، أو تصدعا دولتيا واجتماعيا، يصعب التكهن بمآلاته، فيما تبدو إسرائيل بمثابة الدولة الوحيدة الناجية من كل ذلك.

وعليه فلا يمكن لعاقل في هذه الظروف ان يتصور أن صواريخ حماس، او طائراتها الورقية، يمكن أن تزيل اسرائيل، او ان تحرر الضفة أو الجليل، مثلاً. صحيح ان هذه الصواريخ يمكن ان تطلق، وان تشكّل تهديدا، لكن السؤال ماذا بعد إطلاق الصواريخ؟ او ماهي تبعات ذلك على غزة، وكنا شهدنا الحروب الثلاث المدمرة التي تعرض لها القطاع، في سبعة أعوام (2008ـ2014) بأثمانها الباهظة، مع كل التضحيات والبطولات التي بذلت، وبعد حصار دام أكثر من عشرة أعوام، لم تستطع فرض رفع الحصار، ولا تحسين شروط الصيد في المياه الاقليمية لمنطقة غزة، كما لم تستطع اعادة اعمار مادمرته الحروب، لذا فمن غير المعقول تصور ان هذه الحركة تستطيع تدمير إسرائيل، مثلا، او تحرير شبر من فلسطين، في هذه الظروف العربية والدولية.

الحاصل، ومع كل التقدير للبطولات والتضحيات التي بذلت، إلا ان هذه المقاومة لم تغير من طبيعة موازين القوى في الصراع مع إسرائيل، اي انها لم تخل بواقع التفوق العسكري الإسرائيلي، وضمنه قدرة اسرائيل على التدمير، كما إنها لم تغير من قواعد الصراع معها.

باختصار على الفلسطينيين البحث عن طرق أخرى، أكثر جدوى لهم لتعزيز وجودهم في أرضهم، ولكسب تعاطف العالم معهم، ولتحصيل حقوقهم، سواء على المدى القريب أو البعيد.

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]