ماجد كيالي يكتب: نقاش مع حركة حماس في وثيقتيها 2017 و2024

ماجد كيالي

هذه محاولة لعقد مقارنة بين وثيقتين صدرتا عن حركة حماس، الأولى، صدرت في العام 2017، والثانية صدرت قبل أيام (يناير/كانون ثاني 2024)، وفي حين أن الأولى صدرت في ظرف كانت فيه تلك الحركة الصاعدة في المجال السياسي الفلسطيني تحاول تعزيز شرعيتها الكفاحية والسلطوية، بشرعية وطنية، فإن الثانية صدرت في ظرف تحاول فيه ترسيخ مكانتها كطرف مقرر في الخيارات السياسية والكفاحية الفلسطينية، بصد محاولات عزلها، بناء على معطيات حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة (حيث سلطة حماس)، منذ أكثر من مئة يوم.

منذ مطلع الوثيقة الأولى (2017) عرفت «حماس» ذاتها، باعتبارها حركة «وطنية فلسطينية إسلامية، هدفها تحرير فلسطين… مرجعيتها الإسلام في منطلقاتها وأهدافها السامية»، وهذا ما تكرر في الوثيقة الجديدة، وضمنه اعتمادها على الأمتين العربية والإسلامية، وتحديدها هدفها، بتقويض المشروع الصهيوني، وتحرير فلسطين، من دون أن تقطع مع هدف الدولة الفلسطينية.

أما بخصوص الوثيقة الجديدة (2024)، فأتت على شكل مرافعة عن حركة حماس، عن خياراتها وسياساتها، وعن طبيعتها، وأشكال كفاحها، عبر خمسة عناوين، الأول: لماذا معركة طوفان الأقصى؟ وفيه عرض لنشوء القضية الفلسطينية، منذ بداية الاستيطان الصهيوني في فلسطين، مرورا بالنكبة (1948) وصولا إلى احتلال الضفة والقطاع (1967) وانتهاج إسرائيل الاستيطان ومصادرة الأراضي والفصل العنصري، وانتهاك المقدسات، والقمع والاعتقال وحصار غزة. الثاني، الرَّد على ادّعاءات وأكاذيب الاحتلال. وأعتقد أن هذا القسم هو الغرض من إصدار تلك الوثيقة، إذ أتى كمرافعة للرد على ادعاءات إسرائيل. الثالث، نحو تحقيق دولي نزيه، تم التأكيد فيه على أهمية البعد القانوني، وعدالة القضية الفلسطينية، في الرأي العام العالمي، باعتبار قضية فلسطين جزءاً من «حالات النضال التحرّري من الاستعمار والاحتلال الأجنبي أو الفصل العنصري في العالم في التاريخ المعاصر». الرابع، تذكير للعالم من هي حماس، وتمييزها نفسها كحركة تحرر وطني. أما الخامس، فأتى تحت عنوان: ما هو المطلوب؟ تم فيه عرض لما يمكن القيام به على كافة الأصعدة لتفويت الاستهدافات الإسرائيلية.

هذه باختصار مضامين الوثيقة، التي تميزت بتكرار كلمة المدنيين الإسرائيليين، 10 مرات، في معرض تأكيد الحركة «تجنب استهداف المدنيين»، ومع إن ذلك ليس جديدا، إذ ذكر مرارا على لسان بعض قادة تلك الحركة (خالد مشعل مثلا)، إلا إن ذلك لم يترسخ كثقافة لدى معظم قياديي وكوادر ومنتسبي «حماس»، الذين ينكرون وجود مدنيين في إسرائيل، ويرون الإسرائيليين ككتلة صماء، ما يفيد إسرائيل ويغذي عصبيتها وعنصريتها التي تتأسس على التوحد في مواجهة الخطر الخارجي.

أما ما يجمع الوثيقتين، فهي محاولة حركة حماس التماهي مع الفكر السياسي الفلسطيني السائد، من دون القطع مع «ميثاقها»، الذي كانت أصدرته لحظة انطلاقها، مع اندلاع الانتفاضة الأولى (1987)، ولا مع واقع كونها حركة إسلامية أو بمرجعية إسلامية.

على ذلك، فإضافة إلى تأكيدها على ذاتها كحركة تحرر وطني، فإن المقاربة الأهم في الوثيقة القديمة والجديدة، تتمثل في التماهي مع الفكر السياسي الفلسطيني السائد، في ثلاثة جوانب، الأول، تمييز «حماس بين اليهود، كأهل كتاب، واليهودية كديانة من ناحية، وبين الاحتلال والمشروع الصهيوني، من جهة أخرى»، ورؤيتها «أن الصراع مع المشروع الصهيوني ليس صراعاً مع اليهود بسبب ديانتهم…حماس لا تخوض صراعاً ضد اليهود لكونهم يهوداً، وإنما تخوض صراعاً ضد الصهاينة المحتلين المعتدين».

أما المقاربة الثانية فتتمثل في الاقتراب من البرنامج المرحلي، بإقامة «دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، على خطوط الرابع من يونيو/ حزيران 1967، مع عودة اللاجئين والنازحين إلى منازلهم التي أخرجوا منها، هي صيغة توافقية وطنية مشتركة».

وتتمثل المقاربة الثالثة، بأن «مقاومة الاحتلال، بالوسائل والأساليب كافة، حق مشروع كفلته الشرائع السماوية والأعراف والقوانين الدولية، وفي القلب منها المقاومة المسلحة التي تعد الخيار الاستراتيجي لحماية الثوابت واسترداد حقوق الشعب الفلسطيني.»، أي أن الأمر لم يعد يتعلق بالكفاح المسلح لوحده، وهذه مقاربة مهمة وفي محلها وكان تحدث عنها مرارا خالد مشعل القيادي بحركة حماس.

باختصار ثمة في الوثيقتين محاولة للاقتراب من الفكر السياسي الفلسطيني السائد، ولو بشكل متأخر، وتحت متطلبات الحاجة، أو الضغوط الخارجية؛ هذا أولاً. ثانياً، تضمنت الوثيقتان، أيضا، مفاهيم غير واقعية، أو لا علاقة لها بأوضاع الفلسطينيين المتعينة، ولا بالتجربة الوطنية الفلسطينية، بما فيها الحديث عن الأمتين العربية والإسلامية، في وقت نعرف أن الامتين على مستوى الشعوب في حالة مقيدة، بواقع الأنظمة السائدة، فضلا عن افتقاد ما يسمى حلف المقاومة والممانعة (وعلى رأسه إيران) لأي مصداقية، بدليل أفول شعار وحدة الساحات، في الحرب الحالية في غزة. ثالثا، لا أحد يعرف إن كانت تلك الوثيقة تعبر عن تيار معين، إذ يصعب التيقن من كونها تعبر عن تطور في الفكر السياسي لحماس، باعتبار أن عديد من قيادييها يتحدثون بخطابات مختلفة، وأن تعبيرات معظم منتسبيها لم يظهر فيها أي تكيف مع وثيقة 2017 وهذا لا بد سيشمل عدم التكيف مع الوثيقة الجديدة. رابعا، ستظل المشكلة بالنسبة لحماس، كما بالنسبة لفتح، هو ذلك التناقض في طبيعتها بين كونها سلطة على شعبها، وبين كونها حركة تحرر وطني.

أخيرا، فإن حركة حماس، مع هذه الوثيقة أو من دونها، تقف في مواجهة لحظة حرجة في تاريخها، وهذا ينطبق على مجمل الحركة الوطنية، بل والسلطة الفلسطينية، فما بعد حرب غزة ليس كما قبلها بالنسبة للجميع.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]