بعد 14 عاما من النزاع رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية، الاستئناف المقدم من كنيسة الروم الأرثوذكس لإبطال بيع ثلاثة عقارات من أملاك الكنيسة في القدس المحتلة تم تسريبها إلى الجمعيات الاستيطانية.
وأقرت محكمة الاحتلال الإسرائيلي أول من أمس، بقانونية عملية بيع العقارات الثلاثة الكائنة في باب الخليل والحي الإسلامي بالبلدة القديمة، إذ كشفت القضية عام 2005، وأدت تداعياتها إلى إقالة البطريرك السابق “إيرينيوس” الذي تمت عملية تسريب العقارات في عهده.
وكان البطريرك الجديد ثيوفيلوس الثالث تعهد بالعمل على إبطال هذه الصفقة، بعد أن قال إنه شابها “فساد ورشوة ولم تحصل على موافقة الكنيسة”.
والعقارات الثلاثة تضم فندقَي “بترا”، المؤلّف من أربعة طوابق و”إمبريال”، الواقع قرب باب الخليل على مدخل البلدة العتيقة ومبنى “بيت المعظمية”.
طرد وتهجير
وقال الكاتب والمحلل السياسي راسم عبيدات “هذه الصفقة أخطر من أي صفقة سابقة، فهي تقع على مدخل المدينة والبلدة القديمة، ما يجعل المحتل يتحكم فيها، وفي الطرق المؤدية إلى جامع عمر ومدخل كنيسة القيامة والمسجد الأقصى وخاصة بيت المعظمية، والذي يستهدف الإحتلال منطقة باب حطة من خلاله”.
وأوضح عبيدات في حديث لموقع قناة الغد، قائلا “هذه العملية تسهم في عمليات الطرد والتهجير القسري بحق أبناء شعبنا العربي المسيحي في المدينة المتناقصة أعدادها أصلاً، ناهيك عن الإسهام في المزيد من تهويد البلدة القديمة المستهدفة من قبل دولة الاحتلال”.
هذا وتباهت جمعية “عطيرت كوهانيم” الاستيطانية، بأنها أنهت إجراءات الاستيلاء على قسم من مبنى كبير واستراتيجي في القدس الشرقية، بمساحة ألف متر، سيكون ركيزة لبؤرة استيطانية جديدة، وطُلب من المستوطنين تقديم التبرعات لدعم الاستيطان في المنطقة. ويقع المبنى على تقاطع شارعَي السلطان سليمان وصلاح الدين، قرب مكتب البريد المركزي ومحطة الشرطة الإسرائيلية، وهي منطقة وضعتها الجمعيات الاستيطانية هدفاً لتعزيز الاستيطان، وتخطط لإقامة مدرسة دينية وكلية تحضيرية عسكرية في المبنى.
رشوة و فساد
وقالت صحيفة هآرتس العبرية إن هذا الرفض أنهى صراعا قضائيا استمر نحو 14 عاما بشأن بيع ممتلكات الكنيسة، بما يعد مكسبا للجمعية الاستيطانية التي تعزز مكانتها في “حارة النصارى” في البلدة القديمة.
ولفتت الصحيفة إلى أن محاميي البطريركية تنازلوا عن الادعاءات بشأن الرشوة والفساد في أساس الصفقة، كما تنازلوا عن ادعاءات عدم صلاحية التوقيع على الصفقة، كما لم يتم عرض وثائق على المحكمة تشير إلى أن الجمعية الاستيطانية كانت قد عرضت 9 أضعاف المبلغ الذي دُفع فعلا.
من جهته، قال زياد الحمورى مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية بمدينة القدس المحتلة “ما حدث يأتي في إطار الهجمة الممنهجة التي تتعرض لها مدينة القدس المحتلة، والاستيلاء على عقاراتها بهدف تهويدها وتهجير الفلسطينيين منها “.
وذكر الحمورى في حديث لموقع قناة الغد “هناك ثغرات كبيرة وتقصير من قبل البطريركية ولوم كبير عليها لأنها لم تقم بالواجب المطلوب منها بالدفاع عن هذه العقارات ، لأنه كان على ما يبدو وجود إمكانية لاسترجاع هذه الأملاك، وهذا كله موجود في قرار المحكمة “.
يشار إلى أن فلسطينيين يسكنون هذه المباني ويعدون “مستأجرين محميين”، ومن المتوقع أن تبدأ الجمعية الاستيطانية “عطيريت كوهانيم” بإجراءات قضائية لإخلائهم منها.
من جهتها، أعلنت بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية، معارضتها الكاملة لقرارات المحاكم الإسرائيلية غير المنصفة بما يتعلّق بصفقة الاستيلاء على العقارات الارثوذكسية في باب الخليل بالقدس، مؤكدة أنها ستكمل مشوار مقاومة عملية الإستيلاء على عقاراتها في باب الخليل بكافة السبل المشروعة، وأن طواقمها القانونية بالتعاون مع خبراء في القانون الدولي، تدرس كافة الاحتمالات المتاحة لإلغاء عملية الاستيلاء على عقارات باب الخليل.
وأوضحت البطريركية، أنها ستواصل تقديم دعمها للمستأجرين المحميين بهذه العقارات ليكونوا خط دفاع آخر أمام الهجمة الاستيطانية الشرسة على القدس عامة وعلى هذه العقارات خاصة.
