ماذا يعني إعلان بوتين تعليق المشاركة في معاهدة «نيو ستارت» للحد من السلاح النووي؟
الحرب في أوكرانيا جعلت من السهل على روسيا التلويح باستخدام أسلحتها النووية، باعتبارها أداة الردع الرئيسية التي تمكنها من مواجهة الأسلحة الغربية التي تتقاطر على كييف.
وجاء إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعليق مشاركة بلاده في معاهدة نيوستارت للحد من الأسلحة النووية مع الولايات المتحدة، ليثير مخاوف من صدام نووي محتمل بين روسيا والناتو.
المعاهدة التي تم توقيعها بين البلدين في العام 2010، وتم تمديدها مطلع العام 2021، تُلزم الطرفين بالاحتفاظ بعدد محدد من الرؤوس النووية والصواريخ بعيدة المدى، كما تتيح لهما رقابة دورية على مخزوناتها، وتعليق المشاركة في المعاهدة يعني أنهما يستطيعان زيادة تلك المخزونات ووقف عمليات التفتيش المتبادلة.
تعليق المشاركة لم يخلُ من دعوة للمساواة، إذ طالب بوتين لأجل ضمان التكافؤ الاستراتيجي العالمي أن ينضم الحلف الأطلسي إلى المعاهدة، لأن الولايات المتحدة ليست هي القوة النووية الوحيدة داخل الناتو.
وسط كل ذلك، وجهت الخارجية الروسية خطابا للولايات المتحدة، عبر سفارتها في موسكو يطالبها باتخاذ خطوات نحو سحب قواتها وعتادها التابع لحلف شمال الأطلسي ووقف نشاطاتها المعادية لروسيا من أجل تهدئة الوضع، وفي هذا الأفق الغائم تظهر مبادرة صينية من المتوقع الإعلان عنها خلال أيام، تقول الخارجية الصينية إنها ستكون حول احترام السيادة ووحدة الأراضي، وأساسيات ميثاق الأمم المتحدة، ومراعاة المصالح الأمنية المشروعة لجميع الدول.
فماذا يعني تعليق مشاركة موسكو في معاهدة نيوستارت؟ وماذا تتضمن المبادرة الصينية المحتملة لتسوية الأزمة في أوكرانيا؟ وهل تتجه أوضاع المواجهة بين موسكو والناتو الى المزيد من التأزم، أم العكس؟
هذا هو محور نقاش الفقرة الأولى لحلقة اليوم الثلاثاء من برنامج «وراء الحدث» الذي يعرض عبر قناة «الغد».
رسالة واضحة
قال الخبير الاستراتيجي كالفين دارك، إنه يعتقد أن الرسالة من وراء زيارة بايدن لكييف وبولندا واضحة وجلية، وهي أننا هنا في الذكر الأولى لحرب روسيا غير المشروعة ضد أوكرانيا.
وأضاف في تصريحات لـ«الغد» من واشنطن أن رسالة بايدن تقول بوضوح إنهم سوف يستمرون في الدعم الإنساني والعسكري للحليف الأوكراني وإنهم يشجبون كل الأعمال المتطرفة الروسية.
وأشار إلى أن روسيا تعتبر الدول الأعضاء في حلف الناتو والولايات المتحدة غريما لها، لذا فنحن نحاول قدر الإمكان أن نستمر في الالتزام الكامل تجاه دعم أوكرانيا العسكري والإنساني وإرسال الأسلحة التي ستساعدهم في الحرب.
وتابع: “روسيا مع مرور عام على الحرب، لا تبدي نية في التصفية أو وجود حلول وسط أو الانسحاب من الأراضي التي تحتلها”، مؤكدا انها لا تستهدف فقط أوكرانيا، ولكنها تستهدف الغرب بأكلمه، مشيرا إلى أن نية روسيا المبيتة باتت جلية الآن بالانسحاب من هذه المعاهدة، فهي تقول صراحة إنها لن تحترم أي مواثيق دولية في استخدام الأسلحة.
المعاهدة الأخيرة
قال الخبير العسكري الروسي سيرجي شاشكوف، إن تصريح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن تعليق المشاركة الروسية في معاهدة الحد من الأسلحة النووية يعني أنه لم يعد هناك أي معاهدة استراتيجية بتأمين السلام العالمي بين روسيا والولايات المتحدة.
وأضاف في تصريحات لـ«الغد» من موسكو أنه في السابق تم تعليق أو إلغاء معاهدة الأجواء المفتوحة ومعاهدة الحد من الصواريخ متوسطة المدى، أما معاهدة نيو ستارت فهي المعاهدة الأخيرة التي كانت تربط موسكو وواشنطن بهذا الشأن المهم جدا.
وأشار إلى أن بوتين حمل الغرب مسؤولية شن هذه الحرب، لأن روسيا ليست هي الدولة التي اعتدت، فالحرب بدأت عام 2014 نتيجة الانقلاب الذي تم في كييف، وبمشاركة السفارة الأمريكية وبعض المسؤولين الأمريكيين الكبار الذين كانوا في مركز كييف.
وتابع: “بوتين أشار إلى أنه لا بد من حساب الترسانة النووية الفرنسية والبريطانية لأنها دول نووية، وخصوصا بعد تصريحات بوريس جونسون عندما كان رئيسا لوزراء بريطانيا، حينما هدد باستخدام الأسلحة النووية ضد روسيا دون تنسيق ودون موافقة واشنطن، هذا كله يثير قلقا بالغا في الإدارة السياسية الروسية”.
