في الوقت الذي تواصل فيه ميليشيات شيعية موالية للجيش العراقي معاركها ضد تنظيم «داعش» في مدينة الفلوجة، التي تبعد نحو 60 كيلومترا عن بغداد، ظهر قادة إيرانيون كذلك في أرض المعركة.
جاء الجنرال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني على رأس هؤلاء في غرفة قيادة شكلتها الميليشيات الشيعية للإشراف على تحرير الفلوجة من قبضة تنظيم «داعش»، مما أثار غضب واستياء الكثيرين.
والتقطت العدسات صورا للجنرال الإيراني مع قيادات حركة النجباء الشيعية التي تعتبر المكون الرئيسي لميشيات الحشد الشعبي التي تخوض عدة معارك ضد التنظيمات المسلحة في العراق، بينما نشرت الحركة صورة يجلس فيها سليماني في غرفة قيادة العمليات العسكرية في الفلوجة.
وترتبط حركة النجباء بعلاقات وثيقة مع كتائب حزب الله في العراق ولبنان، بينما تعد الفلوجة إحدى أهم المدن العراقية ذات الغالبية السنية، وأعربت عدة جهات عراقية ودولية مدى خشيتها من اقتحام الميليشيات الشيعية للمدينة مما سيفجّر أزمة طائفية غير مسبوقة.
وفي الوقت الذي تشن فيه الحركة الشيعية المسلحة تصعيدا إعلاميا ضد المملكة العربية السعودية وصف فيها المتحدث باسمها هاشم الموسوي مكة المكرمة بأنها «محتلة» عقب إعلان إيران اليوم، الأحد، عدم إرسالها للحجاج هذا العام، مضيفا لوكالة «فارس» الإيرانية الرسمية: «السعودية تضع العراقيل أمام أداء فريضة الحج لبعض الدول مثل إيران».
وهذه الحركة هي ذاتها التي هددت بشن هجمات داخل الأراضي السعودية ردّا على إعدام الزعيم الشيعي السعودي نمر النمر في يناير/ كانون الثاني الماضي، قائلة في بيان رسمي: «انتظروا ردّنا في عقر داركم».
بينما كان لأكرم الكعبي الأمين العام للحركة تصريحات طائفية تدل على قيادتها لعمليات عسكرية «انتقامية» في الفلوجة التي وصفها بـ «حاضنة الإرهاب»، حيث قال في مؤتمر صحفي في 19 مايو/ آيار الجاري: «سيكون لنا بكل قطرة دم لشهيد، ثأر من حاضنة الإرهاب».
من جهتها، لم تنفِ الميلشيا وجود الجنرال الإيراني معها في ميادين القتال في مدينة الفلوجة، فقال نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس إن وجود قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري في العراق جاء بطلب من الحكومة.
وأضاف المهندس في تصريحات لقناة السومرية العراقية مساء أمس، السبت، أن المستشارين الإيرانيين موجودون بجوار عناصر الميليشيات منذ بداية المعارك، واصفا سليماني بـ «الأخ العزيز»، وأوضح أنه «جاء بطلب من الحكومة العراقية وبالاتفاق مع القائد العام للقوات المسلحة».
فيما قالت قناة «العالم» الإيرانية، إن الصورة التي التقطت لسليماني مع قادة حركة النجباء كانت داخل غرفة قيادة العمليات العسكرية ضد «داعش» لتحرير المدينة التي «تعد معقلا لقيادات التنظيم المتطرف».
وكانت وكالة «فارس» الإيرانية الرسمية، قالت الخميس الماضي إن «سليماني أبرز قادة العمليات العسكرية ضد الإرهاب في سوريا والعراق ومناطق أخرى إقليمية»، بينما لم تنفِ من قبل أيضا صورا متداولة له في ميادين المعارك ضد المعارضة المسلحة في محافظة حلب السورية.
وعبر الحساب الرسمي لحركة النجباء على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، نشرت الحركة صورا لسليماني وعلّقت عليها: «صور رائعة لقائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني في الفلوجة».
وأعلنت ميلشيا الحشد الشعبي تشكيل غرفة قيادة وبدء المرحلة الثانية من المعارك لاستعادة مدينة الفلوجة من قبضة تنظيم «داعش» في 23 مايو/ آيار الجاري، بينما كان رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وقيادات في الميلشيا على رأس قيادة العمليات الواقعة في قرية الكرمة على أطراف المدينة.
ونقلت وسائل إعلام محلية أن لقاء جمع سليماني بالمالكي في غرفة قيادة العمليات الأسبوع الماضي، بينما لم تشر إلى نتائج الاجتماع.
وقال المالكي في زيارته لقيادة عمليات الحشد الشعبي: «الفلوجة بؤرة طالما كانت رأس الأفعى التي خرّجت الكثير من القتلة والتكفيريين والإرهابيين»، وأضاف في تسجيل مصور له من هناك: «تسبب هؤلاء التكفيريون بظلم كبير لأهل الفلوجة الذين يحتاجون إلى العودة إلى مناطقهم، وأن يأخذوا عبرة من سياسات وسلوكيات الذين تسببوا لهم وعليهم بما كانوا فيه».
وتأتي معركة الفلوجة في الوقت الذي تتعالى فيه النعرات الطائفية في البلاد، بينما يقود المعركة التي أعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي البدء بها قيادات شيعية وميليشيات تصور الحكومة على وصفها بـ«المتطوعين»، على الرغم من ارتكابها انتهاكات عدة في المناطق السنية التي حررتها من قبضة تنظيم «داعش» من قبل.
