تضيء الطلقات الكاشفة سماء الليل في حفلات الزواج بمدينة مأرب الواقعة شمال شرق العاصمة صنعاء، والتي تنتشر فيها الأسلحة بكثافة، مثلها في ذلك مثل باقي مدن وقرى اليمن مما ساعد في إطلاق شرارة الحرب الأهلية، وهو ما يعيق خروج أي طرف من أطراف الأزمة منتصرا، بحسب وكالة أنباء رويترز.
يردد اليمنيون كثيرا مقولة “إن لكل شخص ثلاث قطع من السلاح”، وقد أصبح هذا التباهي مصدر قلق ملح في بلد تقول الأمم المتحدة إن الوضع الانساني فيه أصبح “حرجا”.
في مأرب ينتفخ خد المارة أثناء مضغ كتلة نبات “القات” التقليدي، بينما تتدلى من كتف كل منهم بندقية جاهزة للهجوم، بينما يحمل كثير منهم مسدسات في جرابات مزركشة أو قنابل يدوية في جيوب ستراتهم.
الحرب الأهلية التي اندلعت منذ مارس “آذار” الماضي، أوقعت أكثر من 5400 قتيل، مما أسهم في تكريس الصراع وتغيير التحالفات بناء على أسس إقليمية ومذهبية وقبلية، في حين دخلت المملكة العربية السعودية وإيران في حرب باردة.
وفرة سلاح مقلقة
سهولة الحصول على السلاح أتاحت لجماعات مختلفة سياسيا وفكريا المشاركة في القتالن بمن في ذلك المتشددون الإسلاميون الذين سيطروا على مدينة المكلا الواقعة على بعد مئات الكيلومترات شرق مأرب في محافظة حضرموت الحدودية مع السعودية.
وأشار خبراء الأمم المتحدة إلى وفرة السلاح في اليمن كمصدر للقلق على المستوى الاقليمي في عام 2013، وحينها كان للمتشددين المرتبطين بتنظيم القاعدة قاعدة رئيسية في الجنوب لكن الحرب عملت على زيادة هذه المخاوف بشكل كبير.
والآن تراجع الحوثيون وقوات صالح إلى التلال على بعد 30 كيلومترا لكن دوي الانفجارات البعيدة يمثل دليلا مستمرا على أن الحرب لم تنتهِ.
يقول أحد الشباب البالغ من العمر 18 عاما، إن أول شيء فعله عندما اجتاح الحوثيون قريته “أرحب” الواقعة قرب العاصمة صنعاء، كان الذهاب إلى سوق بيع السلاح لشراء البندقية التي يحملها الآن، متابعا: “بعد شرائي السلاح جئت إلى مأرب وكان ذلك قبل 4 أشهر، قريبا سأكون في معركة استرداد صنعاء”.
أسلحة ثقيلة
وقال جنود يمنيون رافقوا مراسل رويترز في زيارته للمدينة الأسبوع الماضي، إنهم اشتروا السلاح من السوق المحلية، متابعا: “إن البندقية الهجومية في سوق السلاح في مأرب تباع ببضع مئات من الدولارات والقنبلة اليدوية بسعر 30 دولارا”.
وقال الجنود إن الاسلحة الاثقل متوفرة أيضا ومنها القواذف الصاروخية ومدافع المورتر والمدفعية الخفيفة وكلها تلقى رواجا بين القيادات القبلية المحلية منذ فترة طويلة قبل نشوب الحرب الأهلية، ومما سهل تدفق السلاح ما شهده اليمن من حروب في الستينات والثمانينيات والتسعينيات وفي العقد الأخير ومشاركة عدد من القوى الإقليمية والدولية وكذلك استمرار القتال في دول قريبة جغرافيا مثل الصومال وتفكك الجيش.
تطوير الأسلحة
في هذا الجو المتقلب كثيرا ما يتم تعديل الأسلحة فالبندقية الهجومية تتحول إلى مدفع رشاش بإضافة خزنة دائرية والمدفع المضاد للطائرات يتم تركيبه كمدفع رشاش على متن شاحنات البيك اب ويجلس ثلاثة مقاتلين بكل زهو خلفه.
وبين جماعات الجنود والمقاتلين غير النظاميين الذين يرتدون الملابس المدنية تمثل مزايا الأسلحة وخصائصها موضوعا شائعا للحديث، وفي حين أن أغلبها تم شراؤه من سوق مأرب فإن قلة محظوظة تلقت تدريبا في السعودية لقتال الحوثيين حصلت على أسلحتها من دول خليجية.
وفي صندوق شاحنة “بيك أب” تهدر في الاراضي الزراعية الخصبة حول مأرب حيث تنمو بساتين البرتقال على جانبي الطريق أخرج جندي شاب رصاصة من سلاحه واستخدمها في محاولة فتح علبة مشروب انحشرت حلقة فتحها.
وحمل السلاح في اليمن عادة تبدأ في الصغر. وشاهد مراسل رويترز صبيين أحدهما يبدو في الثالثة عشرة من العمر، يرتدي الزي التقليدي والثاني في الرابعة عشرة، ويرتدي قميصا أزرق مخططا وهما يسيران في السوق ومع كل منهما بندقية كلاشنيكوف، فيما قال الثالث ويدعى صالح إنه يبلغ من العمر 12 عاما وإنه اشترى السلاح بمال حصل عليه من أبيه قبل شهر.