ماكرون في مرمى نيران «الكتلة السوداء» و «السترات الصفراء»

دخان كثيف، ومشاهد مروعة من الكر والفر عاشتها فرنسا، وهزّت العاصمة باريس اليوم السبت، التي شهدت اضطرابات اعتُبرت الأسوأ منذ العام 1968، وأسفرت عن مئات الجرحى والمعتقلين، حيث لم يساهم تجميد الحكومة الفرنسية زيادة مقرّرة على ضريبة الوقود لستة أشهر، ورفعها الحدّ الأدنى للأجور، في تهدئة متظاهرين واصلوا احتجاجات عنيفة، رافضين «فتات» تقدّمها لهم السلطات، بل الرغيف كاملاً.

 

التوقعات القائمة: رحيل الرئيس أم الحكومة ؟

الدوائر السياسية، ومراكز الدراسات السياسية والاستراتيجية في باريس، بدأت تطرح التوقعات القائمة، بعد أن دخلت فرنسا مرحلة غير مسبوقة من الاحتجاجات الشعبية، ولأول مرة منذ نصف قرن تقريبا: استقالة الحكومة؟ أم استقالة الرئيس؟ أم انتخابات مبكرة؟ وكلها احتمالات قائمة بضغط الاحتجاجات الشعبية «الساخنة»، والتي لم تتراجع أمام «تراجع الحكومة» وإذعانها لحركة «السترات الصفر»، مما يمثل ضربة موجعة للرئيس إيمانويل ماكرون بعد 18 شهراً على توليه الحكم، وتزامن ذلك مع تهاوي شعبيته، إذ أظهر استطلاع للرأي أعدّته «إيفوب ـ فيدوسيال» أن نسبة الرضا عن أداء ماكرون تراجعت إلى 23 في المئة، فيما سجّل رئيس الوزراء إدوار فيليب 26 في المئة.

 

 

«حوار الطرشان»

كانت الرئاسة الفرنسية بذلت جهوداً مكثفة لإقناع حركة «السترات الصفر» بالعدول عن الاحتجاجات وتشكيل وفد يمثل الحركة، للتفاوض مع مسؤولين حول سبل الخروج من الأزمة، لكن هذه الجهود بقيت بلا جدوى، نتيجة هوّة عميقة بين الجانبين، باتت أشبه بـ «حوار طرشان»، واعتبر كثيرون من أعضاء الحركة، أن المعطيات القائمة لا تحضّهم على التراجع، بل العكس على مواصلة تحرّكهم لانتزاع مزيد من التنازلات من الحكم الذي يواجه واحداً من أخطر الأزمات في فرنسا، منذ التظاهرات الطلابية في مايو/ أيار 1968..وما يعزّز قناعة هؤلاء بجدوى تحرّكهم، أن استطلاعات للرأي تظهر تأييداً واسعاً من الرأي العام الفرنسي لقضيتهم، على رغم عنف مبالغ فيه شهدته تظاهرتهم الأخيرة في باريس اليوم السبت..ويراهن أصحاب السترات الصفراء في الوقت ذاته على إرباك واضح وتوجّس يسودان الطبقة السياسية، وعلى إنهاك بدأ يصيب قوات الأمن التي يرى بعضهم أنها باتت مستنزفة، وقد تعززت رؤيتهم بإعلان  نقابة الشرطة الفرنسية  «Vigi» اليوم السبت، إضرابا مفتوحا، وأن أفراد الشرطة لن ينضموا إلى الاحتجاجات التي تنظمها «السترات الصفراء» لكنهم يريدون تقديم الدعم لهم.

 

  • ويطلق بعض المحتجين من «السترات الصفراء» مواقف غير واقعية، مردها كونهم غير منظمين وغير مسيّسين، بلغت حدّ الدعوة الى الاستيلاء على قصر الإليزيه.وتترتّب على هذا مخاوف جدية لدى الطبقة السياسية، والحكم الذي يجهد لإعداد خطط تتيح الحؤول دون تجدّد «حرب شوارع».. واعتبرت الحكومة الفرنسية أن «عناصر راديكالية» تحاول استغلال احتجاجات «السترات الصفراء» لإسقاط النظام في البلاد، محذرة من أن الرد عليهم سيكون «مناسبا وحاسما».

 

 

دور اليمين المتطرف 

وبينما قارنت وسائل إعلام رسمية روسية احتجاجات فرنسا بـ «ثورات ملوّنة» شهدتها جمهوريات الاتحاد السوفياتي، وتحدثت عن تورط الولايات المتحدة لـ «إضعاف ماكرون» تمهيداً لاستقالته، بعدما دعـــا إلى تأسيس جيش أوروبي ودافع عن الاتفاق النووي الإيراني.فإن وسائل الإعلام البريطانية حذرت من دور اليمين المتطرف، وهدفهم أكبر من رحيل الرئيس ماكرون ولكن القضاء على الرأسمالية ومغادرة الاتحاد الأوروبى..وقال جاين يفيس كامو، الباحث فى المعهد الفرنسى للشئون الدولية والإستراتيجية فى باريس، وهو خبير فى شئون اليمين المتطرف، إن الجماعات الراديكالية من اليمين واليسار أدمجوا أنفسهم  بحركة السترات الصفراء لأنهم يعتقدون أنهم بحاجة إلى إدراك سياسى، ويعتقدون أن المحتجين ينبغى أن يكون هدفهم ليس فقط استقالة ماكرون ولكن الإطاحة بالنظام بأكمله.

 

 إيديولوجية «الكتلة السوداء»

ومن بين الجماعات اليمينية المتطرفة التى شاركت فى احتجاجات السبت جماعة الدفاع عن الاتحاد المعروفة بأساليبها العنيفة، وجماعة العمل الفرنسى اليمنية التى ساندت حكومة فيشى التى ساندت ألمانيا النازية، وتم حظر الجماعة عام 2013. ويقول كامو إن جماعات اليمين المتشددة التى ترتبط أغلبها بعلماء البيئة الراديكاليين، كانت مترددة فى البداية فى دعم الاحتجاجات على زيادة الضرائب على الوقود، لكنهم انضموا إليها على أمل أن تؤدى الفوضى إلى انهيار الدولة.. وينتمى الكثيرون إلى جناح الحركة الأناركية الفرنسية ولديهم خبرة طويلة فى الصدامات مع شطة مكافحة الشغب.

 

 

  • وتتبنى بعض الجماعات إيديولوجية «الكتلة السوداء»، نسبة إلى الملابس السوداء التى يرتديها أعضائها، والتى تستمد جذورها من الدوائر اليسارية فى ألمانيا.

 

 

المشهد الفرنسي خرج عن السيطرة

ويؤكد الخبير الفرنسى أن اليمين المتطرف كان سريعا فى الانضمام لاحتجاجات السترات الصفراء على أمل أن يغذى العنف والفوضى أجندته المعادية للهجرة والإسلام..وتجلت أجندة اليمين المتشدد فى منشور تم توزيعه على المحتجين، ويلقى المنشور اللوم على المهاجرين  فى العنف، ودعا المنشور إلى إنهاء الرأسمالية والعولمة وعضوية فرنسا فى الاتحاد الأوروبى. ودعت الجماعة على موقعها الإلكترونى إلى ثورة وطنية اجتماعية شعبية من أجل الهوية.

 

  • والحقيقة أن فرنسا مثل العديد من دول أوروبا بدأت تشهد موجة من الشعبوية ومعاداة الأجانب ورفض العولمة بكل مبادئها بداية من الاقتصاد المفتوح وتداعياته ووصولا إلى اندماج الثقافات وتقبل الآخر.

 

 

يبدو أن المشهد الفرنسي خرج عن السيطرة ، وتعد احتجاجات السترات الصفراء انعكاسا لحالة غليان اجتماعى تعيشها فرنسا صاحبها صعود كبير للتيارات المتطرفة بمختلف أنواعها، فغالبية المشاركين فى المظاهرات هم من العاملين المنتمين للطبقة المتوسطة والذين اضطروا خلال السنوات الأخيرة إلى مغادرة منازلهم فى ضواحى وأطراف باريس بعد تراجع دخولهم وتدهور ظروفهم المعيشية بسبب تراجع الانتاج الصناعى فى العاصمة والمدن الكبرى القائمة على الصناعة.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]