ماكرون «مقيد اليدين».. عودة قوية لليسار الفرنسي
رصدت الدوائر السياسية والإعلامية في فرنسا، المفاجاة التي كشفت عنها الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية، التي جرت أمس الأحد، بتقدم اليسار الفرنسي وتراجع حزب الرئيس إيمانويل ماكرون، مما ينبىء بـ «تخلخل دينامية الجمهورية الخامسة»، التي كانت تمنح الرئيس المنتخب غالبية مريحة في البرلمان تتيح له الحكم ـ بحسب تقديرات الدوائر الفرنسية ـ وكان الرئيس ماكرون قد راهن على أغلبيته البرلمانية في مواجهة يسار متجدد.
وستنظم الدورة الثانية بعد أسبوع، الأحد القادم أي في 19 يونيو/ حزيران.. بينما بلغت نسبة المشاركة في الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية 39,42 % وأشارت تقديرات معهد «إيبسوس» للاستطلاعات إلى نسبة امتناع غير مسبوقة عن التصويت بلغت 52,8%..وينتخب الفرنسيون 577 نائبا في الغرفة السفلى من البرلمان (الجمعية الوطنية). ويعلق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون آمالا على فوز حزبه بالأغلبية المطلقة. من جانبه، يأمل زعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلنشون بتحقيق الأغلبية البرلمانية لفرض مبدأ التعايش على الرئيس. ماكرون.
ماكرون وحزبه أمام اختبار صعب
والمشهد المتوقع في هذه الانتخابات التشريعية يعكس التشكيل الجديد للخارطة السياسية في فرنسا الحالية، في ظل نتائج الدورة الأولى من الانتخابات النيابية الفرنسية التي تعتبر حاسمة بالنسبة لمستقبل الحكومة وقدرة الرئيس ماكرون على تمرير برنامجه الإصلاحي..كما أن مصير الحكومة التي تمّ تعيينها في منتصف مايو/ أيار، معلّق إلى حين صدور نتائج الانتخابات التشريعية التي ترشح فيها 14 وزيراً في سباقات محلية وقد يفقدون وظائفهم إذا فشلوا في الفوز بمقاعد.
- في المقابل، تأمل كتلة جان لوك ميلونشون اليسارية في الاستفادة من الوضع، وفي حال فوزها فإنها ستنتزع منصب رئاسة الوزراء.
غالبية «ضيقة» للرئيس ماكرون
واعتبرت وسائل الإعلام الفرنسية، أن خطر الغالبية النسبية بات يتهدد ماكرون، وهو يتجه نحو غالبية ضيقة، ويرى المحلل السياسي بصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية، الكسيس بريزيه، ان النتائج نكسة لرئيس الجمهورية قي يوم أحد حزين، وأن الرئيس ماكرون يتحمل مسؤولية «تخدير الحملة الانتخابية، في محاولة لتجريد حملة زعيم تحالف اليسار جان لوك ميلانشون من ديناميتها من خلال تقديم التنازلات للقاعدة الانتخابية لغريمه».. وقال بريزيه: إن على الرئيس ماكرون وضع حد لسياسة «الالتباس الاستراتيجي التي اعتمدها إذا كان فعلا يريد إنقاذ ما يمكن إنقاذه».
- وبنفس الرؤية ، أكدت صحيفة «لاكروا»، رهان ماكرون على حملة لا طعم لها ولا رائحة، لاعتقاده ان الامتناع عن التصويت سيأتي لصالحه، لكن تشخيصه كان خاطئا..واعتبرت الصحيفة أن مقاطعة الفرنسيين لمكاتب الاقتراع لا تنم عن عدم اهتمامهم بالسياسة لا بل بالعكس هي دليل امتعاضهم من تجاهل مشاكلهم واولوياتهم
ماكرون مقيد اليدين
ويؤكد الباحث الفرنسي، غيوم تابار، أنه لم يسبق في تاريخ الجمهورية الخامسة أن حصل تحالف رئاسي على نتيجة بهذا الهزال، ولكن الغالبية تظل غالبية حتى لو كانت ضعيفة، ومن الأرجح أن يحصل إيمانويل ماكرون على ما يكفي من مقاعد كي يحكم، الا أنه سيكون مقيد اليدين.
عودة قوية لليسار الفرنسي
ويرى الكاتب الفرنسي،بول كينيو، أن جان لوك ميلانشون، زعيم تحالف اليسار، فاز برهانه بمجرد انتزاعه الغالبية المطلقة من تحالف «معا» الرئاسي، وذلك حتى لو بقي حلم المساكنة وفرض نفسه كرئيس للوزراء بعيد المنال..بينما ترى صحبفة الحزب الشيوعي «لومانيتيه»، أنه يمكن لتحالف اليسار أن يفخر منذ الآن بتكريس نفسه كحزب المعارضة الأول بانتظار تحقيقه مأثرة بدفع الرئيس المنتخب حديثا «ماكرون» الى صفوف المعارضة.. في إشارة الى إمكانية تعيين ميلانشون رئيسا للوزراء.
حالة «الإعياء الديمقراطي» أصابت فرنسا
وتشير صحيفة «لوباريزيان» الفرنسية، إلى خيبة أمل جميع المرشحين بسبب نسبة الامتناع التي بلفت رقما قياسيا.. أكثر من نصف الفرنسيين اعتبروا ان الانتخابات التشريعية لا تعنيهم ما يعتبر دليلا إضافيا على حالة الاعياء الديمقراطي التي أصابت فرنسا.. ويقول المحلل السياسي ،جان- ميشال سلفادور، إنه بقي للمعسكر الرئاسي أسبوع واحد لتصويب المسار والانصات للرسالة التي بعث بها الناخبون.