وقال نعيم، إن هناك تغيرات طرأت على الحركة، موضحاً أن طالبان في السابق كانت حديثة العهد بالحكم، أما اليوم فإنها تعلمت من التجارب الكثيرة خلال الـ 20 عاما الماضية.
وأكد نعيم، خلال لقاء ببرنامج “مدار الغد”، أن طالبان أصدرت تعليمات جديدة للتعامل مع المستجدات والظروف السياسية، لذا سيكون هناك تغير في التعامل، مشيراً إلى أن “التغيير في معالجة الأمور وليس في الثوابت”.
ورأى نعيم أن ما حدث مؤخرا في أفغانستان، بعد سقوط كابول بيد الحركة، يثبت للعالم أن طالبان هي “الممثل الحقيقي للشعب” على حد قوله، وأضاف “لولا مساندة الشعب ما كانت الأمور لتصل إلى ما وصلت إليه اليوم”.
وأكد أنه ليس هناك أي تخوف داخل أفغانستان، متهما بعض وسائل الإعلام باستهداف الحركة منذ نشأتها حتى الآن.
وقال المتحدث “لم تكن هناك فرصة لنا في الظهور عبر الإعلام إلا قبل 3 سنوات”.
الشعب الأفغاني
وأضاف نعيم أن “الشعب في أفغانستان مطمئن لما رآه، وقد زالت لديه أية مخاوف مع دخول قوات طالبان إلى العاصمة كابول، حيث كانت هناك توقعات بوقوع اقتتال وتصفيات، إلا أن العالم شهد خلاف هذا وتعجب مما لم يكن في حسبانهم”.
وأكد نعيم أن طالبان لديها تواصل مع المجتمع الدولي ودول الجوار، مشيراً إلى أن الحركة سيطرت على الحدود مع 6 دول جوار دون وقوع اشتباكات.
وتبرأ نعيم من المشاهد الدامية التي شهدها مطار كابول مع تدافع الأفغان للهرب، مشيرا إلى أن المطار في يد القوات الأمريكية وليس تحت سيطرة الحركة، وأن زعيم الحركة أصدر بيان طمأنة في هذا الشأن.
وأكد أن الحركة لن تقوم بإقصاء أي طرف داخل أفغانستان، وأن ما حدث في مطار كابول كان بسبب إعلان الدول الغربية عن اعتزامهما نقل الأفغان الذين عملوا معهم إلى الخارج، ما تسبب في التدافع على المطار.
وأشار إلى أن الرئيس الأفغاني، أشرف غني، غادر البلاد خلسة بطريقة غير مرضية، وترك سكان كابول في ورطة، خاصة بسبب الفراغ القانوني.
واتهم نعيم الرئيس الأفغاني بأنه من أعلن الحرب على الحركة بعدما أطلقت سراح مئات من جنود الجيش، متوقعة في المقابل أن تقوم الحكومة بخطوة إيجابية مماثلة.
وتابع “نريد تقرير مصير الشعب الأفغاني في أقرب وقت ممكن وبطريقة آمنة، ونحن نستمع لآراء الجميع، سواء في الداخل أو الخارج”، وأكد المتحدث باسم طالبان “مستعدون للحوار والتفاوض مع أي طرف والتعاون مع الجميع من أجل الحفاظ على البلاد”.
ولفت المتحدث باسم المكتب السياسي لطالبان إلى أن الحركة لن تتعرض بسوء لمن تعاونوا مع الأمريكيين أو الغرب خلال العقدين الماضيين، وسيتم تعيين حكام جدد للولايات، خاصة أنه لا يمكن استمرار السابقين في مناصبهم بعد مساعدتهم الغرب.
الحكومة المقبلة
وأكد أن الحركة قامت بتأمين الرئيس السابق، حامد كرزاي، وتأمين بيته كذلك ولن يتعرض له أحد بسوء وغيره من الشخصيات.
وأوضح نعيم أنه “لا يمكن تحديد موعد لتشكيل الحكومة، حيث جرت الأمور بسرعة غير متوقعة، إلا أن المساعي مستمرة وأن الحركة تسعى لحل المشاكل في أقرب وقت ممكن”.
وأضاف أن الحركة لديها مبدآن أساسيان به، مبادئ الشريعة الإسلامية ومصالح أفغانستان، وفي ضوئهما تأتي القرارات، متابعًا: “لا نريد أن نحتكر السلطة، ونريد أن يكون أبناء شعبنا معنا، وفي المستقبل يمكن مناقشة مشاركة النساء وغيرها من أمور”.
وعن إمكانية إجراء انتخابات في أفغانستان، تساءل نعيم قائلا: “هل تجرى الانتخابات في جميع بلدان العالم؟ وهل الطريقة الوحيدة للوصول إلى الحكم هي الانتخابات؟”، ورأى أن هناك العديد من الدول التي لا تشهد إجراء انتخابات وجرت بها الأمور بطريقة جيدة، على حد قوله. مضيفا “نحن ندرس الوضع، والهدف هو استقرار البلد وأمن وأمان الشعب، ونحن نريد أن يكون بلدنا مستقر”.
وأشار إلى أن إدارة كابول أرسلت وفد التفاوض مع الحركة إلى الدوحة، ومع رحيل الإدارة فمن غير المعروف مصير هذا الوفد.
ونوه “نحن موجودون في الدوحة لنفكر في كيفية صياغة الأوضاع في المستقبل، ونتشاور فيما بيننا”.
ونفى وجود أي تفاهمات غير معلنة مع الولايات المتحدة أو مع غيرها بشأن وصولها للسلطة.
ورحب نعيم بأي مساعدات تقدم للشعب الأفغاني، وأن البلاد تحتاج إلى مساعدات دولية وإقليمية، لكنه أوضح: “لكن تلك المساعدات لا يمكن أن تكون على حساب سيادة الدولة”
تاريخ طالبان
وجاءت سيطرة حركة طالبان على الحكم في أفغانستان، لتفجر أسئلة حول تاريخها وتوجهاتها في ظل غموض تاريخي اكتنف الحركة وقادتها.
ونشأت حركة طالبان من الحركة الإسلامية لطلبة المدارس الدينية عام 1994 في قندهار، على يد الملا محمد عمر، الذي بايعه طلبة المدارس الدينية أميرا لهم.
وقد اتسم وصول طالبان للسلطة بما يمكن تسميته بالصعود الخاطف، حيث استولت على قندهار في أكتوبر عام 1994 بدون معارك تذكر، وفي سبتمبر 1996 وصلت إلى العاصمة كابول وسيطر مقاتلوها على الحكم.
وعقب اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر، شنت واشنطن وحلفاؤها عملية عسكرية لإسقاط طالبان بعد رفضها تسليم بن لادن، وأدت الحملة إلى سقوط نظام طالبان في السادس من ديسمبر عام 2001، وفر قادتها وقادة القاعدة إلى المناطق الجبلية في باكستان.
وظل الملا عمر زعيماً لتلك الحركة حتى وفاته عام عام 2013، ليخلفه الملا اختر منصور، ويقود مواجهة الأمريكيين حتى مقتله في باكستان عام 2016.
وفي يوليو عام 2015 استضافت باكستان مباحثات مباشرة بين كابول وطالبان، وفي 2018 بدأت واشنطن وطالبان مفاوضات سرية في الدوحة، لكنها توقفت مرات عدة.
وفي فبراير 2020 وقعت واشنطن اتفاقاً تاريخياً مع طالبان يقضي بانسحاب الجنود الأجانب في مقابل ضمانات أمنية، وقبل شهر أعلن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أن انسحاب قوات بلاده الذي بدأ في مايو سينتهي في أواخر أغسطس الجاري.
إلا أن الحركة استطاعت في الخامس عشر من الشهر الجاري دخول العاصمة كابول والسيطرة على غالبية مساحة البلاد دون مقاومة.