متغيرات «العقيدة الدبلوماسية».. هل تتخلى أمريكا عن الشركاء في الشرق الأوسط؟

بات واضحا أن هناك متغيرات  محورية  على فلسفة «العقيدة الدبلوماسية» الأمريكية، في عهد الرئيس جو بايدن، والذي قلب  السياسة  الأمريكية التي كانت قائمة في 2020 تحت إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب، وغيرت مسارها لتعود إلى سياسة الرئيس الأسبق باراك أوباما ولكن إدارة بايدن تخطتها، وأدى ذلك إلى وضع ضغط كبير على شركاء واشنطن الشرق أوسطيين، بخاصة التحالف العربي وإسرائيل والمعارضات للمحور الايراني.. ويتساءل السياسي الأمريكي البارز والأمين العام للمجموعة الأطلسية النيابية، د. وليد فارس: هل تتخلى أمريكا عن الشركاء في الشرق الأوسط؟

تحديات أمام العرب من حلفاء أمريكا

وأضاف وليد فارس، الخبير الأمريكي والأستاذ في جامعة الدفاع الوطنية، إن التغيير في سياسة واشنطن تجاه المنطقة خلال العام الأول من فترة بايدن الرئاسية أدى إلى بروز تحديات عند حلفاء أمريكا العرب والإسرائيليين معاً، أهمها كيف يمكن التوفيق بين موجبات التحالف مع الولايات المتحدة وواجب الالتزام بالأمن القومي لهذه الدول؟ فالتحالفات التاريخية بين هذه الدول وواشنطن قديمة وثابتة وقائمة على تبادل متين في مجالات التسليح والتدريب وتبادل المعلومات الاستخبارية والتجارة ومكافحة الإرهاب وغيرها من ساحات عمل مشترك، فمرت الأشهر خلال السنة الأولى من رئاسة بايدن ودول المنطقة توازن بين تنسيقها التقليدي مع أمريكا والأخطار المتزايدة الزاحفة باتجاهها من طهران وحلفائها ومن القوى «الإسلاموية» المقاتلة.

واجب «المصلحة المشتركة»

سواء كانت إسرائيل أو التحالف العربي أو المعارضات الوطنية ضد إيران والتكفيريين، فكل هذه الأطراف سعت ولا تزال إلى التنسيق والتشاور والتفاهم مع إدارة بايدن ومع أكبر عدد ممكن من أعضاء الكونغرس للوصول إلى موقف واحد، أو إلى تفاهم بحد أدنى في ما يتعلق بالأزمة مع إيران، وفي الملفات المتعلقة بمواجهة التكفيريين و«الإسلامويين الراديكاليين» في دول عدة في المنطقة، وواجهت الدول ذاتها تقريباً تحديات شبيهة خلال عهد أوباما بين عامي 2009 و2016، فقد شكلت سياسة دعم الإسلامويين، بخاصة «الإخوان» عبر «الربيع العربي»، مادة تباعدية بين قوى الاعتدال في المنطقة العربية وإدارة أوباما – بايدن، وكان ذلك واضحاً في مصر وليبيا وتونس.

  • كذلك لم يكن هناك توافق بين الكتلة العربية وواشنطن وقتها حيال التقارب بين الإدارة الأمريكية والنظام الإيراني الذي أدى إلى التوقيع على «خطة العمل الشاملة المشتركة» (JCPOA)  في عام 2015.

الدول العربية اخنارات سياسة «الاتكال على الذات»

وقال  د. وليد فارس، كبير الباحثين في «هيئة الدفاع عن  الديمقراطيات» في الولايات المتحدة الأمريكية، ومستشار الكونجرس في الإرهاب: في طبيعة العلاقات الدولية تأتي مصلحة الأمن القومي أولاً..والمصالح الحيوية الاقتصادية ثانياً ..والصداقات الديبلوماسية ثالثاً.. ولكن إدارة أوباما اختارت الشراكة مع «خصوم» دول الاعتدال، أي مع إيران والإسلامويين، وأبقت على التواصل الطبيعي مع العرب وإسرائيل، وهكذا فعل حلفاؤها أيضاً على الرغم من إعادة التموضع في واشنطن، فعلى طول السنوات الثمانية اختارت الدول والقوى غير الحكومية الشرق أوسطية أن تلجأ إلى «الاتكال على الذات» في مسألة سيادتها القومية أو حماية الشعوب من دون الانتقال إلى محور دولي آخر.

  • وبدأ «الاتكال على الذات» في مصر عام 2013 عندما التحم الشعب والجيش لينتفضا ضد حكم الإخوان ونجحا في ذلك، وصولاً إلى إجراء استفتاءات وانتخابات.

ومن أهم قرارات «الاتكال على الذات» القرار السعودي ومعه تحالف عربي وإسلامي واسع في التصدي «للميليشيات الإيرانية» في اليمن، كما دعمت المعارضة السورية ضد نظام الأسد، واستمرت في التنديد بسيطرة «حزب الله» على لبنان.

الشركاء الشرق أوسطيون حاولوا اقناع واشنطن أن مصالحها هي مع حلفائها

إدارة أوباما اتجهت نحو إيران والإخوان للدفع باتجاه ما اعتقدته مصالح قومية وقتها. الشركاء الشرق أوسطيون حاولوا اقناع واشنطن حينها أن مصالحها هي مع حلفائها وليس مع أعدائها، ولكن الطواقم التي هندست الاتجاهات الجديدة استمرت في أجندتها، فقام الشركاء بعد استحالة التغيير في واشنطن وقتها بالبقاء ضمن إطار العلاقات الجيدة (Cordial Relations)، ولكن مع تنفيذ الأهداف القومية.

عودة «الاتكال الذاتي» مع بايدن

هناك سوابق لـ «الاتكال على الذات» في الشرق الأوسط إبان رئاسة أوباما، فالتموقع الذاتي الشرق أوسطي أو الصمود الناعم استمر ثماني سنوات قبل انتخاب ترامب، ويبدو أنه عائد بعد سنة من رئاسة بايدن، فمع دخول الأخير إلى البيت الأبيض، سيعود طاقم أوباما للشؤون الخارجية وينفض الغبار عن الملفات التي اعتمدت قبل فترة ترامب، وهكذا حدث بالفعل.

متغيرات السياسة الأمريكية

خلال أول شهر من الرئاسة الجديدة تم رفع الحوثيين عن لائحة الإرهاب.. وبعد ذلك تم إحياء مفاوضات الدوحة مع «طالبان».. ومن ثم تحريك محادثات فيينا للعودة إلى الاتفاق النووي..إلى السماح لبعض الدول بتحويل بعض الأموال الإيرانية المجمدة.. إلى الانسحاب من أفغانستان الذي أدى إلى كارثة استيلاء «طالبان» على الأسلحة المصنوعة في أمريكا..كما وضعت واشنطن ضغطاً على الحكومة الجديدة في إسرائيل كي لا تشن حرباً عسكرية على إيران قبل استنفاد كل السبل لاقناعها بالعدول عن المماطلات.

  • ولكن فريق عمل بايدن كان يعرف أن عودة سريعة لسياسات أوباما لن تكون سهلة لأسباب عدة، فانتهج أداء إعلامياً حذراً، إذ أعلن أن «الوصول إلى نتائج سيكون أمراً صعباً» وأن «كل الاحتمالات واردة»، وطمأن مبعوثو إدارة بايدن الحلفاء العرب وإسرائيل لوقوف واشنطن إلى جانبهم في حال حدوث اعتداءات إيرانية، وندد المسؤولون الأمريكيون بالقصف الحوثي داخل اليمن وعلى المملكة مما حافظ ولو بالشكل على التضامن الأمريكي – الشرق أوسطي التقليدي.

حلفاء أمريكا قرروا الصمود على مواقفهم المرتبطة بأمنهم القومي

حلفاء المنطقة قرأوا السطور نفسها وباتوا على دراية بآلية تحرك السياسة الخارجية الأميركية، لذا فبدلاً من مناطحة الاتفاق النووي في العلن، تركوا فريق بايدن يحاول أن يصل إلى مكان ما من دون تعقيد الأمور أمامه، ولكنهم في الوقت ذاته يقفزون إلى المقدمة لحماية أمنهم القوي ومصالحهم الاستراتيجية، بانتظار تطور السياسات في واشنطن، فإسرائيل صعدت ضرباتها على الأهداف الإيرانية من سوريا إلى العراق إلى الداخل الإيراني..والسعودية والتحالف صعدوا ضد الحوثيين وحققوا تقدمات مختلفة على الأرض..ومصر تستمر بحملاتها على الإرهاب بلا هوادة، والمعارضة اللبنانية لـ «حزب الله» تتشدد سياسياً وحتى ميدانياً، وفي العراق تستمر الجبهة المعارضة للميليشيات في نهجها،

  • وتابع الخبير الأمريكي، في مقال نشرته صحيفة الإندبندنت البريطانية  the Independent: إن كل ذلك يدل على أن حلفاء أمريكا قرروا الصمود على مواقفهم المرتبطة بأمنهم القومي من دون التدخل بسياسات واشنطن ومبادرات إدارتها، وقد تكون هذه الاستراتيجية الشرق أوسطية رابحة لأن الولايات المتحدة لا تريد خسارة حلفاء بهذا الوزن، لما سيكون لذلك من تأثير في الرأي العام الداخلي، وعلى رصيدها الدولي في خضم سباقها مع الصين وروسيا.

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]