اكتسبت زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى تركيا أهمية بالغة، وذلك لدفع العلاقات الثنائية بين البلدين.
وتكشف الزيارة التي تحظى بزخم كبير إقليميا ودوليا، عن تقارب بمستوى القمة بين الإمارات وتركيا، ينهي سنوات من التوتر في العلاقات، أراد البلدان تجاوزه، تغليبا لمصلحة الدولتين، الفاعلتين في الشرق الأوسط.
وسبق الزيارة الكثير من مؤشرات التقارب، ترجمتها زيارات لوفود البلدين، وتصريحات إيجابية صدرت عن المسؤولين الأتراك، حملت الاستعداد التام لتطبيع العلاقات، والسعي لمراجعة بعض سياسات أنقرة في الإقليم، بما فيها التعامل مع تنظيم الإخوان، وخفض التوتر في الملفات الخلافية في المنطقة، بما في ذلك القضية الليبية.
كما تسعى الإمارات، بتلبية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، لدعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لزيارة بلاده، تطبيق توجه، رسمته القيادة الإماراتية يرمي إلى المضي قدما في سياسة التقارب بين دول الإقليم، بما يخدم الاستقرار في المنطقة، ويعزز الشراكة الاقتصادية بين دولها.
مساندة تركيا
وفي السياق ذاته، قال أستاذ العلاقات الدولية في كلية المدينة الجامعية محمد فراس النائب، إن زيارة الشيخ محمد بن زايد تجسيدا لدور رجل الدولة، وفق تقييم معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى.
وأضاف فراس النائب، خلال مشاركته في برنامج (وراء الحدث) عبر شاشة الغد، أن الزيارة تعد إسقاطا فريدا للمقولات الإماراتية التي تُترجم إلى أفعال، مشيرا إلى أن الإمارات مدت يدها لمساندة تركيا.
وأوضح فراس النائب أن التعاون متعدد الأطراف وحيوي للغاية في ظل تداعيات اقتصادية كبيرة تعيشها تركيا.
العلاقات مع الأشقاء العرب
ومن إسطنبول، قال طه عودة أوغلو، الباحث في الشأن السياسي، إن المؤشرات الإيجابية لهذه الزيارة سبقتها زيارة لمستشار الأمن القومي، الشيخ طحنون بن زايد بزيارة إلى أنقرة، وكذلك اتصالا بين ولي العهد، الشيخ محمد بن زايد، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وأضاف عودة أوغلو، أن زيارة الشيخ محمد بن زايد تحمل عنوان عريض (لا عودة للوراء) خاصة في ظل قنوات تعاون مشترك بين البلدين، لافتا إلى أن الاتفاقيات الاقتصادية التي تم توقيعها اليوم بداية ناجحة.
وأشار عودة أوغلو إلى أن هناك زيارة مرتقبة لوزير الخارجية التركي إلى أبوظبي في ديسمبر/ كانون الأول المقبل، موضحا أن هناك ملفات سياسية سيتم بحثها والتنسيق بشأنها بين الطرفين.
واستكمل عودة أوغلو، “ما حدث اليوم من تعاون اقتصادي مشترك بين البلدين سيُترجم سياسيا مستقبلًا لأن هناك قناعة تركية لإعادة العلاقات مع الأشقاء العرب”.
نقطة تحوّل كبيرة
وفي السياق، يرى محمود علوش الباحث في العلاقات الدولية، إن الزيارة نقطة تحول كبيرة على صعيد العلاقات التركية الإماراتية العربية، موضحا أن المنطقة دخلت في فوضى كبيرة مؤخرا.
وأكد علوش، أن هناك دوافع يطمح إليها الطرفان، من خلال التعاون، لافتا إلى أن التهدئة الإقليمية التي شهدتها المنطقة، وإطلاق مسار التسوية السياسية في ليبيا، شكلت دافع للبلدين.
وأشار علوش إلى أن العلاقات الإماراتية التركية لم تنقطع خلال الأزمة الماضية، وبالفعل هناك فرصة نادرة تظهر من خلال المصالحة التركية الإماراتية، ويجب أن ينظر إليها على أنها قد تدفع المنطقة للخروج من النفق المظلم.
وأعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة، اليوم الأربعاء، تأسيس صندوق بقيمة 10مليارات دولار لدعم الاستثمارات في تركيا.
ويأتي هذا الإعلان عقب المحادثات التي جرت اليوم بين الشيخ محمد بن زايد والرئيس التركي، وذلك لتعزيز التعاون بين البلدين.
وسيركز الصندوق على الاستثمارات الاستراتيجية، وعلى رأسها القطاعات اللوجستية ومنها الطاقة والصحة والغذاء.
وكانت الإمارات وتركيا قد وقعتا اتفاقيات تعاون مشترك بين البلدين، فضلا عن توقيع مذكرات تفاهم في عدد من المجالات الاقتصادية والبيئية.