رأى عدد من الخبراء أن قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد الأخيرةَ بشأن تجميد البرلمان وإقالة رئيس الحكومة وغيرها من الإجراءات المرتبطة، تعد إسقاطا لمشروع “حركة النهضة” التي سعت لتنفيذه على مدار أكثر من 40 عاما.
وحملت “النهضة” في السابق اسم، حركةُ الاتجاه الإسلامي، والتي تأسست عام 1972 على يد راشد الغنوشي و39 آخرين متأثرين بأفكار تنظيم الإخوان في مصر.
وفي السياق، ناقشت الحلقة الجديدة من برنامج “مدار الغد” الذي يعرض على شاشتنا عددا من المحللين، حول مستقبل الحركة وأحزاب الإسلام السياسي برمته في تونس.
انتهازيون ومتملقون
بداية، قال الكاتب والباحث السياسي بولبابة سالم، إن “حركة النهضة” تجني سياسة رئيسها راشد الغنوشي، المحاط بجملة من الانتهازيين والمتملقين، موضحا أن الجيل الجديد في تونس يجب أن يواكبه جيل سياسي جديد.
وأضاف سالم أن كل السرديات التقليدية الآن في ذمة التاريخ سواء كانت مرجعيتها يسارية أو قومية أو إسلامية، لافتا إلى أن “حركة النهضة” لم تكن في مستوى انتظارات التونسيين.
وأوضح أن الحركة بحثت عن تواجدها في السلطة أكثر من معالجة الملفات المعقدة، ولم تنصت إلى قيادات مؤثرة، مؤكدا أن الغنوشي استبعد بعض العناصر التي لها مقبولية عند الشارع التونسي.
إخوان تونس
من جانبه، قال المحامي والباحث السياسي عماد بن حليمة، إن “حركة الإخوان المسلمين” لم تقدم أي شيء للتونسيين منذ أن تولت السلطة، موضحا أنها لم تبن مستشفى أو مدرسة جديدة.
وأضاف حليمة أن حركة النهضة تتعامل مع السلطة بعقلية الغنيمة، وهذا كلام قاله أحد القيادات البارزة في الحركة، مشيرا إلى أنهم فشلوا في أن يكونوا حزبا سياسيا يقود الدولة.
كما أوضح حليمة أن الإخوان بنوا تاريخهم على “أسطورة المظلومية”، وتقدموا على أساس أنهم ظلموا من الأنظمة، ولكن تبين للتونسيين أن هذا التنظيم لا علاقة له بالإسلام ولا بالأخلاق ولا بالوطنية، على حد تعبيره.
فشل وانشقاقات
وفي السياق، قالت رئيسة الأكاديمية الدولية للإعلام والدبلوماسية نادية التركي، إن التونسيين يحتاجون إلى مرحلة جديدة تواكب الأوضاع الاقتصادية الراهنة.
وذكرت أن وصول النهضة إلى الحكم خلال الأعوام الماضية لا يعني أن هناك قناعات تامة بهم كحركة.
كما أكدت التركي أن الحركة أخذت فرصتها لكنها أثبتت فاشلها تماما، لافتة إلى أن النهضة هي من كانت تدير الأمور ولم يريدوا أن يكونوا في الواجهة مباشرة حتى بدأت الانشقاقات.
تنظيم الإخوان
بينما يرى، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أحمد كامل البحيري، أن الواقع أثبت أنه لا خلاف في التوقيتات أو التكتيكات التي تتبعها جماعة الإخوان في كل الدول.
وأضاف البحيري أن “تنظيم الإخوان” انتهى سياسيًا في تونس والعالم العربي، وأن ما حدث عبارة عن تراجع للتأثير السياسي والشعبي.
صفوف المعارضة
وقال الباحث في الفلسفة السياسية في جامعة باريس رامي الخليفة العلي، إن تيار الإسلام السياسي ككل لم يكن يحمل برنامجا سياسيا للبلاد، بل كان يتخفى داخل صفوف المعارضة.
وأكد العلي أن الإخوان نجحوا في أن يكونوا معارضين لكنهم فشلوا عندما انتقلوا إلى الحكم، وتجربة “حركة النهضة” في تونس هي الأكثر وضوحا في ذلك، لافتا إلى أنهم حاولوا أن يكونوا حزبا سياسيا كإيران.
وتابع: “لم تمتلك النهضة المرونة الكافية مع المتغيرات التي حدثت خلال الـ 10 سنوات الماضية في تونس، كما أنها فشلت فشلت ذريعا، ولا يبدو أنها قادرة على فعل أي شيء للتونسيين.
تجدر الإشارة إلى أن الرئيس التونسي قيس سعيّد الذي يخوض صراعاً منذ أشهر مع حزب النهضة، أكبر الأحزاب تمثيلاً في البرلمان، اتخذا الأحد قراراً بتجميد كلّ أعمال مجلس النوّاب، معلناً أنّه سيتولّى السلطة التنفيذيّة.
