محمد حجازي يكتب: السلطة الفلسطينية في ميزان حسابات الحقل و البيدر

 

يعتقد الكثيرون من الفلسطينيين أن السلطة الفلسطينية لم تعد تشكل لهم أملا في التحول إلى دولة، كما كان يعتقد الشهيد ياسر عرفات أن سيطرته على الضفة الغربية وقطاع غزة، إلى جانب بناء مؤسسات وطنية بكفاءة عالية، تفضي إلى دولة فلسطينية كأمر واقع، وأن إنشاء السلطة الفلسطينية يشكل جسرا للعبور إلى هذه الدولة. ولكن حسابات الحقل لا تتفق مع حسابات البيدر، فمنذ إتفاقيات كامب ديفيد الأخيرة في 11 يوليو عام 2000، وقبلها بقليل أيقن الزعيم الراحل أن المشهد أشد تعقيدا، وأن الصراع طويل جدا مع عدونا التاريخي إسرائيل. لم يدرك الفلسطينيون إلا متأخرا طبيعة الإستعمار الإسرائيلي لأرض فلسطين، بأنه إستعمار ذو طبيعة «كولونيالية» محاط برؤية دينية متطرفة، شكلت عبر التاريخ أبشع إستغلال للدين اليهودي وتوظيفه في الصراع ضد الفلسطينيين.

يفهم الجميع أن تكون طبيعة السلطة التي أفرزتها إتفاقيات أوسلو عام 1993 بإعتبارها  تمهد الطريق إلى الدولة الفلسطينية، حسب قرارات الشرعية الدولية، ولكن الذي لا يفهمه الفلسطينيون، بقاء السلطة على حالها طيلة الثلاث والعشرين سنة الماضية، بدون أي تغير في بنيتها ووظيفتها، وزاد المشهد سوءا سيطرة حركة حماس على قطاع غزة بالقوة المسلحة، في مشهد شكل صدمة مروعة، أسفرت عن إستيلاء حماس على السلطة ومؤسساتها في القطاع، بدأت مسيرة التحدي الجدي لمنظمة التحرير الفلسطينينة، وللسلطة الفلسطينية، أولا على أراضي السلطة، وثانيا على جبهة التمثيل السياسي، وطيلة إحدى عشرة سنة ماضية منذ 16 يونيو عام 2007، عام الإنقسام الفلسطيني، بنت حركة حماس سلطة شديدة المتانة والترابط  الحزبي، حاولت تسويق حكمها في القطاع، في الخارج، قطر وتركيا، وفي مراحل متعددة إيران، وكل طرف حدد هذه العلاقة حسب توظيفه السياسي، وبحسابات المصالح والسياسة، إيران أرادت أن تكون غزة مخلبا لها في معادلة الصراع مع إسرائيل، أما قطر فكانت المعادلة بالنسبة لها مختلفة، لها علاقة بحساباتها مع حركة الإخوان المسلمين، وتركيا كانت مصالحها مشابهة لقطر، بعد إحدى عشرة سنة فشلت حركة حماس في إدارة القطاع وفي الحكم كما كانت تبشر منذ بداية السيطرة. الصراع على السلطة بين حركتي فتح وحماس حولَ القطاع إلى منطقة منكوبة وخراب مس جميع الجوانب، والسلطة بدورها فشلت في توحيد الفلسطينيين وفي الوصول إلى أن يكونوا جماعة سياسية واحدة، وفي إعطاء الفلسطينيين أملا في تحقيق حلمهم بالدولة، فشل السلطة في رسم إستراتيجية شاملة أولا في بناء مؤسسات سليمة تستطيع تلبية حاجات الناس بالصمود وفي مواجهة التمدد الإستيطاني في مدينة القدس وأراضي الضفة الغربية، وفي ان تكون جسرا يفضي للدولة الفلسطينية.

في معادلة الصراع على السلطة طيلة الفترة الماضية، وجولات الحوار ودخول أكثر من لاعب عربي في مسارها، إلى أن عادت للراعي الأول وصاحب الكم الأكثر في الحوارات وفي الإتفاقيات مصر، يطرح الكثير من الأسئلة عن السبب الحقيقي وراء فشل الفلسطينيين من الوصول إلى المصالحة وإنهاء الإنقسام و إستعادة الحياة الديمقراطية، بدون أدنى شك أن هناك أسبابا متعددة  عالجناها مرارا و تكرارا في مقالاتنا السابقة، أولا العامل الإسرائيلي صاحب ومحرض الإنقسام الفلسطيني إن لم يكن معده، حسابات السياسه والمصالح لدى دول الإقليم وقبل ذلك رؤية الحركتين للمصالحة، وموقفهما من بناء نظام تشاركي يستند إلى مؤسسات جامعة لكل الفلسطينيين وتستوعب إختلافهم السياسي والثقافي، وكل ذلك يوظف لمواجهة الإستعمار الكولونيالي  على أرض فلسطين، ضمن برنامج سياسي يشكل حدا أدنى للإتفاق ولرسم رؤية إسترتيجية لمستقبل القضية، وهناك أسباب أخرى، ولكن يبقى حاضرا و بقوة سيد الأسباب، وهو طبيعة السلطة الفلسطينية والتحولات السياسية والأمنية والإدارية التي حدثت طيلة السنوات الماضية، بحيث بات الفلسطينيون رهائن إلى بنية أمنية في قطاع غزة تحكم وبنية أمنية قوية تحكم في الضفة الغربية، ورافق هاتين البنيتن إنتهاك صارخ للحريات العامة، مفهوم الهيمنه والإزاحة حاضر بقوة لدى الطرفين، وإن إتفقا ولكنه سيبقى هو المحدد للمرحلة القادمة في ظل غياب مؤسسات موحدة حقيقية. خلَفت السلطتين طيلة عملهما مراكز قوى ومصالح متعددة ومتشابكة وفي جوهرها متحاربة، وأعتقد أن مراكز القوى هذه حاضرة بقوة في مسار المصالحة، لها حساباتها ومصالحها التي نشأت مع شكل السيطرة سواء أمنية أو إقتصادية، وهي مستفيدة من الإنقسام وتسعى لبقائه وإن تغير الشكل ستبقى حاضرة و تتحكم بمصير شعبنا، والأخطر من ذلك أنها مستعدة للهبوط بالسقف السياسي الفلسطيني، الذي حدده ومات من أجله أبو الوطنية الفلسطينية ياسر عرفات.

الحل يكمن وفي عجالة بأن نتحول إلى دولة تحت الإحتلال، بحسب قرارات الشرعية الدولية وعضوية فلسطين غير الكاملة في الأمم المتحدة، وأن تؤول كل صلاحيات السلطة الفلسطينية إلى منظمة التحرير الفلسطينية، صاحبة الولاية القانونية على الأراضي الفلسطينية، حسابات الخسارة والربح تشير إلى أننا نعيد تصويب القضية بعد أن ضاعت في دهاليز السلطة ومفاسدها، ونعيد الإعتبار لفلسطينيي الشتات بعد أن تجاهلتهم السلطة، وهذه الرؤية تحتاج لحوار بين الجميع في جميع أماكنهم، وفي شتى المجالات، وقبل كل شيء إلى توفر الإرادة السياسية، ما أفسدته السلطة طيلة هذه السنوات العجاف لا يصلحه إلا الخلاص منها والتحول إلى دولة تحت الإحتلال بقيادة منظمة التحرير التي هي بحاجة إلى إعادة بنائها و تطويرها.

* كاتب مقيم في فلسطين

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]