محور دبلوماسي «عربي أوروبي أمريكي» لإنقاذ لبنان من الانهيار
مع حالة الانسداد السياسي في لبنان، ومع فشل التحركات والاتصالات اللبنانية التي لم تحقق أي اختراق ملموس في جدار أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية. يكثف سفراء 5 دول عربية وغربية حراكهم السياسي، بما يشي بأن ثمة ما يتم الإعداد له قادر على تحقيق خرق في الأزمة، وتفكيك عناصرها.
وبات واضحا، بحسب الباحث السياسي اللبناني أنطوان الأسمر، أن هناك محورا دبلوماسيا سعوديا – فرنسيا – أمريكيا يسعى، بدأب وجهد كبيرين، إلى تحقيق تسوية حكومية تسهم في تذليل العثرات التي لا تزال تعترض تشكيل الحكومة، ولا تغيب البعثة البريطانية في بيروت عن تحركات هذا المحور، فيما تواكب هذا النشاط عن كثب البعثة المصرية التي لا تزال تحتفظ بتمايز ملحوظ يتعلّق تحديدا بالشكل الذي ستكون عليه الحكومة الجديدة.
تحرك أمريكي من بيت الوسط إلى قصر بعبدا
ورفعت الولايات المتحدة الأمريكية عبر سفيرتها في بيروت، دورثي شيا، من تحركها، من بيت الوسط (مقر رئيس الحكومة المكلف) إلى قصر بعبدا الرئاسي، إلى لقاء ناشطين سياسيين، من أطراف الحراك المدني، أو الحراك في الشارع، في محاولة للضغط من أجل تشكيل حكومة ملتزمة بالإصلاحات وقادرة على تنفيذها، وتلتزم بقضاء مستقل وسيادة القانون، واجتثاث الفساد، ويمكن لها ان تجري الانتخابات النيابية في موعدها في العام المقبل.
وأكدت مصادر السفارة الأمريكية، لصحيفة اللواء اللبنانية، أن السياسة الأمريكية حيال لبنان تقوم على عدم التدخل، «لكننا نتمنى على الزعماء والسياسيين الذين التقتهم السفيرة دورثي شيا، التحرك بسرعة لتشكيل الحكومة من اجل معالجة الوضع الاقتصادي وتوفير الدعم الدولي وإخراج الشعب اللبناني من أزماته.»
تحرك فرنسي
وعلى خط موازٍ، التقت السفيرة الفرنسية، غرييو، رئيس مجلس النواب، نبيه بري، بناء لطلبها، حيث جرى «عرض للأوضاع العامة خاصة التفاصيل المتعلقة بالملف الحكومي والمعوقات التي تحول دون إنجاز تشكيل الحكومة»، وجرى التشديد على وجوب الإسراع بتشكيل حكومة يتمكن من خلالها لبنان من معالجة أزماته وفقاً لما نصت عليه المبادرة الفرنسية.
الرقص على حافة الهاوية
وفي نفس السياق، أعلنت السفارة البريطانية، أن سفيرها لدى لبنانن مارتن لونغدن، تحدث مع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل «بصراحة شديدة بخصوص القلق العميق على لبنان». وقال لونغدن: «يرقص القادة السياسيون على حافة الهاوية، وعلى جميع الأطراف تحمل المسؤولية والتحرك». وأكد أن «البديل الوحيد لذلك هو كارثة لا يستطيع أصدقاء لبنان منعها، هذا هو الخيار».
الحكومة .. الطبق السياسي على مائدة البطريرك
ويبحث رئيس الحكومة المكلف، سعد الحريري، عن مخرج، خارج ما يسمى «الثلث المعطل»، وفي هذا الإطار، وفي عطلة يوم البشارة، لبى الحريري دعوة البطريرك الراعي لتناول العشاء إلى مائدته في بكركي، وكانت الحكومة الطبق السياسي، وقال الحريري إنه حريص على الاستماع إلى وجهة نظر البطريرك، الذي أكد له أنه لم ييأس، وأنه ما يزال يراهن على امكان التوصل إلى اتفاق حول تشكيل الحكومة.
ونقل عن الحريري قوله للبطريرك الراعي، «إنه يعمل على ايجاد حل، وهو ليس من هواة المشاكل او السجالات، او المشاحنات السياسية»
ويرى المراقبون في بيروت، أن دعوة البطريرك بشارة الراعي، الرئيس المكلف لتناول العشاء على مائدته، تحمل في رمزيتها جملة مواقف من بينها:
- 1 ـ تأكيد المرجع الأعلى للطائفة المارونية على الصلاحيات الدستورية للرئيس المكلف في وضع التشكيلة الحكومية والتفاهم عليها مع رئيس الجمهورية. وذلك خلافاً لكل «الهرطقات» الدستورية التي دأب عليها فريق الرئاسة بحجة الدفاع عن صلاحيات الرئيس المسيحي.
- 2 ـ الحرص على إستقبال الرئيس المكلف في بكركي، والإصرار على تكريمه من سيد الصرح، يعني تمسكاً بعرى الميثاق الوطني، وإنحيازاً إلى خيار إنقاذ البلد من مهاوي الأزمات والانهيارات التي يتخبط فيها منذ أكثر من سنة، وأهل الحكم غارقون في لعبة المناورات الفارغة.
إدانة قاسية للعراقيل التي تحاصر تشكيل الحكومة
وفي هذا الإطار إيضاً، جاءت زيارتي السفير السعودي والسفيرة الأمريكية إلى قصر بعبدا الرئاسي، والتصريحات القوية، بوضوحها وحزمها، التي أطلقاها من منبر القصر الجمهوري بالذات، لتؤكد أن مواقف عواصم القرار العربي والغربي تقف إلى مساعي الإنقاذ الفوري للبنان، وتُدين بشدة العراقيل التي يضعها الفريق الرئاسي، وما يتفنن به من شروط تعجيزية، وخروج على النصوص الدستورية، وتعدٍ على صلاحيات موقع رئاسة الحكومة.
الخلاف حول حقيبتي الطاقة والداخلية
ورجحت مصادر لبنانية، ان الخلاف يدور حاليا على حقيبتي الطاقة والداخلية اللتين يحاول الفريق الرئاسي الحصول عليهما، فيما يعارض بقية الاطراف هذا الامر. ولا تستبعد المصادر ان تتوالى الاتصالات والتحركات لاحداث خرق باتجاه الحلحلة ولاسيما من قبل البطريرك الماروني بشارة الراعي تجاه الرئيس ميشال عون، بالتزامن مع تحركات رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي باشر تحركاته بهذا الخصوص، ولم تستبعد المصادر أن يزور رئيس التيار الوطني الحر «جبران باسيل»، رئيس مجلس النواب نبيه بري قريبا للبحث بملف الأزمة الحكومية.
