تدور توقعات الدوائر السياسية بطهران في فلك أن كل الطرق ستؤدي إلى “ربيع إصلاحي” مرتقب، يقف على هامش هواجس أمنية من تداعيات متغيرات داخل المشهد السياسي الإيراني، قد تدفع بانتفاضة شعبية تحت تأثير “خلافات المواقف والتوجهات” بين جناحي الإصلاحيين والمحافظين، وهي هواجس يتحسب لها جيدا المرشد الأعلى لإيران، علي خامئني، والذي أصدر تعليماته للجيش الإيراني، اليوم السبت، ليكون في حالة تأهب حتى يوم السادس والعشرين من شهر فبراير/شباط المقبل، موعد انتخاب اعضاء مجلسي الشورى والخبراء، وذلك تخوفا من أي اضطرابات داخلية مفاجئة تقوم بها فئات غاضبة من المجتمع الإيراني بقيادة عدد من السياسيين الإصلاحيين.
المشهد الإيراني، يفتح الأبواب لكل التوقعات والاحتمالات، حسب تقرير المؤسسة البحثية الإيرانية في طهران، مما يثير مخاوف تصدع الساحة السياسية جراء حالة التحفز القائمة حاليا بين جناحين في السلطة، وفقدان الثقة بينهما، والتي ارتفعت حدتها بعد اختيار أحمد جنتي رئيسا للجنة الإشراف على الانتخابات، وهو المعروف بانتمائه الصريح للمحافظين، وعدائه لرموز الإصلاحيين، رفسنجاني وروحاني، خاصة أن مجلس صيانة الدستور الذي يترأسه “جنتي” قد يرفض أهلية بعض المرشحين ولن يقبل ترشحهم لأن كل من يخالف الولي الفقيه، لا يقبل ترشحه لعضوية أي من المجلسين، مجلس الخبراء ومجلس الشورى، حسب الاحتمال الوارد في التقرير الإيراني، وفي هذه الحالة فإن الصراع قد يأخذ منحنى آخر يشعل التوتر داخل المشهد الإيراني.
وترقب “الربيع الإصلاحي” في طهران، لا يقتصر على الدوائر السياسية الإيرانية، ولكنه انتقل إلى دائرة المتابعة الغربية، والتي تضع تقديراتها على حسابات المنافسة الساخنة بين المحافظين “المتشددين” والإصلاحيين “المعتدلين” الذين يخوضون آخر معاركهم للفوز بالأغلبية التي تمكنهم من السيطرة على مجلس الخبراء الذي سيعهد إليه اختيار المرشد الأعلى الذي سيخلف الرجل المريض “خامئني، مما يمهد لتشكيل مجلس قيادي يضم روحاني ورفسنجاني وحسن الخميني، في حال الموت المفاجئ للمرشد الأعلى علي خامنئي الذي يعاني مرض السرطان، وسبق لرئيس تشخيص مصلحة النظام، هاشمي رفنسجاني، أن لوح بتشكيل المجلس القيادي تحت مسمى ” مجلس الزعماء الأعلى”.
التوقعات حسب تحليل الخبير الإيراني، طارق المهدي، لوكالة أنباء فارس، أن هناك “ربيعا إصلاحيا” سوف تشهده إيران، مع صعود أسهم قيادات التيار الإصلاحي، مع ترشح الثلاثي: روحاني، ورفسنجاني، وحسن الخميني حفيد مؤسس “الجمهورية الإسلامية” الإيرانية آية الله الخميني، والمحسوب على رفسنجاني، مما يفتح الطريق للمجلس لخلافة المرشد الحالي في مسعى لتكريس ما يصفونه المرشحون الثلاثة بـ”النهج الاعتدالي تجاه الغرب والمحيط الإقليمي والوضع الداخلي”.
ولم يستبعد الخبير الإيراني، “أن تهب رياح ساخنة فوق الشارع الإيراني” مع مؤشرات التحفز من جانب المحافظين والذين يعارضون توجهات الإصلاحيين، ويعتبرونها متعارضة مع نصوص الدستور الإيراني خاصة ما يسمى بـ “مجلس قيادي أعلى” والذي يخرج عن مبدأ ولاية الفقيه التي يستمد منها النظام الحاكم في إيران شرعيته.
ورغم ترقب الدوائر السياسية الإيرانية، لمعركة “الربيع الإصلاحي” يرى آخرون من المراقبين للشؤون الإيرانية، في تقرير نشرته صحيفة “صداي عدالت” أن المعركة بين الإصلاحيين والمحافظين في إيران هي معركة وهمية أكثر منها حقيقة، وسوف يحسم نتائجها في النهاية المتشددون الذين يقدمون دائما أنفسهم على أساس أنهم القيّمون على “نقاوة الثورة” والحفاظ عليها من أي منحى تحريفيا قد يدخله الإصلاحيون على “توجهاتها الكبرى”.
.
