مخاوف من انتقال الأسلحة الغربية من أوكرانيا إلى سوريا

قال مسؤول روسي إن الأسلحة الموردة إلى أوكرانيا أصبحت تباع في السوق السوداء وترسل إلى الشرق الأوسط وتحديدا في مدينة إدلب السورية، ليفتح الباب أمام أسئلة بشأن مصير هذه الأسلحة الغربية وهل تصل كلها إلى أوكرانيا؟

جاءت التصريحات على لسان، رئيس الوفد الروسي للمحادثات بشأن الأمن العسكري في فيينا، وأدلى بها على قناة “روسيا-24” على الهواء مباشرة، وذكر فيها أن الأسلحة التي قدمها الغرب لكييف، وجدت طريقها بالفعل الآن إلى السوق السوداء، وتذهب إلى الشرق الأوسط، محذرا من خطر انتشار الأسلحة الصغيرة الخفيفة من منطقة الصراع.

وادعى المسؤول الروسي، كونستانتين جافريلوف، أن الأسلحة المقصودة تشمل الصواريخ الأمريكية المحمولة الموجهة المضادة للدبابات (جافلن) وغيرها من المنظومات المضادة للدبابات، وكذلك منظومات الدفاع الجوي المحمولة.

وقال المسؤول الروسي “هناك حقائق مؤكدة فعليا الآن بصدد بيع بعض هذه الأسلحة في السوق السوداء، وإرسالها إلى الشرق الأوسط، وتحديدا إلى إدلب. وقد رأينا مثل هذه المشاهد”.

كما أشار إلى أنه قد ظهرت في شبكة الإنترنت مقترحات حول بيع أنظمة “جافلين” التي تلقتها أوكرانيا من الولايات المتحدة. وعبر عن اعتقاده بأنه يحدث بمشاركة القيادة السياسية العسكرية الأوكرانية.

أسلحة بالجملة

وطلبت أوكرانيا منذ بداية الحرب من أمريكا وعدد من الدول الأوروبية تزويدها بالأسلحة التي تمكنها من صد الهجوم الروسي عليها، فقد كشف السفير الأوكراني لدى إسرائيل، أن بلاده طلبت إمدادها بمنظومة الصواريخ الإسرائيلية “القبة الحديدية” وأدوات دفاعية مماثلة وخوذات وسترات واقية لتوفير الحماية من الهجمات الروسية.

كما أعلن رئيس الوزراء البولندي أن بلاده زودت حتى الآن أوكرانيا بأسلحة قيمتها 1,6 مليار دولار.

ومنذ بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا نهاية فبراير، أعلنت الحكومة البولندية أنها زودت أوكرانيا بصواريخ مضادة للدبابات وأخرى مضادة للطائرات ومدافع هاون وذخيرة وكذلك طائرات مسيّرة، كما شمل الدعم 40 دبابة ونحو 60 ناقلة مصفحة، وفق تقارير أوردتها وسائل إعلام بولندية ولم تؤكدها الحكومة رسميا.

وقدم عدد من الدول الغربية لأوكرانيا أسلحة طويلة المدى، منها مدافع هاوتزر إم777، وقال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف إن بلاده بدأت في تلقي صواريخ هاربون المضادة للسفن من الدنمارك ومدافع هاوتزر الذاتية الدفع من الولايات المتحدة.

وأعلن وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، أن نحو 20 دولة تقدم مساعدات عسكرية لأوكرانيا لمواجهة القوات الروسية، تمثلت في  ذخائر مدفعية وأنظمة دفاع ودبابات ومدرعات.

ووعدت أمريكا بتقديم، معدات أخرى، مئات من “طائرات مسيّرة انتحارية” من طراز سويتشبلايد و7 آلاف بندقية هجومية و50 مليون رصاصة وذخيرة متنوعة وصواريخ موجهة بالليزر وطائرات مسيّرة من طراز بوما ورادارات مضادة للمدفعية وللطائرات المسيّرة.

وأعلنت السلطات الأمريكية في الأسبوع الماضي عن تخصيص حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا تشمل توريد أنظمة “HIMARS” الصاروخية والذخيرة لها. وستحتوي الدفعة الأولى على 4 منظومات من هذا الطراز.

انفلات السلاح

لكن مع هذه الشحنات الضخمة للأسلحة الغربية والأمريكية لأوكرانيا، أعيد النقاش حول احتمال وقوعها بين الأيدي الخطأ.. فهذا البلد يعرف بأنه كان مركزا لتهريب الأسلحة في أواخر التسعينات.

وقال نيلز دوكيه مدير معهد فليميش بيس إنستيتيوت: “هناك خطر كبير جدا يتعلق بانتشار الأسلحة في أوكرانيا في الوقت الحالي، خصوصا الأسلحة الصغيرة والخفيفة مثل الأسلحة النارية”.

ولكن إذا كان هذا الدعم لكييف “مفهوما” تماما، من الضروري تقييم “العواقب الأمنية” لعملية نقل الأسلحة هذه، وفق مركز ستيمسون وهو مؤسسة فكرية أمريكية.

وقال هذا المركز في مذكرة نشرت في مارس الماضي: “رأينا مرارا كيف انتهى المطاف بأسلحة موجّهة لمساعدة حليف في نزاع ما، على الخطوط الأمامية لساحات معارك غير متوقعة، غالبا في أيدي مجموعات تتعارض مع المصالح الأمريكية أو المدنية”.

وأضاف: “هذا الأمر ينطبق خصوصا على الأسلحة الصغيرة والخفيفة، وهي الأكثر عرضة للخسارة أو التحويل إلى السوق غير الشرعية أو لسوء الاستخدام”.

ونظرا إلى تاريخ أوكرانيا الحديث، فإن خطر تحويل مسار الأسلحة وارد.. فبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، تم تحويل العديد من الأسلحة الأوكرانية إلى بلدان ومناطق صراع أخرى.

ففي العام 2014، ترافق غزو روسيا لأوكرانيا مع عملية نهب جديدة لمخزون الأسلحة والذخيرة الأوكرانية، خصوصا في الشرق وشبه جزيرة القرم.

وفي المجموع، نهبت أو فقدت حوالى 300 ألف قطعة من الأسلحة الصغيرة والخفيفة بين عامي 2013 و2015، وفق مشروع “سمال آرمز سورفيه” التابع للمعهد العالي للدراسات الدولية والإنمائية في جنيف. ولم يعثر منذ ذلك الحين إلا على أربعة آلاف منها فقط.

لكن بخلاف التدفقات الخارجية التي شوهدت بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، تركزت عمليات تهريب الأسلحة بعد العام 2014 بشكل أساسي داخل أوكرانيا، ما أدى إلى تغذية السوق السوداء.

وفي الولايات المتحدة، أثيرت مسألة مراقبة المستخدم النهائي للأسلحة المرسلة إلى أوكرانيا بقلق منذ العام 2020 من قبل المفتش العام للبنتاجون.

كما حذّرت منظمات غير حكومية، مثل “سيفيليينز إن كونفلكت” (سيفيك)، من عدم وجود “شفافية بشأن تدابير تخفيف الأخطار أو المراقبة التي اتخذتها الولايات المتحدة والدول الأخرى التي ترسل أسلحة إلى أوكرانيا”.

والغموض نفسه يحيط ب”الضمانات التي تم الاستحصال عليها من أجل حماية المدنيين في مواجهة عمليات نقل (الأسلحة) هذه” وفق آني شيل من منظمة “سيفيك” التي أوصت ب”إضافة التزامات حقوق الإنسان في شروط بيع” الأسلحة أو حتى “ضمان أن أي عملية نقل أسلحة تشمل إجراءات مراقبة صارمة”.

وهذه مهمة تعتبر دقيقة بالنسبة إلى البعض، وتكاد تكون مستحيلة. وقال نيلز دوكيه “من الوهم الاعتقاد أنه في سياق الحرب يمكننا التحكم في الأسلحة التي يتم تداولها”. ورغم أنه “يتفهم” دعم كييف، فإنه يشعر بالقلق إزاء العواقب الطويلة المدى.