تواصل فعاليات «مخيمات العودة» تحديها لدولة الاحتلال، رغم ممارسات العنف الدموي، والجرائم النازية التي تمارسها قوات الاحتلال، وهزّت الضمير الإنساني في صورة احتجاجات دولية، وقرارات أممية ممثلة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في الأراضي المحتلة (أوتشا).. وفي مشهد تحد من نوع آخر لجنود الاحتلال، تصدح في «مخيمات العودة الخمسة» أصوات الأذان وتلاوة القرآن الكريم، التي يصل مداها إلى ما بعد السياج الفاصل، الذي يبعد فقط مئات الأمتار، وتساعد حالة السكون في تلك المناطق بانتقال الصوت بسهولة إلى داخل «أرض العودة» فلسطين التاريخية 48.
طقوس رمضانية تتحدى رصاص جنود الاحتلال
التحدى الأكبر، الذي رصدته دولة الاحتلال، هو توافد المئات من الفلسطينيين إلى مخيمات العودة، قبل موعد الإفطار، ومع اقتراب موعد أذان المغرب، يتجمع المشاركون أمام جنود الاحتلال المتمركزين خلف تلال رملية وأبراج عسكرية، وحتى يصدح صوت أذان المغرب ايذانا بالإفطار، الذي يقدم للمشاركين من مؤسسات وجمعيات خيرية.
صلاة التراويح في الأماكن الحدودية
كانت سلطات الاحتلال، تعوّل على انتهاء المشاركة في «مخيمات العودة»، خلال شهر رمضان وإرهاق الفلسطينيين من الصيام، ولكن المفاجأة الصادمة لجنود الاحتلال، أن «مخيمات العودة» الخمسة، والأماكن الحدودية، تحولت في بعض الأوقات لـ «دور عبادة» تصدح منها أصوات الأذان وتلاوة القرآن، والتي لا يستطيع أحد أن يمنعها من اختراق السياج الحدودي، ضمن البرنامج الرمضاني، بإقامة «صلاة التراويح»، في مسعى لاستمرار النشاطات الجماهيرية.حتى ما بعد العشاء.
الصورة الثانية، من صور التحدي لدولة الاحتلال، أن المشاركة في مخيمات العودة، مع بداية شهر رمضان، لم تقتصر على الرجال والشباب فقط، بل شملت عوائل فلسطينية بأكملها، تشارك في طقوس رمضان الدينية أمام السياج الفاصل عن الوطن المحتل في العام 1948.. وتشمل الفعاليات الجماهيرية أمسيات رمضانية للزائرين، بينما يبدأ الإعداد لفعاليات يوم الجمعة التي تخصص لـ «الغضب الشعبي».
وشهد نهار أمس، استمرار قيام النشطاء المشاركين في «مخيمات العودة» في إطلاق «الطائرات الورقية المشتعلة» مخترقة السياج الحدودي، ما أدى إلى اشتعال النيران في أحراش وغابات وحدائق المستعمرات «المستوطنات» الإسرائيلية الجنوبية.. وفي نفس السياق، حذر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في الأراضي المحتلة «أوتشا»، من استخدام سلطات الاحتلال «الرصاص الحي» في عمليات تفريق «المسيرات السلمية»، وأشار إلى تدهور وضع القطاع الصحي في غزة، والنقص الحاد في المستلزمات الطبية ووضع الأطباء والطواقم الطبية المنهكة من حجم الحالات التي ترد للمستشفيات جراء الاستهداف الإسرائيلي للمشاركين في مسيرات العودة على طول الحدود.
وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، حذر من أن «القتل الناجم عن الاستخدام غير الشرعي للقوة من قبل قوة محتلة قد يشكل كذلك أعمال قتل متعمد، ما يعد انتهاكاً خطيراً لاتفاقية جنيف الرابعة».. وتبنى المجلس مشروع قرار يدعو إلى إرسال «لجنة تحقيق دولية مستقلة» في «جميع انتهاكات القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان الدولي، وذلك في إطار الهجمات على الاحتجاجات المدنية الواسعة التي بدأت في 30 مارس/ آذار الماضي. ويهدف مشروع القرار إلى «تحديد الحقائق والظروف المحيطة بالانتهاكات، بما فيها تلك التي قد ترقى إلى جرائم حرب، وتحديد الجهات المسؤولة عنها».
