مخيمات الفقر والتوتر في “تندوف” .. قنبلة موقوتة على أبواب المغرب والجزائر

رغم محدودية المساحة الجغرافية الصحراوية على حافة الحدود الجنوبية الغربية للجزائر الملاصقة تماما للحدود المغربية، إلا أنها تمثل “نقطة تماس ساخنة” على مسار قضية الصحراء الغربية، والعلاقات المتوترة بين المغرب والجزائر، وبقيت “قنبلة موقوتة” على أبواب الدولتين العربيتين المتجاورتين، في صورة “مخيمات الفقر والتوتر” .. ويرى خبراء سياسيون وإستراتيجون في المغرب العربي، أن “تندوف” هي بوابة الصراع في المنطقة المغاربية، ويتحمّل سكانها عبء قسوة الطبيعة “الشرسة” والتوتر السياسي  والاحتكاكات العرقية بمطالب العودة إلى جذور المدينة الصحراوية “المغربية” التي اقتطعها ومنحها الإستعمار الفرنسي للجزائر.

  وتشير التقارير الحقوقية الصادرة عن منظمات دولية تُعنى بحقوق الإنسان، إلى أن السكان الصحراويون بمدينة تندوف الجزائرية يعيشون أوضاعاً إنسانية مزرية تتراوح بين سوء المعاملة والحرمان من كافة الحقوق الأساسية والتنكيل، وحسب المعطيات المتوفرة من هناك فإن سكان مخيمات تندوف وعددهم حوالي 80 ألفاً حسب إحصاءات منظمات دولية ينقسمون إلى فئتين؛ الأولى مقربة من مراكز النفوذ في جبهة البوليساريو وتتمتع بحياة عيش رغيدة، بينما تئن الفئة الثانية تحت وطأة ظروف اجتماعية قاسية محرومة من أية امتيازات بل ومحرومة من أدنى الحقوق الضرورية.

وتعاني الفئة الثانية التي تشكل الغالبية الساحقة من السكان من الفقر وسوء التغذية، بالإضافة إلى حرمانها من الحصول على أوراق الإقامة والهوية وتمنع عليهم حرية العودة إلى بلدهم المغرب، كما تعمل مليشيات البوليساريو على فرض نظام الوصاية والمحسوبية لإحكام السيطرة على المواطنين الصحراويين المحتجزين داخل المخيم، وتفرض عليهم الولاء والطاعة لقادتها مقابل الحصول على بعض المكاسب والامتيازات البسيطة. 

وتصدرت “تندوف”  متابعات  الدوائر السياسية الدولية والمغاربية  مؤخرا، في أعقاب  اتهامات العاهل المغربي، الملك محمد السادس، للجزائر بإهمال اللاجئين الصحراويين في مخيّمات تندوف الواقعة فوق أراضيها، وترك سكان المخيمات دون سكن يصون كرامتهم، كما اتهم زعماء جبهة البوليساريو الذي تنادي بتقرير المصير في منطقة الصحراء الغربية بـ”مراكمة الثروات الفاحشة على حساب سكان المخيمات”، مشددًا أن حلّ الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية هو  أقصى حل يمكن لبلاده أن ترضى به بخصوص المنطقة المتنازع عليها.

وفي نفس السياق، هدد زعيم البوليساريو، محمد عبد العزيز، بالعودة إلى خيار الحرب والكفاح المسلح، واشتعال المواجهة العسكرية مع المغرب من بوابة “تندوف”، وأن جبهة البوليساريو ستقرر في شأن هذا الخيار خلال مؤتمرها الشهر القادم، وطالبت الجبهة بـ” تطبيق مقتضيات القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، القاضية بوقف النهب المغربي للثروات الطبيعية الصحراوية وتوفير الحماية للصحراويين.

والصحراء الغربية التى يبلغ عدد سكانها أقل من مليون نسمة، كانت مستعمرة اسبانية  ضمها  المغرب فى  العام 1975 ويقترح حاليا منحها حكما ذاتيا واسعا، بينما تطالب الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووداي الذهب (بوليساريو) المدعومة من الجزائر بإجراء استفتاء حول منحها حق تقرير المصير،

مخيمات تندوف أنشأتها الجبهة الصحراوية المسلحة “البوليساريو” في سبعينيات القرن الماضي حين كان المغرب منشغلاً باسترجاع أراضيه الجنوبية من المستعمر الإسباني، واقتادت إليها المئات من المواطنين الصحراويين المغاربة ووزعتهم على أربع مخيمات، وأعلنت أنهم “لاجئون” بينما يَعتبرون أنفسهم محتجزين. وتفرض قوات البوليساريو على السكان قيودا مشددة، ولا تغادر صغيرة ولا كبيرة في شؤون السكان الصحراويين إلا وتدخلت فيها.

“مخيمات بوابة الحرب والتوتر” كما يصفها مراقبون غربيون، والقنبلة الموقوتة على أبواب المغرب والجزائر، يعاني سكانها من الفقر ومعاناة القلق الشديد على مستقبل الأبناء الذين يُرحَّلون لمعسكرات التدريب والقتال مع جبهة البوليساريو.