بينما تخوض القوات العراقية حرب شوارع موحلة ضد الإرهابيين في جنوب شرق الموصل، بمواجهة الانتحاريين أرضا، وطائرات من دون طيار تلقي متفجرات، ولم يعد أمام المئات من المدنيين، أغلبهم نساء وأطفال، سوى الفرار من الأحياء الشرقية والجنوبية، من المدينة مع اشتداد المعارك.. تقف “مدينة النمل” عقبة أمام تحرير الموصل، أو اصطياد زعيم التنظيم الإرهابي “داعش” أبو بكر البغدادي ، المتحصّ في المدينة “الإفتراضية” التي تم حفرها بين الحدود السورية ـ العراقية.
“مدينة النمل” أصبحت “لغزا” أمام أجهزة الاستخبارات الأمريكية والعراقية، بعد أن عجزت عن تحديد تحركات “البغدادي” ،أو الحصول على معلومات تفيد بموقع اختفائه ، ومن أين يصدر تعلبماته لقوات داعش المقاتلة في مدينة الموصل وضواحيها، خاصة وأن أخباره وتحركاته انقطعت منذ شهور، بينما يؤكد مسؤول في وزارة الدفاع العراقية : «كنا على علم ببعض تحركات البغدادي، وسنعود إلى البحث عنه في آخر المواقع التي كان فيها، كما سندرس المعلومات التي تم الحصول عليها في محاولة لتحديد الموقع الذي قد يكون اتجه إليه أو مختبئاً فيه».
وتشير تقارير أجهزة الاستخبارات الأمريكية والعراقية، إلى احتمال اختفاء “البغدادي” في المدينة الإفتراضية “مدينة النمل” ، بعد أن نجح «داعش» خلال السنوات الماضية، في حفر سلسلة أنفاق تمتد إلى مسافات طويلة داخل التجاويف الصخرية، بعضها يستوعب سير دراجات نارية ومركبات، ولا تستبعد التقاربر الاستخبارية، أن تمر الأنفاق تحت الحدود العراقية – السورية، ويطلق على المدينة اسم «البعاج».
ونظرية “مدينة النمل” التي ترجحها الأجهزة الاستخبارية، تستند إلى معلومات وفرتها عملية عسكرية نفذتها الاستخبارات في صحراء الرطبة، غرب الرمادي، بعدما اكتشفت هذا النوع من المدن تحت الأرض ولكن على نطاق ضيق، ما يعزز احتمال وجودها على نطاق واسع في صحراء منطقة الجزيرة، بعد أن طور داعش نوعاً من الحفارات يُستخدم بعضها في التنقيب عن النفط، استولى عليها خلال العامين الماضيين ويستخدمها في حفر الأنفاق في وقت قياسي.
وتفيد معلومات عراقية استخبارية، أن تم رصد البغدادي مرات في منطقة البعاج، وهي صحراء صخرية تكثر فيها التجاويف وتمتد إلى جنوب غربي الموصل والحدود السورية من جهة، ومدن الأنبار من جهة ثانية.
ويرى مسؤول في الاستخبارات العراقية، أن البحث عن البغدادي ليس مهمة سهلة، لأنه يحيط نفسه بالكتمان، واستبدل معظم المحيطين به، وبات يعتمد بشكل متزايد على ما يسمى الكتيبة الشيشانية لحماية نفسه، وهي تتكون من عناصر مدربة بشكل جيد في شمال القوقاز.
وتواجه القوات العراقية، سيارات ملغومة، ومقاومة شرسة من إرهابيي تنظيم “داعش” في جنوب الموصل، في اليوم الثاني من استئناف حملة لاستعادة المدينة بعد أن توقفت المعارك لبضعة أسابيع.. ونقلت وكالة رويترز، عن ضابط في الشرطة الاتحادية التي انضمت إلى المعركة أمس، قوله إن «اشتباكات عنيفة تدور في ضاحية فلسطين، جنوب شرقي المدينة لكن القوات حققت تقدماً في منطقتين أخريين وأبطلت مفعول عدد من السيارات المفخخة، وأن الجيش يطهر المناطق التي استعاد السيطرة عليها أمس، ويحاول قطع خطوط إمداد التنظيم إلى بلدة “تلكيف”.
