يصادف اليوم الإثنين الذكرى السبعون لمذبحة دير ياسين التي ارتكبتها جماعات صهيونية في التاسع من أبريل/نيسان عام 1948 بحق أهالي القرية الواقعة غرب مدينة القدس المحتلة، وأسفرت عن سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى قدرتها مصادر فلسطينية وعربية آنذاك بين 250 إلى360 شهيدًا فلسطينيًا من النساء والأطفال والشيوخ.
بدأ الأمر بواسطة جماعات صهيونية هما “الأرجون” التي كان يتزعمها مناحم بيجن (انتخب رئيسا لوزراء إسرائيل 1977-1983)، ومجموعة “شتيرن” التي كان يترأسها إسحق شامير (انتخب رئيسًا لوزراء إسرائيل 1983-1992 على فترات متقطعة)، بدعم من قوات البالماخ. واستهدفت هذه الجماعة القرية الواقعة غرب مدينة القدس المحتلة، متوقعة أن يقوم أهالي القرية البالغ عددهم نحو 750 نسمة، في ذلك الوقت بالفرار منها، خوفا على حياتهم، ليتسنّى لها الاستيلاء عليها.
ووفقا لشهادات الناجين من المذبحة فإن الهجوم الصهيوني الإرهابي على دير ياسين بدأ قرابة الساعة الثالثة فجراً، لكن الصهاينة في حينه تفاجئوا بنيران الأهالي التي لم تكن في الحسبان وسقط من اليهود 4 قتلى وما لا يقل عن 32 جريحا.
وبعد ذلك طلبت هذه العصابات المساعدة من قيادة “الهاجاناة” في القدس وجاءت التعزيزات، وتمكّنوا من استعادة جرحاهم وفتح نيران الأسلحة الرشاشة والثقيلة على الأهالي دون تمييز بين رجل أو طفل أو امرأة.
وقامت قوات “البالماخ” في أحد المعسكرات بالقرب من القدس، بقصف قرية دير ياسين بمدافع الهاون لتسهيل مهمة العصابات المهاجمة.
ويقول الكاتب الفرنسي باتريك ميرسيون عن تفاصيل هذه المجزرة: “إن المهاجمين لم يخوضوا مثل تلك المعارك من قبل، فقد كان من الأيسر لهم إلقاء القنابل في وسط الأسواق المزدحمة عن مهاجمة قرية تدافع عن نفسها، لذلك لم يستطيعوا التقدم أمام هذا القتال العنيف”.
ومع حلول الظهيرة أصبحت القرية خالية تماماً من أي مقاومة، فقررت قوات “الأرجون” و”شتيرن” (والحديث للفرنسي ميرسيون) “استخدام الأسلوب الوحيد الذي يعرفونه جيداً، وهو الديناميت، وهكذا استولوا على القرية عن طريق تفجيرها بيتاً بيتاً”.
ووفق روايات شهود عيان، فإن المهاجمين اليهود، أوقفوا العشرات من أهالي دير ياسين إلى الجدران وأطلقوا النار عليهم، ولم تكتف هذه العناصر المتطرفة بإراقة الدماء، بل أخذت عدداً من الأهالي الأحياء بالسيارات واستعرضوهم في شوارع الحارات التي استولوا عليها في القدس من ذي قبل وسط هتافات عنصرية حاقدة.
وكانت مجزرة دير ياسين عاملاً مؤثراً في الهجرة الفلسطينية إلى مناطق أُخرى من فلسطين أو البلدان العربية المجاورة، لما سببته من حالة رعب عند المدنيين، ولعلّها الشَّعرة التي قصمت ظهر البعير في إشعال الحرب العربية الإسرائيلية في عام 1948.
وفي صيف عام 1949، استوطنت مئات العائلات من المهاجرين اليهود قرب قرية دير ياسين، وأطلق على المستعمرة الجديدة اسم ‘جفعات شاؤول بت’ تيمنا بمستعمرة ‘جفعات شاؤول’ القديمة التي أنشئت عام 1906، ولا تزال القرية إلى يومنا هذا قائمة في معظمها، وضُمت إلى مستشفى الأمراض العقلية الذي أنشئ في موقع القرية، وتستعمل بعض المنازل التي تقع خارج حدود أراضي المستشفى، لأغراض سكنية أو تجارية، وثمة خارج السياج أشجار الخروب واللوز، أما مقبرة القرية القديمة، الواقعة شرق الموقع، فقد اكتسحتها أنقاض الطريق الدائرية التي شُقّت حول القرية، وما زالت شجرة سرو باسقة وحيدة قائمة وسط المقبرة حتى اليوم.
ويحيي أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات الذكرى الـ70 لمجزرة دير ياسين، بالتزامن مع استمرار قوات الاحتلال بارتكاب مجازرها بحق الشعب الفلسطيني وعمليات الإعدام الميدانية التي تقوم بها في كافة الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، علاوة على سياسة التضييق على أهالي فلسطين داخل أراضي عام 48، وتبرز هذه المجازر الإسرائيلية التي ترتكب أمام مرأى ومسمع العالم فيما يحدث بحق المتظاهرين السلميين المشاركين في مسيرات العودة الكبرى إحياءً ليوم الأرض على حدود قطاع غزة ، والتي استشهد خلالها 32 شهيدًا وأصابة ما يقارب 3000 جريح.