مراسلنا: السلطات السودانية تعتقل الأمين العام للحركة الشعبية

وكأن حربا واحدة في السودان لم تكن كافية، إذ صبت اشتباكاتُ النيل الأزرق مزيدا من الزيت على النار، وبات هذا البلد معرضا وبقوةٍ لخطر العقوبات والتدخلِ الدولي.
ففي جنوب شرقي البلاد اشتدت الاشتباكات في محلية الكُرمُك بإقليم النيل الأزرق بين الجيش الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان شمال جناح عبدالعزيز الحلو.
وبحسب الجيش السوداني فقد تصدى لهجوم تعرض له خلال أيام الخامس والعشرين والسادس والعشرين من يونيو في قرى “دييم منصور وأبو نذير وكور أبودي”.
وتسبب القتال في فِرار مئات المدنيين إلى إثيوبيا بحثا عن الأمان بينما يبدو أن آخرين يستعدون للتوجه نحو مدينة الدامازين.
وكانت الحركة الشعبية قد أعلنت وقفَ العِدائيات مع الجيش في العام 2020، قبل أن تعود لمهاجمة عددٍ من معسكراته بولاية جنوب كردفان منتصف يونيو الحالي.
من جهتها طالبت بعثة الأمم المتحدة للدعم في السودان (يونيتامس) جميعَ الأطراف بالتوقف فورا عن القتال من أجل حماية السكان المحليين.
ويأتي اندلاع القتال في النيل الأزرق كتطور جديد في مسار الحروب التي تشهدها البلاد والتي بدأ نطاقها يتوسع ليشمل مناطق جديدة.
ومع تزايد عدد الحروب والأطراف المتحاربة تتضاءل فرصُ الوساطات الدبلوماسية للتهدئة، وتتزايدُ احتمالاتُ استخدام سلاح العقوبات والتدخلِ الدولي بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

ميثاق الأمم المتحدة – الفصل السابع

يطبق في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان، وقبل التوصية به يتم دعوة المتنازعين لاتخاذ اللازم لوقف الحرب. ولاحقا يوقع مجلس الأمن إجراءات غير عسكرية مثل العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية، وحال فشل الخطوات السابقة يقوم مجلس الأمن باتخاذ إجراء عسكري لحفظ السلم والأمن.
الإجراءات العسكرية يمكن أن تتم عبر القوات الجوية أو البحرية أو البرية للدول الأعضاء، وتحدد القوات المشاركة في هذا التدخل مسبقا والإعلان عن مواقعها وعددها.
تدير هذه العملية لجنة من رؤساء أركان حرب الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن.

سيناريو الانفصال

إذا كان الجميع في السودان يتقاتلون، جيش نظامي وقواتٌ شبه عسكرية وحركاتُ تمرد سابقة، والأغراضُ متعددة بعضها سياسي وبعضها قَبَلِي.
والوساطات لم تسفر عن شيء، ونطاق الحرب يتسع، فالمعطيات إذن تقود إما إلى عقوبات قاسية أو تدخل دولي، ولكن إلى ماذا سيؤدي ذلك؟ وهل سيناريو الانفصال يلوح في الأفق؟

رانيا عمر: السودان لا يحتمل أي نوع من العقوبات الدولية في الوقت الحاضر

الإسلام السياسي ودوره في إدارة المشهد بالسودان

باحث سوداني: التدخلات الدولية في الأزمة السودانية هي من عقدت المشهد

السودان.. حرب واحدة لا تكفي

-كل المبادرات في السودان اصطدمت بحائط الإقصاء

-السودان عاجز نتيجة الأزمة بين أطراف الحكم

منذ أكتوبر تشرين الأول الماضي، طرحت في السودان عدة مبادرات لإنهاء الأزمة في البلاد، لكنها لم تصل إلى نتائج ملموسة تنقذ البلاد.

وانطلق الخميس الماضي الحوار السوداني الذي ترعاه الآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي ومنظمة الإيقاد لبحث سبل نزع فتيل الأزمة في البلاد.

وحاور برنامج “مدار الغد” الأمين العام لقوى الحرية والتغيير فرع “الميثاق الوطني” مبارك أردول، الذي أكد في بداية حديثه وجود  مشكلة سياسية كبيرة في السودان تحتاج حلول يجب أن تستوعب كل الأطراف المدنية والعسكرية وذلك للتحضير للديمقراطية وفترة ما بعد الفترة الانتقالية.

وأكد أردول أن كل المبادرات التي طرحت على الساحة السودانية اصطدمت بحائط الإقصاء من بعض القوى السياسية حيث تريد أن تفصل شكل الحكم، وأول شخص طرح ذلك هو رئيس الحكومة السابق عبد الله حمدوك.

وأوضح أن مبادرة الآلية الثلاثية تصطدم بنفس حائط الإقصاء من قبل جماعات طامعة في الحكم، مشيرا إلى أن الاتهامات الموجهة لنا مجرد اختزال للمشهد في السودان.

وأكد أردول أن هناك شبه توقف للدولة نتيجة الأزمة بين أطراف الحكم في البلاد، موضحا أن مبادرة الطريق إلى الأمام تم اختطافها من المجلس المركزي وكونوا مجلسا جديدا لمزيد من السيطرة والحكم.

واستكمل قائلا: “هناك تحفظات على الآلية السياسية، لكن مع الحل السياسي من دون فرز أو تصنيف ولكن دور الآلية يجب أن ينحصر في التسهيل وليس الوساطة لأنه يجب أن يكون حوارا سودانيا سودانيا، كما يجب أن تطرح نقاط وفقا للوثيقة الدستورية”.

ومنذ عدة يشهد السودان احتجاجات متواصلة، إثر الإجراءات التي اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 25 من أكتوبر 2021، والتي أنهت الشراكة التي كانت قائمة بين المدنيين والعسكريين منذ إسقاط نظام عمر البشير في أبريل 2019.

وطالبت الخارجية الأمريكية على لسان المتحدث باسمها نيد برايس، بتسليم السلطة للمدنيين، كشرط لاستئناف المساعدات المجمدة من الولايات المتحدة وصندوق النقد والبنك الدولي.

وأكد برايس دعم بلاده للعملية السياسية التي تقودها الآلية الثلاثية، مبديا استعدادها لتسهيل جميع العقبات وتهيئة المناخ لانطلاق الحوار بصورة شفافة.

التقَى وفد رفيع من قيادتي الحركة الشعبية لتحرير السُّودان – شمال برئاسة، عبد العزيز آدم الحلو، ووفد من حركة جيش تحرير السُّودان برئاسة، عبد الواحد أحمد النور، بالمناطق المُحرَّرة – كاودا (جبال النوبة)، وذلك  في الفترة من  25 يوليو – 29 يوليو 2021.

وبعد حوار إستصحب النضال التَّاريخي طويل الأمد للشعوب السُّودانية المُهمَّشة من أجل الحرية والعدالة والمُساواة والكرامة الإنسانية، ناقش اللقاء كافة القضايا الوطنية المصيرية المُلِحَّة وقضايا الإنتقال والراهن السِّياسي.

وإتَّفق الطرفان على أن وحدة الدَّولة السُّودانية لا بد أن ترتكز على العلمانية، الدِّيمقراطية، الليبرالية، المواطنة المُتساوية اللامركزية، التنمية المُتوازنة، الإرادة الحُرة لشعوبها، الوحدة الطوعية وحق جميع الشعوب السُّودانية في تحديد مصيرها ومُستقبلها الإداري والسِّياسي كحق إنساني وقانوني وديمقراطي أصيل ومبدأ سيادة حكم القانون.

وأكَّد الطرفان إحترامهما لأي وسائل وآليات يُمكن أن تُفضي إلى الحل الجذري للأزمة السُّودانية التاريخية وإعادة هيكلة الدَّولة على أسُس جديدة.

وأكَّدت الحركة الشعبية لتحرير السُّودان – شمال، تفهُّمها وتأييدها للحوار (السُّوداني – السُّوداني) الذي تطرحه حركة  جيش تحرير السُّودان بقيادة عبد الواحد النور.

كما أكَّدت حركة تحرير السُّودان تفهُّمها وتأييدها لإعلان المباديء الذي تم توقيعه بين رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتَّاح البرهان ورئيس الحركة الشعبية لتحرير السُّودان – شمال، عبد العزيز آدم الحلو في 28 مارس 2021، ودعمها لموقف الحركة الشعبية في مسودَّة الإتفاق الإطاري التي طرحتها في المفاوضات بمنبر جوبا.

وشدد الطرفان على ضرورة إصلاح القطاع الأمني قبل البدء في تنفيذ الترتيبات الأمنية، وإعادة هيكلة جميع أجهزة ومؤسَّسات الدَّولة وكل المنظومة الأمنية (القوات النظامية) وفق أسس جديدة وحل جميع المليشيات والجيوش والأجهزة الأمنية الخاصة والحزبية والقبلية وإعادة بناء جيش وطني قومي حديث بعقيدة عسكرية جديدة تلتزم بحماية المواطن وأرض السُّودان والدستور الديمقراطي والقانون وقواعد الدولة.

كما أكد الطرفان على ضرورة الإعتراف بالملكية العُرفية للأراضي وإستخداماتها بما يُحقِّق العدالة والعمل بموجبها والإقرار بملكية القبائل لأراضيها مع إمكانية إستخدام الدَّولة الأرض للمصلحة العامة وفق قوانين عادلة. كما أكَّد الطرفان على إن الحل الشامل للمشكلة السُّودانية لا بد أن يتضمَّن قضايا الأرض بما يضمن إرجاع جميع الحواكير التي أُنتزعت أثناء الحروب إلى مُلَّاكها الأصليين.