مسلحو بصرى الشام يوافقون على تسليم أسلحتهم ودخول الجيش السوري

شيعت سوريا، اليوم الجمعة، جنازات عشرات الأشخاص الذين قتلوا في هجوم بطائرات مسيرة على حفل تخريج طلاب في الكلية الحربية في حمص يوم أمس الخميس، في واحدة من أكثر الضربات دموية ضد الجيش السوري

وقصفت طائرات مسيرة فناء الكلية الحربية في حمص حيث كانت العائلات مجتمعة مع الضباط الجدد، ووقع الهجوم بعد دقائق من مغادرة وزير الدفاع علي محمود عباس. وأعلنت سوريا الحداد لمدة 3 أيام.

كيف وقع الهجوم؟

يثير الهجوم الدامي على الكلية الحربية في وسط سوريا، والذي اتهمت دمشق مجموعات «إرهابية» بتنفيذه، تساؤلات عدّة حول الجهة القادرة على استهداف مقر عسكري بهذا الحجم والأسلوب في محافظة يسيطر عليها الجيش بالكامل.

وخلال السطور القادمة سنوضح المعلومات المتوفرة عن الهجوم، وما هي دلالاته بعد أكثر من 12 عامًا من نزاع مدمر في سوريا.

فور انتهاء احتفال تخرج ضباط من الكلية الحربية في مدينة حمص في وسط البلاد، وبينما كانت عائلات الضباط تحتفي بهم في باحة الكلية، وجد الحاضرون أنفسهم يتعرضون لرشقات نارية تبيّن لاحقاً أن مصدرها طائرات مسيّرة.

ويستعيد سليمان عساف صاحب الـ 69 عامًا الذي كان يحضر احتفال تخرّج ابن شقيقه تلك اللحظات بالقول: «كان الناس يضحكون ويلتقطون الصور… وفجأة دوى صوت انفجار. لم نعرف ماذا حدث».

وأضاف عساف في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية أن الجميع بدأ يركض كالمجانين والجثث ملقاة على الأرض، ثم فقدت الوعي لأستيقظ داخل غرفة المشفى وحولي أناس يبكون وينتحبون وقد فقدت ابن شقيقي.

وبتأثر شديد، أوضح عساف على هامش مراسم التشييع في المستشفى العسكري في حمص: «لم يسمحوا لنا بإلقاء نظرة الوداع عليه لأن الجثة تشوّهت بشكل كبير. لا أصدّق ماذا جرى، أتمنى أن يكون كابوسًا وأستيقظ منه».

وأظهرت مقاطع فيديو تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي حالة من الذعر والفوضى وضحايا أرضا وجرحى يستغيثون بينما تُسمع في الخلفية أصوات رشقات نارية خلال الهجوم.

وأورد المرصد السوري لحقوق الإنسان، اليوم الجمعة، أن حصيلة القتلى ارتفعت الى 123، بينهم 54 مدنياً ضمنهم 39 طفلا وسيدة من ذوي الضباط. وأحصى كذلك إصابة 150 آخرين بجروح.

وأحصى الإعلام الرسمي السوري صباح الجمعة مقتل 89 شخصا، وإصابة 277 آخرين بجروح.

من يقف خلف الهجوم؟
لم تتبن أي جهة المسؤولية عن الهجوم الذي طال الكلية الحربية، وهي أكاديمية تخرّج منها أركان الجيش وقياداته على مرّ عقود، بدءاً من الرئيس الراحل حافظ الأسد مروراً بابنيه الرئيس الحالي بشار وشقيقه ماهر وقادة عسكريين.

وسارع الجيش السوري إلى اتهام التنظيمات الإرهابية المسلحة بتنفيذ الهجوم عبر مسيّرات تحمل ذخائر متفجرة. وأكد أنه سيردّ بكل قوة وحزم.

ويوضح الباحث في الشأن السوري في مركز سنتشوري انترناشونال آرون لوند أنه لا تتوفر حتى اللحظة تفاصيل كافية للتكهن حول هوية الجهة المنفّذة.

وقال لـ«فرانس برس» :«رأينا في السابق هجمات كثيرة بطائرات مسيّرة انطلاقًا من إدلب، بما في ذلك استهداف الطائرات الروسية في قاعدة حميميم على الساحل، لكن التفاصيل حول من شغّل تلك المسيّرات كانت دائمًا غامضة نوعاً ما».

ويضيف :«هل هي هيئة تحرير الشام أم تركيا أم خليط من الاثنين؟ لافتاً إلى أن كلا من هذه الأطراف قد يكون نفّذ الهجوم. وتستخدم فصائل إرهابية عدة بينها هيئة تحرير الشام وتنظيم داعش أحيانا طائرات مسيّرة لاستهداف مواقع عسكرية تابعة للقوات الحكومية أو حلفائها».

ووقع الهجوم بعد دقائق معدودة من مغادرة وزير الدفاع علي محمود عباس لاحتفال التخرّج.

حملة قصف مدفعي

وبدأت على الفور حملة قصف مدفعي على مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) وفصائل متحالفة معها في محافظة إدلب (شمال غرب) ومحيطها، أودت بحياة 16 شخصا على الأقل، وفق المرصد.

وانضمت القوات الروسية إلى الحملة، اليوم الجمعة، بتنفيذها غارات عدة في المنطقة، ما يعني عملياً توجيه دمشق وداعمتها موسكو أصابع الاتهام الى الفصائل في منطقة إدلب الحدودية مع تركيا.

وإذا صحّ أن تلك الفصائل نفّذته، فسيكون الأول بهذا الحجم وبهذا الأسلوب.

ويرجّح مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن يكون تجميع المسيرات قد جرى في حمص وتم إطلاقها من مكان قريب، ما يفسر سبب عدم رصدها من رادارات أو تصدي الدفاعات الجوية لها، من دون أن يتوفر لديه في الوقت ذاته تصور حول هوية الجهة المنفذة.

أعلن نائب رئيس مديرية التنظيم والتعبئة الرئيسية في هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، فلاديمير تسيمليانسكي، أن هيئة الأركان العامة ليس لديها خطط للتعبئة في روسيا.

وبحسب «روسيا اليوم» فإن تسيمليانسكي قال إنه «يوجد الآن ما يكفي من المتطوعين والجنود المتعاقدين لتنفيذ مهام العملية الخاصة»، موضحا أن الراغبين في الالتحاق بالخدمة التعاقدية عددهم تزايد في الآونة الأخيرة.

يبدو أن أوكرانيا بدأت تحقق نجاحات فعلية وكبيرة خلال فترة زمنية قليلة، فخلال الأسبوع الماضي أعلنت كييف استهداف مقر الأسطول الروسي في البحر الأسود مرتين، مؤكدة مقتل جنرالات بارزين وإصابة آخرين في تلك الهجمات في سيفاستوبول، بشبه جزيرة القرم.

وقالت مجلة «نيوزويك» البريطانية إن الإسبوع الماضي كان الأفضل لأوكرانيا منذ بدء الهجوم المضاد قبل عدة أشهر.

وأعلنت أوكرانيا أنها اخترقت بلدة فيربوف في منطقة زاباروجيا بالجنوب، لتتوج بذلك فترة من المكاسب المعنوية التي حققتها كييف في الشهر الرابع من هجومها المضاد في ساحة المعركة وبحرا.

وقال الجنرال الذي يقود الهجوم المضاد الأوكراني على طول خط الجبهة الجنوبي، أولكسندر تارنافسكي، لشبكة «CNN» إن قواته حققت اختراقاً في بلدة فيربوف ذات الأهمية الاستراتيجية في منطقة زاباروجيا، والتي تقع شرق روبوتاين التي قالت أوكرانيا إنها استعادتها الشهر الماضي.

كما أعلنت كييف أن قواتها اخترقت الخط الأول للدفاعات الروسية في المنطقة الجنوبية، والمعروف باسم «خط سوروفيكين»، وقد تم بناء هذا الخط بناء على أوامر من الجنرال سيرجي سوروفيكين، عندما كان مسؤولاً عن القوات الروسية.

ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن قائد وحدة هجوم أوكرانية تقاتل في منطقة زاباروجيا، إن المركبات المدرعة توغلت خلال الأسبوع الماضي عبر «خط سوروفيكين» بالقرب من فيربوف، التي تقع على بعد عدة أميال من روبوتين.

ولا تزال روسيا تمتلك دفاعات كبيرة مبنية جنوب الخط، مثل تلك المحيطة بتوكماك، على بعد حوالي 25 ميلاً جنوب غرب فيربوف.

وأوضح القائد، الذي طلب عدم ذكر هويته، أن أوكرانيا فقدت الكثير من المعدات خلال تلك العمليات في ذلك المحور.

خط سوروفيكين

ويتكون هذا الخط الدفاعي الذي سمي على اسم القائد السابق للقوات الروسية في أوكرانيا، الجنرال سيرجي سوروفيكين، والذي أقاله الرئيس فلاديمير بوتين بداية هذا العام، من ثلاثة أحزمة دفاعية، مع خط أخير من الخنادق و«أنياب التنين» – وهي عوائق خرسانية على شكل هرم تهدف إلى إبطاء المركبات وتوجيهها إلى مناطق القتل.

Is it difficult to overcome the "surovikin line"? Major Hetman announced the forecast

The so-called "Surovikin line" is a well-fortified line of defense of the Russian occupying forces. However, the Defense Forces of Ukraine know how to overcome such obstacles and will overcome… pic.twitter.com/6BdogN35GJ

— Lew Anno Suport #Ukraine 24/2-22 (@anno1540) September 23, 2023

وبحسب موقع «obozrevatel» الأوكراني فإن هذا الخط الدفاعي محصن جدا، ويشمل مخابئ للجنود وخنادق مضادة للدبابات، تربطها قنوات اتصال حتى يتمكن الجنود من التحرك دون مغادرة الخندق.

وقال محللون في معهد دراسة الحرب بواشنطن في تقرير، الخميس الماضي، إن الصور التي تم تحديد موقعها الجغرافي تشير إلى أن «المركبات المدرعة الأوكرانية تعمل خارج الخط الأخير للخطوط الدفاعية الروسية»، لكنهم ليسوا مستعدين بعد لتأكيد أن القوات الأوكرانية اخترقت بالكامل الدفاعات الروسية، بحسب «واشنطن بوست».

وذكرت شبكة «سي إن إن» هذا الأسبوع كيف أن القوات الأوكرانية لا تزال على بعد 13 ميلاً من مدينة توكماك الصغيرة. وتعتبر حاسمة بالنسبة للدفاعات الروسية عن ميليتوبول، المعروفة باسم بوابة شبه جزيرة القرم.

لكن تارنافسكي قال إنه سيكون هناك اختراق كبير، وهو ما سيحدث بعد توكماك، وأن القوات الروسية في الوقت الحالي «تعتمد على عمق خطها الدفاعي هناك».

خلال الأسابيع الأخيرة، ركزت أوكرانيا على شبه الجزيرة التي ضمتها روسيا في عام 2014. وتعد شبه جزيرة القرم مركزا لوجستيا حيويا واستراتيجيا بسبب موقعها على البحر الأسود، واستحوذت الضربات هناك على صدارة عناوين الأخبار.

وقالت أوكرانيا إنها قصفت في 13 سبتمبر/أيلول أهدافا بحرية روسية وبنية تحتية لموانئ في سيفاستوبول، أسفرت عن تعرض سفينة كبيرة وغواصة لأضرار بالغة بحيث لا يمكن إصلاحها على الأرجح.

وجاء تركيز أوكرانيا على استهداف شبه جزيرة القرم بعد أن سمحت روسيا بانهيار مبادرة حبوب البحر الأسود في يوليو/تموز، والتي كانت حتى ذلك الحين تسمح بالمرور الآمن للمنتجات الزراعية الأوكرانية.

لكن يبدو أن أوكرانيا تظهر أيضًا مرونتها وقدرتها على إعادة فتح ممرات الشحن عندما غادرت سفينتا شحن ميناء تشورنومورسك الأوكراني على البحر الأسود هذا الأسبوع.

وذكرت رويترز أن السفينة الثانية وهي أرويات حملت نحو 20 ألف طن من القمح متجهة إلى أفريقيا وآسيا.