تخيم على المشهد اللبناني، تحركات مكثفة، في إطار مشاورات «ماراثونية» للبحث عن آلية «النأي بالنفس» عن صراعات وتوترات المنطقة، والحفاظ على العلاقات مع الدول العربية، وخاصة المملكة العربية السعودية .. وبدأ الرئيس اللبناني، العماد ميشال عون، اليوم الإثنين، مشاورات مع الكتل النيابية والأحزاب الممثلة في الحكومة، إضافة إلى أحزاب خارجها، في مسعى للتوافق حول رؤية لمعالجة الوضع الذي نشأ بعد إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري استقالته.
وأكدت مصادر سياسية لبنانية، أن المشاورات الماراثونية تتناول 4 عناوين هي: آلية النأي بالنفس عن صراعات المنطقة.. وضمان الاستقرار اللبناني.. والالتزام باتفاق الطائف.. والعلاقات مع الدول العربية.. وكشف مدير مكتب الإعلام في الرئاسة اللبنانية، رفيق شلالا، أن الرئيس عون، سوف يطلع رئيس مجلس النواب، نبيه بري، ورئيس الحكومة، سعد الحريري، مساء اليوم، على ما توصلت إليه المشاورات .. وكان كل من بري والحريري، أجريا بدورهما اتصالات مع قوى وأطراف لبنانيةن خلال الأيام القليلة الماضية.
وذكرت المصادر، أن الفرقاء السياسيين يأخذوا بجدية توجه وتحرك رئيس الحكومة سعد الحريري للتوصل إلى صيغة تضمن تطبيق مبدأ النأي بلبنان عن الحروب الدائرة على الصعيد الإقليمي، بالتعاون مع رئيسي الجمهورية العماد ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري.. وأن الحريري أكد إذا لم ينجح لبنان في النأي بنفسه عن الحروب الإقليمية، وإذا لم يعد «حزب الله» عن تدخلاته في عدد من الدول العربية، لا سيما دول الخليج واليمن، فإن هناك أخطاراً جدية على استقرار البلد، وأنه لن يستمر في موقف التريث في تقديم استقالته من الحكومة وستصبح استقالته نافذة.
وأوضحت المصادر، أن تصريحات الحريري التي أكد فيها أن تريثه في الاستقالة هو «لإعطاء فرصة» لمناقشة وبحث مطالب وشروط أساسية، لتحييد لبنان وإبعاده من الحرائق والحروب بالمنطقة، وتطبيق سياسة النأي بالنفس عملياً بالممارسات والسياسات المتبعة والالتزام باتفاق الطائف، هي تصريحات ليست للاستهلاك بل هدفها ترجمة ما يطالب به إلى أفعال واقعية، من دون أن يعني ذلك أنه لا يعطي هذه الفرصة المجال للتوصل إلى نتيجة بعدما وجد تجاوباً من عون وبري.
وتشير الدوائر السياسية في بيروت، إلى أن اعتبار الحريري أن عون وبري أبديا جدية في التوصل إلى نتائج جدية في هذا الصدد، يعود إلى أنهما حليفين لـ «حزب الله» ويشاركان من هذا الموقع في النقاش حول الصيغة العملية للنأي بالنفس معه ومع غيره ـ بحسب تقرير صحيفة الحياة اللندنية ـ وهناك اعتقاد لدى قيادات محيطة بالرئيس عون بأنه أكثر المؤهلين للعب هذا الدور مع «حزب الله» كرئيس قوي حصد دعماً سياسياً وشعبياً لمواقفه الأخيرة، خصوصاً من «حزب الله».
والاتصالات والمشاورات الماراثونية، التي يجريها الرؤساء الثلاثة « رئيس الحكومة، الحريري، والرئيس عون، ورئيس مجلس النواب، بري، يفترض كي تنجح، أن يواكبها تحرك خارجي، لا سيما أوروبي غير معلن، مع إيران كي تسهّل إبعاد «حزب الله» عن حروب المنطقة.. وفي هذا الإطار، ذكرت المصادر اللبنانية، أن لبنان تلقى معلومات بأن باريس أرسلت إلى طهران أحد مسؤوليها، موفداً من الرئيس إيمانويل ماكرون، للبحث مع المسؤولين الإيرانيين في الأزمة اللبنانية، في إطار تحرك الرئيس الفرنسي من أجل إنجاح جهود المسؤولين اللبنانيين للتوصل إلى اتفاق على تطبيق «مبدأ النأي» في لبنان عن صراعات المنطقة، عبر وقف تدخل «حزب الله» في عدد من الدول العربية.
وكان الرئيس ماكرون أجرى اتصالين هاتفيين مساء السبت الماضي، مع كل من عون والحريري للبحث في «التطورات الأخيرة في لبنان»، وفق نبأ وزعته الرئاسة الفرنسية. ولم تستبعد المصادر الرسمية اللبنانية أن يكون الرئيس الفرنسي أبلغ الجانب اللبناني بأنه أرسل موفداً إلى طهران.
