مشوار الدفاع عن قضايا الوطن والمرأة.. محطات في حياة ماجدة الصباحي

رحلت صباح الخميس الفنانة المصرية ماجدة الصباحي عن عمر يناهز 89 عاماً، إثر أزمة صحية تعرضت لها مؤخرا.

وتمتلك ماجدة مشواراً فنياً حافلاً بالعديد من الأعمال والجوائز، إذ تُعد أحد أهم نجوم العصر الذهبي وصانعي السينما المصرية، خاصة مع عملها كمُنتجة، وشاركت في صناعة عدد من أهم أفلام السينما المصرية.

اسمها الحقيقي هو عفاف علي كامل الصباحي، وولدت في محافظة المنوفية عام 1931 لوالد يعمل موظفاً في وزارة المواصلات، وعائلة عريقة في منطقة دلتا مصر، سواء على المستوى الاجتماعي أو الوطنية، إذ كان لعائلتها تاريخ نضالي مشهود ضد الإستعمار الإنجليزي، وتم نفي جدها محمد الصباحي إلى مالطة مع الخديوي عباس حلمي لمدة سبع سنوات.

تلقت تعليمها منذ نعومة أظافرها في مدرسة “جابيز” الفرنسية في جاردن سيتي ثم انتقلت إلى مدرسة الراهبات في “البون باستور” وحصلت على شهادة البكالوريا الفرنسية.

بدأت ماجدة حياتها الفنية مبكراً في عمر الـ15 عامًا دون عِلم أهلها، وذلك خلال مشاركتها في فيلم “الناصح” عام 1949 أمام أمام الفنان إسماعيل يس، وكان من إخراج سيف الدين شوكت، وبعد خلاف بين صناع الفيلم وأسرة ماجدة، تم اﻹتفاق على استكمال عملها الفني، لتواصل من بعدها التمثيل في عشرات الأفلام منذ ذلك الوقت وحتى منتصف التسعينات.

وقدمت فيلمى”الفجر” و”لحن الخلود” بعد فيلم “الناصح” لتتوالى أفلامها السينمائية حتى بلغ رصيدها السينمائى 70فيلماً من بطولاتها.

واكتسبت ماجدة خبرة واسعة من العمل مع كبار المخرجين، أمثال أحمد بدرخان وكمال الشيخ ويوسف شاهين وهنري بركات وحسين كمال وغيرهم، وإن كان المخرج أحمد ضياء الدين يُعد هو المخرج المفضل بالنسبة لها، حيث كان صديقاً لأسرتها وأكثر المخرجين إحساساً وإيماناً بموهبتها الفنية، وقدمها معه سبعة أفلام من بينها فيلمي “أين عمري” و”المراهقات”.

ونوّعت ماجدة فى أدوارها، ونجحت فى الهروب من ملامحها التى تقيدها فى أدوار الفتاة الخجولة الطيبة التي تنتمي لأسرة متوسطة الحال، فقدمت أدوار المناضلة السياسية والمرشدة السياحية والصحفية والشاعرة بالإضافة لإجادتها لدور بائعة الجرائد وحائكة الملابس والموظفة وغيرها من الأدوار المختلفة التى قدمت المرأة بشكل أوضح على شاشة السينما، وكثيراً ما دافعت عن حقوقها في المساواة بينها وبين الرجل في أفلامها.

وقدمت ماجدة أنواعاً مختلفة من الأفلام، ونجحت فى الأفلام الرومانسية خاصة، أمام عدد من النجوم مثل عبدالحليم حافظ وعمر الشريف وكمال الشناوي وأنور وجدي ويحيى شاهين وفريد الأطرش وفريد شوقي وعماد حمدي وغيرهم من العمالقة، ونجحت أيضا في الأعمال الكوميدية أمام إسماعيل يس.

بالإضافة إلى الأفلام الدينية والوطنية، وهي نوعية الأفلام التى تبنتها بصفة خاصة فى الشركة التي أسستها لتوسيع دائرة أدوارها وتعميق الأفكار التى تطرحها وتجديد مواضيعها ، ولم تُفكر كغيرها من المنتجين في الأرباح فقط، بل كانت تهتم بقيمة ما ستقدمه، لذا حازت على العديد من الجوائز من كبرى المهرجانات العربية والعالمية ومازال حتى  الآن يقام أسابيع لأفلامها في تلك المهرجانات.

وتابعت مشوارها الفني بالعديد من الأفلام الهامة في تاريخ السينما، مثل “الآنسة حنفي” عام 1954 أمام إسماعيل يس وإخراج فطين عبد الوهاب، والذي ما أول الأفلام التي تناولت ملف المساواة بين الرجل والمرأة، وقدمها في شكل كوميدي غير مُعتاد.

وفي عام 1958 شاركت مع المخرج يوسف شاهين فيلم “جميلة” عن قصة المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد، ليحصد الفيلم 15 جائزة عالمية وأيضا تلقت بسببه تهديدات بالقتل، وساعد في الترويج لقضية استقلال الجزائر، أيضا من محطاتها السينمائية المهمة فيلم “المراهقات” عام 1960، والذي أثر بشكل كبير على الرأي العام في ذلك الوقت، نظراً لتبنيه قضية التربية ونشأة البيت والتفرقة بين الفتية والفتيات، وظل يُعرض في دور العرض لمدة 20 أسبوعاً، وهو ما يعتبر حدثا كبيرا.

أسست ماجدة شركة إنتاج سينمائى أطلقت عليها”أفلام ماجدة” في عام 1958 لتنتج من خلالها عدد من الأفلام الهامة في تاريخ السينما المصرية، ولجأت إلى الأدب لتقدم مجموعة من أروع الأفلام منها “أين عمري” و”أنف وثلاثة عيون” و”النداهة” للكاتب الكبير إحسان عبد القدوس، و”السراب” للأديب العالمي نجيب محفوظ و”العمر لحظة” للأديب يوسف السباعي و”الرجل الذى فقد ظله” لفتحى غانم.

وأنتجت أربعة أفلام دينية هي “عظماء الإسلام” و”هجرة الرسول” و”انتصار الإسلام” و”بلال مؤذن الرسول “، بالإضافة لسبعة أفلام دينية شاركت في بطولتها فقط ولم تنتجها.

كانت لماجدة تجربة إخراجية وحيدة أُجبرت عليها لإنقاذ الموقف في فيلم “من أحب” بعد مرض المخرج أحمد ضياء الدين فجأة، إذ كان عليها الوفاء بالتزاماتها تجاه طاقم الفيلم من فنانين وعاملين.

حصلت ماجدة على أكثر من ثلاثين جائزة من مهرجانات عالمية ومن مؤتمرات نسائية وحصلت على شهادات تقدير محلية ودولية عن أدوارها في فيلم” ليلة غرام” و”أين عمري”و”أرضنا الخضراء” و”الحقيقة العارية” و”جميلة”.

شاركت في عضوية لجان التحكيم في مهرجانات سينمائية دولية فى فينسيا ونيودلهى وموسكو، كما شغلت منصب رئيس شرف جمعية السينمائيات المصريات التى تعمل على مشروع إنتاج مجموعة أفلام عن رائدات الفن والأدب والعمل الإجتماعي في مصر.

مرت الفنانة ماجدة بتجربة زواج واحدة مع الفنان إيهاب نافع، إلا زواجهما لم يستمر سوى 4 سنوات ورُزقت بإبنتها الوحيدة غادة نافع ووهبت حياتها لفنها وتربية إبنتها.

كان آخر أفلامها هو “ونسيت أني امرأة” في عام 1994، وحصلت على جائزة النيل بمجال الفنون عام 2016، وهي أرفع جائزة مصرية، كما كرمتها الدولة في عيد الفن عام 2014.

رحلت ماجدة تراكة خلفا إرث فني كبير يزخر بالعديد من الانجازات التي ما كانت لترى النور إلا بجهودها ورؤيتها المتفردة.

ومن أبرز أفلامها: لحن الخلود، الآنسة حنفي، أين عمري، شاطيء الأسرار، المراهقات، جميلة، بائعة الخبز، الله معانا، فجر، الجريمة والعقاب، قيس وليلى، الحقيقة العارية، ثورة اليمن، هجرة الرسول، أنف وثلاثة عيون، زوجة لخمس رجال، العمر لحظة.