بات مصرف لبنان، المؤسسة النقدية الأبرز في هذا البلد، في مرمى اتهامات خارجية وداخلية بتدبير سياسات مالية استفادت منها نخب ومكونات بعينها، ما يدفعه الآن للتهرب من التدقيق في حساباته وممارساته.
فتحت عنوان “مصرف لبنان .. دولة داخل الدولة لا يمكن المساس بها”، أشار تقرير في صحيفة لوموند الفرنسية، إلى أن المصرف أصبح الصندوق الأسود لنظام سياسي تسبب في كارثة للبنان.
وذكرت الصحيفة أن المصرف لجأ من أجل تمويل عجز الموازنة وتجميد سعر صرف الليرة، إلى ممارسات غير تقليدية قائمة على امتصاص الودائع بالدولار في البنوك الخاصة، مقابل سعر فائدة مرتفع جدا، وهو ما اعتبره الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عملية احتيال.
وأشار التقرير الفرنسي إلى أن مانحين دوليين على غرار باريس، يرفضون إتاحة الدعم المالي اللازم لإنقاذ لبنان دون تحقيق إصلاحات تشمل التدقيق في تدابير مصرفه المركزي.
وقد يتفق هذا مع ما نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، عن تحركات من جانب واشنطن لفرض عقوبات على مصرف لبنان بعد اتهامات له بالتورط في عمليات غسل أموال وفساد وعلاقات لكبار المسئولين اللبنانيين بحزب الله، الذي تصنفه الولايات المتحدة إرهابيا.
لكن رياض سلامة حاكم المصرف نفى ذلك، مؤكدا أن مصرف لبنان ليس لديه ما يخفيه، وأرجع في الوقت نفسه عدم تسليم جميع المعلومات التي طلبها المدققون الجنائيون، لالتزامه بقوانين السرية المصرفية في لبنان.
من جانبه قال الدكتور جهاد حكيم أستاذ الاقتصاد بالجامعة اللبنانية الأمريكية، إن لبنان يوشك أن يكون معزولا عن الأسواق العالمية، وإن كان الآن هناك بعض المتنفس من خلال مصارف لديها تعامل مع بعض البنوك في الخارج.
وأضاف خلال مداخلة مع الإعلامي محمد المغربي عبر برنامج مدار الغد، إنه إذا تم فرض عقوبات علي مصرف لبنان سننعزل تماما وتشتد الأزمة أكثر و نصل إلي سيناريو يشبه فنزويلا والفقر سيكون مدقعا للغاية في البلاد.
واستبعد الخبير الاقتصادي أن يكون مصرف لبنان قد مول عمليات مشبوهة أو ساهم فيها، إلا أنه ربما ساير إلي حد بعيد أصحاب النفوذ في لبنان في بعض ما ذهبوا إليه.
فيما ترى هديل عويس الكاتبة والباحثة السياسية، أن هناك عدة محاور تنطلق منها واشنطن، لا سيما مع وجود حركة احتجاج في الداخل اللبناني ما يؤثر على المواطن اللبناني وسط اتهامات بالفساد، وهذا لا تراه أمريكا وحدها بل تراه معها أيضا فرنسا، مثل ضلوع البنك المركزي اللبناني في تهم بالفساد.
وأوضحت أن ترامب وإدارته لديهم قناعة أن القدرات العسكرية لحزب الله وسيطرته الأمنية تمكنه من إدارة العملية العسكرية والاقتصادية في لبنان ومن ثم هي تضغط على إيران وكل أذرعها في المنطقة بما فيهم حزب الله.
وأشارت إلى أن أمريكا لا ترى فائدة من العملية السياسية ما لم يتم سد الثغرات التي دعمتها ومولتها إيران خلال السنوات الماضية، ولذا تسعى أمريكا لمعاقبة جهات في لبنان وغيرها تابعة لإيران تعتقد واشنطن أن إيران تسفيد من هذه الكيانات في هذه البلاد ومن ثم نرى بشكل يومي حزمة من العقوبات التي تفرضها إدارة ترامب عليها قبل مغادرته البيت الأبيض.
قال حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، اليوم الثلاثاء، إن البنك المركزي غير قادر على إبقاء دعم السلع الأساسية لأكثر من شهرين آخرين، مضيفا أن الأمر بيد الدولة لمعالجة هذا الوضع.
وفي تصريحات تليفزيونية، قال سلامة إن البنك المركزي سيلتزم بتسليم حسابات الدولة في إطار أي تدقيق جنائي، لكن تسليم حسابات البنوك المحلية يحتاج إلى تعديل القانون.
وتابع أن البنك المركزي سيسعى إلى إعادة تنظيم وبيع البنوك اللبنانية التي لا يمكنها زيادة رؤوس أموالها بحلول الموعد النهائي المقرر لذلك في فبراير/ شباط المقبل.
جدير بالذكر أن سلامة، يواجه اتهامات عدة، من بينها عرقلة تدقيق جنائي حول عمليات وحسابات المصرف، ما جعله في مرمى الشبهات بعد اتهامات أمريكية وغربية للمصرف بالتورط في عمليات غسل أموال وفساد وعلاقات بين كبار المسئولين اللبنانيين و حزب الله المصنف “إرهابيا” لدى واشنطن،
