في أول رحلة ينظمها الجيش لوسائل إعلام غير مصرية إلى العريش منذ بدء “العملية الشاملة” بشمال سيناء، في التاسع من فبراير/شباط الماضي، تمكنت مجموعة من الصحفيين من التجول في نقاط عدة في المدينة، التي لا يزال العديد من شوارعها وميادينها يشبه ساحة حرب، حيث تنتشر الحواجز الرملية والإسمنتية والكتل الحجرية لمنع المرور.
ولا تزال العملية العسكرية مستمرة في شبه جزيرة سيناء وتستهدف القضاء على المتطرفين المسلحين أو “التكفيريين”، وأسفرت العملية -حتى الآن- عن مقتل أكثر من 200 إرهابي، واستشهاد ما يزيد على 30 جنديا، بحسب أرقام الجيش.
بدأت العملية بعد قرابة 3 أشهر من هجوم على مسجد قرية الروضة بمنطقة بئر العبد، الواقعة على بعد 40 كيلومترًا من العريش، أوقع أكثر من 300 شهيد من المدنيين، وهو أسوأ اعتداء شهدته مصر في تاريخها الحديث.
ويؤكد أهالي العريش، أن تحسنا واضحا طرأ على حياتهم اليومية منذ أكثر من شهر، بعدما تأثرت إلى حد بعيد بالتطورات الأمنية، فأقفلت المدارس والجامعات، ومنع المرور في العديد من الشوارع وتراجعت حركة المواصلات بسبب القيود التي فرضت على شراء الوقود.
وتقول الطالبة في السنة الرابعة بكلية التربية آلاء عبد العاطي (21 عاما) بحماس، وقد ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتيها، “عدنا للدراسة في 21 يونيو/حزيران، بعد أن أغلقت الجامعة منذ التاسع من فبراير/شباط”، مضيفة “عودة الدراسة إلى جامعة العريش أعادت الحياة للمدينة”.
ويقول قائد رفيع في الجيش المصري، للصحفيين، إن “الحياة بدأت تعود إلى أوضاع شبه طبيعية في العريش”، التي يقطنها قرابة 225 ألف شخص، “بعد التحسن في الوضع الأمني”.
ويشرح ضباط في العريش، لفرانس برس، أنه تم تخفيف الإجراءات الصارمة التي فرضت قيودا على الحركة في المدينة مع بدء العملية الشاملة.
ويضيفون أنه أصبح مسموحا الآن الخروج من العريش أيام الخميس والجمعة والسبت دون اشتراط الحصول على تصريح أمني مسبق، كما كانت الحال من قبل، غير أن الوقود ما يزال مقننا ويوزع بنظام الحصص، منعا لوصوله إلى الإرهابيين، بحسب هؤلاء الضباط.
وأوضح محافظ شمال سيناء، اللواء عبد الفتاح حرحور، لدى استقباله الصحفيين، أن القيود المفروضة على الوقود تهدف إلى “تقليل تحركات الإرهابيين”، الذين يستخدمون سيارات الدفع الرباعي والدراجات البخارية في تنقلاتهم.
وأكد أن تخفيف القيود الأمنية ترافق مع خطة لتنمية شمال سيناء تنفذها السلطات، وتهدف إلى تحسين الخدمات في مجالات الصحة والإسكان والتعليم وتطوير قطاعي الصناعة والحرف اليدوية.
في سوق الخضار، يعبر باسم، وهو شاب في الخامسة والعشرين من عمره يبيع الخضراوات، عن ارتياحه لعودة الحركة إلى السوق.
ويقول “أصبحت السلع متوفرة منذ شهر رمضان (منتصف مايو/أيار) ولكنها تصل أحيانا متأخرة بسبب التفتيش عند الحواجز على الطريق” الرئيسية المؤدية إلى العريش.
“لا طوابير”
وتقول الطالبة عبير في كلية التربية، التي أنهت مثل زميلتها لتوها أحد امتحانات نهاية العام لدى خروجها من جامعة العريش، “مع عودة الدراسة، عادت وسائل المواصلات العامة ولم تعد هناك طوابير تنتظر للحصول على مواد غذائية كما كان الأمر” من قبل.
ويبدي الطالب محمد علي (22 سنة) سعادته بإمكانية التوجه إلى البحر بعد طول انقطاع.
ويقول “عند بدء العملية الشاملة كان هناك تضييق وكان الخروج من المنزل صعبا وأغلقت أماكن كثيرة مثل شاطئ البحر، الآن كل السلع متوفرة وأصبح بإمكاننا الذهاب إلى البحر، وهو متنفسنا الأساسي”.
وتمت الشهر الماضي إعادة فتح حمام السباحة الأولمبي في المدينة، وكان صبية وفتيات تتراوح أعمارهم بين السادسة والعاشرة يتدربون فيه على السباحة.
وأكدت سالي الحسيني، المسؤولة عن الأنشطة الرياضية في نادي العريش، أن “الحياة بدأت تدبّ تدريجياـ سنحتاج إلى وقت لكي تعود العريش إلى ما كانت عليه ولكنني متفائلة، ونحن باقون فيها لأننا نحبها”.
